ما يتعلقُ بسُننِ الإحرامِ: ثمةَ سننٌ أولها أنهُ يسَنُّ لمَن أرادَ الإحرامَ أنْ يتجردَ مِن لباسِه وأنْ يغتسلَ، لِما جاءَ في السنةِ النبويةِ مِن أمرِ النبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أسماءَ بنتَ عُميسٍ بالاغتسالِ، وكانَتْ قد نُفِسَتْ، ولدَتْ محمدَ بنَ أبي بكرٍ، رضيَ اللهُ تعالَى عنهُما في حجةِ الوداعِ في الميقاتِ، فسألَتِ النبيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأمرَها النبيُّ أنْ تغتسلَ وأنْ تستتِرَ بثوبٍ.
وأمرَ بهِ -أي الغسلُ- عائشةَ -رضيَ اللهُ تعالَى عَنها- أيضًا لمَّا حاضَتْ بسرف، وكانَتْ قدْ أحرمَتْ بالعمرةِ، ثُم إنها حاضَتْ فضاقَ خاطرُها وصدرُها أنْ حاضَتْ، وتمنَّتْ أنْ لن تكونَ قدْ حجَّتْ تلكَ السنةَ، فسكَّنَها رسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقالَ:«إنَّ هَذا أمرٌ كتَبَه اللهُ على بناتِ آدمَ» ثُم قالَ لها «انقُضي شعرَكِ وامتَشِطي واغتَسِلي»، فأمرَها بالاغتسالِ لتدخلَ في الحجِّ، «ودَعي عمرتَكِ وأحرِمي بالحجِّ» فأمرَها -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- أنْ تدخلَ الحجَّ على العمرةِ وشرعَ لها الاغتسالَ لذلكَ.
الثالثُ: أنهُ جاءَ عنهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنهُ اغتسلَ لإحرامِه كما في حديثِ زيدِ بنِ ثابتِ الذي ذكرْتُ أنهُ أخبرَ أنَّ النبيَّ تجردَ لإهلالِه واغتسلَ.
والغُسلُ المشروعُ للإحرامِ هوَ الغسلُ الذي يكونُ للجمعةِ، الذي يبتدئُ بالوضوءِ، ثُم بإفاضةِ الماءِ على سائرِ البدنِ، هَذا هوَ السُّنةُ الأولَى المتعلقةُ بالإحرامِ، أنْ يغتسلَ المحرمُ قبلَ إحرامِه وذلكَ للتطيُّبِ.