×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

زاد الحاج والمعتمر / يوم عرفة / باب صوم يوم عرفة

مشاركة هذه الفقرة Facebook Twitter AddThis

تاريخ النشر:30 ذو القعدة 1441 هـ - الموافق 21 يوليو 2020 م | المشاهدات:3112

ساقَ بإسنادٍ إيضًا عَن حارِثةَ بنِ وهبٍ الخُزاعيِّ قالَ: صَلَّى بِنا النبيُّ –صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- ونحنُ أكثرُ ما كُنا قطُّ وآمَنُه، ونحن كنا أكثر ما كنا قط وآمنه، أي: أنهُ صلَّى -صلواتُ اللهِ وسلامُه عَلَيهِ- قصرًا حالَ سفَرِه معَ الأمنِ والآيةُ قيَّدَتِ القصرَ بأمرَيْنِ: قالَ –تعالَى-: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ﴾(1)، الضربُ في الأرضِ هوَ: السفرُ، لكِن ذلكَ مقيَّدٌ بشرطٍ آخرَ: ﴿ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾(1)، فجعلَ هذهِ الرخصةَ في حالِ الخوفِ مِن أذيَّةِ المشرِكينَ والكفارِ، لكنْ هَذا القيدُ زالَ، ولهَذا بيَّنَ حارثةُ بنُ وهبٍ –رضيَ اللهُ عنهُ- أنَّ النبيَّ صَلَّى في مِنًى في أكبرِ جمعٍ شهِدَه -صلواتُ الله وسلامُه عَلَيهِ- وفي آمَنِ جمعٍ، فإنهُ آمِنٌ تمامَ الأمنِ؛ ولذلكَ قالَ صلَّى بِنا رسولُ اللهِ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- ونحنُ أكثرُ ما كُنا قطُّ  وآمنُه بمِنًى ركعَتَينِ، فدلَّ ذلكَ عَلَى أنَّ القصرَ ليسَ شرطُه الخوفَ؛ بلْ شرطُه السفرُ، القصرُ في الصلاةِ هوَ رخصةٌ في حقِّ المسافرِ ولو لم يكُنْ خائفًا، وقدْ جاءَ ذلكَ في الصحيحِ مِنْ حديثِ أعلَى بنِ أميةَ: أنهُ قالَ لعُمرَ بنِ الخطابِ –رضِيَ اللهُ تعالَى عنهُ-: ما بالُنا نُقصِرُ وقدْ أمِنَّا –يعني- ليش نحنُ نقصرُ وقدْ حصلَ الأمنُ، واللهُ تعالى إنما أذِنَ بالقصرِ إذا كانَ خوفٌ في قولِه: ﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾(1)، فقالَ سألْتُ عَن هذا رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- أي: ما استشكلْتَه وقعَ عِندي وسألتُ عنهُ النبيَّ -صَلواتُ اللهِ وسلامُه عَلَيهِ- فقالَ: «هيَ صدقةٌ تصدَّقَ اللهُ بها علَى عبادِه»، يَعني: القصرَ أصبحَ رخصةً وصدقةً مِنَ اللهِ تعالَى عَلَى عبادِه في حالِ السفرِ ولو لم يكُنْ خوفٌ، ثُم ساقَ بإسنادٍ عَن عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ عَن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ قالَ: صلَّيْتُ معَ النبيِّ –صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- ركعتَينِ –يعني- في المناسكِ، ومعَ أبي بكرٍ ركعَتينِ –يعني- في المناسكِ يقصدُ القصرَ، ومعَ عُمرَ ركعتينِ –يعني- في المناسكِ، استدلالُه علَى أنَّ السنةَ في الصلاةِ أنَّها تُقصَرُ، استدلَّ بهِ بفعلِ النبيِّ –صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- وهوَ الأصلُ، ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾(2)، فلِماذا  ذكرَ أبا بكرٍ وعُمرَ رضيَ اللهُ تعالَى عَنهُم؟ ذكرَ أبا بكرٍ وعمرَ لعظيمِ مكانَتِهما في الإسلامِ، فهُما وَزيرا رسولِ اللهِ وخَليفَتاهُ، وضجيعاهُ في قبرِه –صلواتُ اللهِ وسلامُه عَلَيهِ-، فمنزلةُ أبي بكرٍ وعُمرَ منزلةٌ عاليةٌ، بالإضافةِ إلى أنهُما خُصَّا بأنَّ لهُما سنةً مُتبعةً، فقدْ قالَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-: «اقتَدوا باللذَيْنِ مِن بَعدي، أبي بكرٍ وعُمرَ»، وقالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-: «عليكُم بسُنَّتي وسنةِ الخلفاءِ الراشِدينَ المَهديينَ مِن بَعدي، عَضُّوا عَلَيها بالنواجِذِ»، والإجماعُ منعقِدٌ أنَّ سُنةَ الخلفاءِ الراشدينِ مقدمَةٌ فيها سنةُ أبي بكرٍ وسنةُ عُمرَ -رضيَ اللهُ تعالى عَنهُما- ثُم سنةُ عثمانَ وعليٍّ -رضيَ اللهُ تعالى عَنهُم جميعًا-، فالمقصودُ أنَّ ذِكرَ أبي بكرٍ وعُمرَ هُو لبيانِ منزلَتِهما إضافةً إلى معنًى آخرَ وهوَ: أنَّ أبا بكرٍ وعمرَ لمَّا عمِلَا بهَذا دلَّ ذلكَ عَلَى أنَّ القصرَ ليسَ منسوخًا؛ أنَّ القصرَ ليسَ منسوخًا؛ بلْ هوَ باقٍ ودليلُ بقائِه عمَلُ خلفائِه -رضيَ اللهُ تعالَى عنهُم- بهذهِ السُّنةِ بعدَ موتِه، وهَذا ما أرادَ -رضيَ اللهُ تعالَى عنهُ-، ثُم قالَ: ثُم تفرَّقَتْ بكُمُ الطرقُ، يشيرُ بذلكَ إلى اجتهادٍ اجتَهَده عثمانُ –رضيَ اللهُ تعالَى عَنهُ- فإنهُ بعدَ مدةٍ مِن خلافَتِه ارتَأَى-رضيَ اللهُ تعالَى عنهُ- أنْ يُتِمَّ، وأنَّ المشقةَ التي كانَتْ موجبةً للقصرِ زالَتْ، فرأَى الإتمامَ رضيَ اللهُ تعالَى عنهُ، وقدْ خالَفَه في ذلكَ جماعةٌ مِنَ الصحابةِ مِنهُم عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ؛ لكنهُ مَعَ مُخالَفتِه لعثمانَ في مشروعيةِ الإتمامِ إلَّا أنهُ وافقَه في العملِ، فقيلَ لهُ يا أبا عبدَ الرحمنِ: تُنكِرُ علَى عثمانَ إتمامَه وتُوافِقُه، قالَ: الخلافُ شرٌّ.
هَذا الفقهُ، الخلافُ شرٌّ أي: كَوني أخرجُ عَن مُتابَعتِه، وهوَ الإمامُ المقتدَى بهِ الذي تجتمعُ عَلَيهِ الناسُ يترتبُ علَيهِ مِنَ المفسَدةِ أعظمُ مِن مصلحةِ أنْ تُقصِرَ الصلاةَ ركعتَينِ، ولهَذا قالَ: ثُم تفرقَتْ بكمُ الطرقُ أي: اختلفْتُم فمِنكم مَنْ يُتِمُّ ومِنكم مَن يُقصِرُ، فيالَيْتَ حَظي –هَذا مِن كلامِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ- ياليتَ حَظي مِن أربعِ ركعاتٍ ركعتانِ مُتقبِّلتانِ، ليتَني أخرجُ مِن هذهِ الأربعةِ بركعتَينِ قبِلَهمُ اللهُ فمَن قبِلَه اللهُ فهوَ الفائزُ، هذا الحديثُ فيهِ مِنَ الفوائدِ: فقهُ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ -رضيَ اللهُ تعالى عنهُ- وفيهُ لزومُ أبي بكرٍ وعُمرَ –رضيَ اللهُ عنهَمُا- سنةَ رسولِ اللهِ –صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- في القصرِ، وأنَّ القصرَ لم  يُنسَخْ، وأنهُ سُنةٌ باقيةٌ، وفيهِ أنَّ السنةَ في حقِّ أهلِ مِنًى أنْ يُقصِروا الصلاةَ مدةَ إقامَتِهم فيها، وهُنا مسألةٌ اختلَفَ فيها العلماءُ في ما يتعلقُ بالمكيِّ، هلْ يقصرُ في مِنًى أو لا؟ فهذهِ المسائلُ اختلفَ فيها العلماءُ بناءً علَى أنَّ مكةَ اتصلتِ الآنَ في الزمنِ المعاصرِ بمِنًى؛ حيثُ أنها أحاطَتْ بها مِنَ الجهاتِ لا يفصِلُ بينَها إلَّا جبلٌ في جهةٍ، وأمَّا الجهةُ الأُخرَى فهيَ مفتوحةٌ مِن جهةِ العقبةِ مفتوحةٌ على مِنًى، فهلْ هَذا يعدُّ سفَرًا؟
للعلماءِ في ذلكَ قولانِ، أكثرُ أهلِ العلمِ على أنهُ لا يقصِرُ المكيُّ؛ وذلكَ لعدمِ وجودِ السفرِ واللهُ تعالى أعلمُ؛ أنهُ إذا قصرَ المكيُّ في منًى فإنَّ قصرَه صحيحٌ؛ لأنَّ منًى وإن كانَتْ قدْ قرُبتْ مِنها مكةُ إلَّا أنها متميزةٌ عَن مكةَ ليسَتْ مِنها، فهيَ خارجةٌ عَن مكةَ وإنْ كانَتْ متصلةً بها مِن حيثُ قربُ المكانِ وامتدادُ البنيانِ، ومَن أرادَ العملَ بالأحوطِ والإتمامَ فذاكَ خيرٌ، لكنْ مَن قصرَ فصلاتُه صحيحةٌ فيما يظهرُ واللهُ تعالَى أعلمُ.
المذيعُ:
ساقَ بإسنادِه عنْ أمِّ الفضلِ -رضيَ اللهُ عَنْها- قالَتْ: شكَّ الناسُ يومَ عرفةَ في صومِ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- فبعثتُ إلى النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- بشرابٍ فشرِبَه.
الشيخُ:
بابُ صومِ يومِ عرفةَ، معلومٌ أنَّ يومَ عرفةَ يومٌ عظيمٌ، مِن حيثُ فضلُه وعظيمُ أجرِه، مِن فضلِ هَذا اليومِ: أنهُ يومٌ يكثُرُ فيهِ عِتقُ اللهِ –تعالى- لعبادِه مِنَ النارِ؛ فقدْ جاءَ في صحيحِ الإمامِ مسلمٍ مِن حديثِ عائشةَ -رضيَ اللهُ تعالى عَنْها- أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- قالَ: «ما مِن يومٍ أكثرَ مِن أنْ يُعتِقَ فيهِ اللهُ تعالى عبدًا مِنَ النارِ مِن يومِ عرفةَ»، وهَذا ليسَ خاصًّا بأهلِ الموقفِ؛ بلْ هوَ عامٌّ للناسِ في أهلِ عرفةَ وفي مَن جاءَ عرفةَ ومَن لم يأتِ عرفةَ؛ لكِن أهلُ عرفةَ أجدرُ الناسِ بتحصيلِ هذهِ الفضيلةِ؛ ولذلكَ جاءَ في الحديثِ نفسِه أنَّ اللهَ تعالى يَدنوا مِن أهلِ الموقفِ، ينزلُ إلى السماءِ الدنيا -جلَّ في عُلاه- نزولًا يليقُ بذاتِه، لا نقولُ كيفَ؟ كلُّ صفاتِ اللهِ لا تقلْ فيها كيفَ؟ بلْ نزولٌ يليقُ بهِ عَلَى الوجهِ الذي يليقُ بهِ، فنحنُ لا نعلمُ كيفَ هوَ حتى نكيفَ صفاتِه، بلْ ليسَ كمثلِه شئٌ وهوَ السميعُ البصيرُ، كلُّ ما أخبرتَ عَنِ اللهِ فلا تقُلْ فيهِ كيفَ، فشأنُه أعظمُ مِن أنْ تُدركَه عقولُنا ، ليسَ كمِثلِه شئٌ وهوَ السميعُ البصيرُ، لكنْ هَذا لا يَعني أنْ نحرِّفَ ونأولَ ونغيرَ النصوصَ عَن ظاهرِها، بلِ الواجبُ إمضاءُ النصوصِ على ما تكلمَ به اللهُ -جلَّ وعَلا- في كتبِه وعلى ما أخبرَ بهِ رسولَه -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- فنُثبِتُ لهُ نزولًا يليقُ بهِ-جلَّ في عُلاه- ينزلُ إلى السماءِ الدنيا، فيُباهي –جلَّ في عُلاه- بأهلِ الموقفِ يُباهي بهمُ الملائكةَ، أي: يُظهِرُ فضلَهم، معنَى المباهاةِ أنهُ يظهرُ فضلَهم ويبرزُ مكانَتَهم عندَ الملائكةِ، ولماذا عندَ الملائكةِ؟ لأنَّ الملائكةَ أعظمُ خلقِ اللهِ عبوديةً لهُ، فيقولُ لهم هؤلاءِ الذينَ جاءوا إلى هَذا الموقفِ وحضَروا هَذا الموقفَ عندَهم مِنَ العبادةِ ما يستحقُّ الإشادةَ، فيُباهي بهمُ الملائكةَ، يُثني عَلَيهم ويذكُرُهم –جلَّ في عُلاه- لعظيمِ مَنزلتِهم وكبيرِ تقرُّبِهم وصنعِهم، حيثُ جاءوا وترَكوا أهلِيهم، وبلدانَهم، وعرَّضوا أنفُسَهم للأخطارِ؛ يَرجون ما عندَ العزيزِ الغفارِ -جلَّ في عُلاه سُبحانَه وبحمدِه- ولذلكَ يُباهي بهمُ الملائكةَ، يقولُ: ما أرادَ هؤلاءِ؟ استمعْ، أيُّ شيءٍ جاءَ بِهِم؟ ماذا يُريدون؟ إنهُم يريدونَ مغفرتَه، ويريدون رحمتَه، وليَبشِروا بذلكَ إذا صَدَقوا في الإقبالِ على اللهِ فقدْ قالَ -صلواتُ اللهِ عَلَيهِ وسَلَّمَ-: «مَن حجَّ فلم يرفُثْ ولم يفسُقْ رجَعَ كيومِ ولدَتْه أمُّه»، هَذا في التخلِّي مِنَ الخَطايا والسيئاتِ، وأما في الجانبِ الآخرِ في الفوزِ بالرحمةِ فقدْ قالَ -صلواتُ اللهِ وسلامُه عَلَيهِ-: «الحجُّ المبرورُ ليسَ لهُ جزاءٌ إلَّا الجنةُ»، وهَذا فضلٌ عظيمٌ، ما أرادَ هؤلاءِ؟ -يعني- كل ما أرادوهُ فهوَ لهم، كلُّ ما طَلَبوه وسألوهُ فسَأعطيهم إياهُ، وهَذا كلامُ مَن؟ كلامُ مَن بيدِه مَلكوتُ كلِّ شيءٍ، كلامُ الذي إنما أمرُه إذا أرادَ شيئًا أنْ يقولَ لهُ كنْ فيكونُ، ومثلُ هَذا يحفِّزُ النفوسَ ويرغِّبُها، يشحذُ الهممَ إلى اغتنامِ لحظاتِ وثواني ذلكَ الموقفِ، وكلُّنا ذو حاجةٍ، ما مِن أحدٍ إلَّا ولهُ حاجاتٌ، وهَذا موقفٌ عظيمٌ يقولُ فيهِ: ما أرادَ هؤلاءِ؟، يقولُ الكريمُ المنانُ العظيمُ الرحمنُ: ما أرادَ هؤلاءِ؟، فينبَغي لنا أنْ نحرصَ على ألَّا نفوِّتَ هذا الموقفَ العظيمَ بسؤالِ اللهِ ودعائِه، هَذا جملةٌ مما خُصَّ بهِ اليومُ.
