المحظورُ الذي تختصُّ بهِ النساءُ دونَ الرجالِ جاءَ في حديثِ ابنِ عمرَ: أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- ذكرَ فقالَ:« لا تنتقبِ المرأةُ المحرمةُ »؛ وفي روايةِ الترمذيِّ:«لا تنتقبِ المرأةُ الحرامُ ولا تلبسُ القُفازَينِ ».
فما تُمنَعُ منهُ المرأةُ على وجهِ الخصوصِ أيضًا يتعلقُ باللباسِ، لاحظْ أنَّ الخاصَّ بالرجالِ والخاصَّ بالنساءِ شيءٌ يتعلقُ باللباسِ، وليسَ في غيرِه مِن محظوراتِ الإحرامِ التي يشتركُ فيها الرجالُ والنساءُ.
النقابُ: كلُّ ما فُصِّلَ على الوجهِ مما فيهِ ثقبٌ للعينِ يسمَّى نقابًا، فتُمنَعُ منهُ المرأةُ بنصِّ حديثِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وهلْ هَذا يَعني أنَّ المرأةَ تكشفُ وجهَها عندَ الرجالِ الأجانبِ؟
الجوابُ: لا، دليلُ ذلكَ ما جاءَ في سننِ أبي داودَ، وغيرُه مِن حديثِ عائشةَ -رضيَ اللهُ تعالَى عَنها-: أنها قالَتْ : كانَ الركبُ يمرونَ بِنا ونحنُ معُ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فتُسدِلُ إحدانا مِن جلبابِها على وجهِها حتى إذا حازوا بِنا سدلَتْ إحدانا مِن جلبابِها على وجهِها، فإذا جازوا كشَفْناهُ» إذا جازوا يَعني: مَرُّوا، كشفناهُ.
فدلَّ ذلكَ على أنَّ المرأةَ ليسَتْ ممنوعةً مِن أنْ تستُرَ وجهَها في الإحرامِ، إنما هيَ ممنوعةٌ مِن لباسٍ خاصٍّ، تمامًا مثلَ الرجلِ، الرجلُ ممنوعٌ مِن لباسٍ خاصٍّ، ليسَ ممنوعًا مِنْ أنْ يسترَ ما يجبُ سَترُه مِن عورتِه أو مِن سائرِ بدنِه.
فكونُ النصِّ جاءَ بمنعِ لباسٍ معينٍ لا يدلُّ على وجوبِ الكشفِ وعدمِ السترِ، بلْ دلتِ النصوصُ على أنه يُستَرُ الوجهُ عَنِ الرجالِ الأجانبِ بما يكونُ مِنَ الساترِ غيرُ النقابِ.
أما ما يتعلقُ بقولِ العلماءِ إنَّ المرأةَ إحرامُها في وجهِها، والرجلُ إحرامُه في رأسِه فهذا ليسَ دقيقًا؛ لأنَّ إحرامَ المرأةِ في وجهِها هوَ فيما يتعلقُ بالنقابِ فقطْ، وأما ما عَدا ذلكَ مما يُستَرُ بها أوجهُ النساءِ فلا تمنعُ منهُ حتى ولو كانَ مما يلتصقُ بالوجهِ.
كذلكَ فيما يتعلقُ بالقُفازَيْنِ: هذا مما تمنَعُ منهُ المرأةُ المُحرِمةُ،فإنها تمنَعُ مِن لُبسِ القفازَينِ، وهوَ ما فصِّلَ لسترِ اليدَينِ، لا فرقَ بينَ أنْ يكونَ القفازُ مِن قماشٍ أو أنْ يكونَ مِن بلاستك، أو أنْ يكونَ مِن أيِّ مادةٍ مِنَ الموادِ التي تُفصَّلُ لليدَينِ.
ولكِنْ هلْ يَعني هَذا أنهُ لا يجوزُ لها أنْ تستُرَه بملاءَتِها؟ لا، تسترُه، هذه اليدُ الآنَ يمكنُ سترُها بالقفازِ، ويمكنُ أنْ تسترَها بالعباءةِ والملاءةِ التي تلبَسُها المرأةُ.
إذًا: انتَهينا الآنَ مِنَ التصورِ الإجماليِّ لِما يكونُ مِنَ المحظوراتِ الممنوعةِ في وقتِ الإحرامِ.