ومما يخصُّ الحجاجَ في فضلِ هَذا اليومِ أنهُ:
يومُ الركنِ الأعظمِ مِن أركانِ الحجِّ فإنهُ مَن فاتَه هَذا اليومَ؛ لا حجَّ لهُ، لقولِه -صلواتُ اللهِ وسَلامُه عَلَيهِ-: «الحجُّ عرفةَ»، ومِن فضائلِ هَذا اليومِ لعمومِ المسلمينَ: أنَّ مَن صامَ يومَ عرفةَ كفرَ اللهُ بهِ سنتَينِ، جاءَ ذلكَ في ما رواهُ مسلمٌ في صحيحِه مِن حديثِ أبي قتادةَ؛ قالَ -صلواتُ اللهِ وسَلامُه عَلَيهِ- في يومِ عرفةَ: «أحتسبُ على اللهِ أنْ يكفرَ السنةَ التي قبلَه والسنةَ التي بعدَه»، وهذا فضلٌ عظيمٌ، مَن يُعرَضُ علَيهِ مثلُ هَذا الفضلِ في صيامِ يومٍ ويشُحُّ علَى نفسِه، ويبخلُ على نفسِه، لا شكَّ أنهُ فضلٌ عظيمٌ.
 لكنِ السؤالُ: هلْ هذا الفضلُ أيضًا يشاركُ فيهِ أهلُ الموقفِ غيرَهم؟
الجوابُ: أهلُ الموقفِ لهم ما هوَ أعظمُ؛ ليسَ مغفرةَ سنتَينِ، بلْ مغفرةُ كلِّ ما كانَ في سالفِ العهدِ، وسابقِ الزمانِ فإنهُ «مَن حجَّ فلم يرفُثْ ولم يفسُقْ رجَعَ كيَومِ ولدَتْه أمُّه»، عطاءٌ عظيمٌ ولذلكَ لم يُنقَلُ عنِ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- أنهُ ندَبَ إلى صومِ هَذا اليومِ في عرفةَ، بلْ لمَّا شكَّ الناسُ كما في ما رواهُ سالمٌ عنْ عميرٍ مولَى عبدِ اللهِ ابنِ عباسٍ قالَ: شكَّ الناسُ يومَ عرفةَ في صومِ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-هلْ صامَ أم لم يصُمْ؟، فبعثتُ إلى النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- أمُّ الفضلِ(أمُّ عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ): بعثتُ إلى النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-بشرابٍ؛ فشَرِبه –صلوات اللهُ وسلامُه عَلَيهِ- شرِبَه بينَ الناسِ، ورَأَوه، فدلَّ ذلكَ عَلَى أنهُ لم يكُنْ صائمًا.
وقدْ جاءَ في سننِ أبي داوودَ وغيرِهم مِن حديثِ أبي هُريرَةَ: أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- نَهَى عَن صومِ عرفةَ يومَ عرفةَ، نهَى عنْ صومِ عرفةَ في عرفةَ، وذلكَ لاشتغالِ الناسِ بالطاعةِ والعبادةِ، لكنْ هذا الحديثُ حديثُ النهيِ لا يصحُّ إسنادُه؛ إسنادُه ضعيفٌ، إنما الحجةُ في أنَّ السُّنةَ ألَّا  يصومَ الحاجُّ: هوَ فِعلُه –صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِه وسَلَّمَ- ولو كانَ خيرًا لسابقَ إلَيهِ، لكنهُ لم يصُمْ –صلواتُ اللهِ وسَلامُه عَلَيهِ- اشتغالًا بالطاعةِ والعبادةِ، وإقبالًا على اللهِ -عزَّ وجلَّ-، فلا يشرَعُ لمَن كانَ مِنَ الحجاجِ؛ لا يُسَنُّ لمَن كانَ مِنَ الحجاجِ أنْ يصومَ، بلْ ينبَغي لهُ أنْ يوفِّرَ نفسَه على الطاعةِ، والذكرِ، وخيرُ الهَدْيُ هديُ محمدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94836 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات90495 )

مواد مقترحة

434. Jealousy
8183. مقدمة.
8242. مقدمة
12238.