×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

رمضانيات / برامج رمضانية / ادعوني أستجب لكم / الحلقة (4) أجيب دعوة الداعي

مشاركة هذه الفقرة Facebook Twitter AddThis

تاريخ النشر:22 رمضان 1441 هـ - الموافق 15 مايو 2020 م | المشاهدات:2979

الحَمدُ للهِ حَمْداً كَثِيراً طيِّباً مُباركاً فِيهِ، الحمْدُ للهِ مِلْءَ السَّماءِ وَالأَرْضِ، وَمِلْءَ ما شاءَ مِنْ شَيْءٍ بَعْد، الحَمْدِ للهِ حَمْداً يَمْلَأُ الميزانَ، الحمْدُ للهِ حمْداً يُكافِئُ عظِيمَ إِحْسانِهِ، وَيُظْهرُ عَظِيمَ جَلالِهِ، لَهُ الحَمْدُ كُلُّهُ، أَوَّلُهُ وآخِرُهُ، لا أُحْصِي ثَناءً عَلَيْهِ هُوَ كَما أَثْنَى عَلَى نَفْسِه، وَأَشْهدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، إِلَهٌ عَظَيمٌ جَلِيلٌ، لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُاللهِ وَرَسُولُهُ، أَخْرَجَنا اللهُ تَعالَى بِهِ مِنَ الظُّلَماتِ إِلَى النُّورِ، وَدَلَّنا بِهِ إِلَى كُلِّ خَيْرٍ، وَحذَّرَنا بِهِ مِنْ كُلِّ شَرٍّ، حَتَّى تَرَكَنا عَلَى مَحَجَّةٍ بَيْضاءَ، سَبيلٍ بيَّنٍ واضِحٍ لا يَزيغُ عَنْهُ إِلَّا هالِكٌ، فَصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ، وَاقْتَفَى أثَرَهُ بإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بعْدُ:
فأَهْلاً وَسَهْلاً وَمَرْحَباً بِكُمْ .. أَيُّها الإِخْوَةُ وَالأَخَواتُ .. في هَذِهِ الحلَقَةِ مِنْ بَرْنامجكُمْ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ  غافر:60  هَكذا أَمَرَنا اللهُ، وَهَكَذا وَعَدَنا، وَهُوَ الَّذي لا يُخْلِفُ الميعادَ ـ جلَّ في عُلاهُ ـ أَمَرَنا اللهُ بِدُعائِهِ، فَلْنُخْلِصْ لَهُ الدُّعاءَ، وَلْنفرِدَهُ بالعبادَةِ، فَلا نَصْرِفْها إِلَى غَيْرِهِ، فَكُلُّ مَنْ دَعا غَيْرَ اللهِ فَإِنَّهُ عائِدٌ بِالخَسارِ، وَسُوءِ الحالِ وَالمآلِ، يَقُولُ اللهُ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ: ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ ثُمَّ يَقُولُ في العُقُوبَةِ وَالحكم: ﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ  المؤمنون:117  فمن دَعا غَيْرَ اللهِ، وَسَأَلَ سِواهُ، وأَنْزَلَ الحاجَةَ بِغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ كافِرٌ لِقَوْلِهِ: ﴿إنهُ لا يفلحُ الكافرون﴾ وَهُو خاسرٌ لَنْ يُدْرِكَ نَجاحاً.
فالفَلاحُ: هُوَ إِدْراكُ المطالِبِ، وَالأَمْنِ مِنَ المخاوِفِ، وَذَلِكَ حقُّ مَنْ عَبَدَ اللهَ وحْدَهُ، وَدعاهُ دُونَ ما سِواهُ. لهذا مِنْ حَقِّ اللهِ عَلَيْنا أَنْ لا نَدْعُوا غَيْرَهُ، وَأَلَّا نَتَوَجَّهَ بِقُلُوبِنا وَلا بألسِنَتِنا إِلَى سواهُ، فَلا يغرنَّكُمْ أُولَئِكَ الَّذينَ يُزيِّنُونَ عِبادةَ غَيْرِ اللهِ بِدُعائِهِ سِواهُ، فَيطْلُبونَ المددَ، والعونَ مِنْ أَمْواتٍ لا يملِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ ضَراً، وَلا نفْعا، كَما قالَ ـ جلَّ وَعَلا ـ: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ  الأَحْقاف:5  لوْ ضلَّ يَدْعُو هذا الميِّتُ إِلَى يَوْمِ القِيامَةِ لا يَسْتجيبُ لَهُ، لأَنَّهُ لا يَعْلَمُ بِهِ، ولَوْ عَلِمَ لَيْسَ عندهُ القُدْرَةُ، وإِنَّما يُسأَلَ، وَتُنزلُ الحاجةُ بِالغِنَي، بِالملكِ، بِالقَدِيرِ الَّذي: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ  يس:82  سُبحانَهُ وَبِحَمْدِه، وَلِذَلِكَ يَقُولُ اللهُ ـ تَعالَى ـ: ﴿وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ﴾ وَإِذا حَصَلَ وَدَعا غَيْرَ اللهِ: ﴿فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ  يونس:106  وَإِنَّما وَقَعَ الظُّلْمَ هُنا، لأَنَّهُ وَقَعَ في الشَّرْكِ، وَقَدْ قالَ اللهُ ـ تَعالَى ـ: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ  لقمان:13  هذهِ مَعاني مُهِمَّةٌ يَنْبَغِي لِلمُؤْمِنِ أَنْ يُدْركَها في تَحْقِيقِ ما أَمرَ اللهُ ـ تَعالَى ـ بِهِ مِنْ دُعاءِهِ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي  غافر:60  ثُمَّ بَعْدَ أَمْرِهِ بِدُعاءِهِ، دُعاءَ الرِّقِّ، وَالعِبادةِ، وَالإِخْباتِ، وَالإِقْبالِ بِأنْواعِ العِباداتِ، وَالطَّاعاتِ، وَدُعاءِ المسْأَلَةِ الَّتي يُفردُ بِها دُونَ ما سِواهُ، فَلا يُسْأَلُ غَيْرُ اللهِ ـ عزَّ وَجَلَّ ـ: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا  الجن:18  مَنْ حَقَّقَ هَذا وذاكَ، حَقَّقَ الدُّعاءَ للهِ ـ عزَّ وَجَلَّ ـ بِعِبادَتِهِ، وَحَقَّقَ الدُّعاءَ للهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِإِفْرادِ العِبادَةِ لهُ، وإفرادِ السُّؤالِ لَهُ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ عِنْدَ ذَلِكَ لِيَنْتَظِرَ الجوابَ، لِيَنْتَظِرَ العَطاءَ، لِيَنْتَظِرَ الفَضْلَ، فَقَدْ قالَ اللهُ في وَعْدِهِ لمنْ دَعاهُ أَسْتَجِبْ لَهُ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ أَيْ ادْعُوني أُجِبْكُمْ إِلَى ما أَمَّلْتُمْ مِنَ الدُّعاءِ، وَهَذا الوعْدُ لَيْسَ مَقْصُوراً عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، وَلا عَلَى هَذا الموْضِعِ في هِذِهِ الآيَةِ، بَلْ في مَواضِعَ عديدَةٍ، بَشرَّ اللهُ بِالإجابَةِ، يَقُولُ اللهُ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ  البقرة:186  فكلُّ مَن دَعا اللهَ عزَّ وَجَلَّ، فَهُوَ مَوْعُودٌ بِالإجابَةِ، فَكُلُّ مَنْ قالَ في دُعاءِ مَسْأَلَةٍ: يا رَبُّ، أوْ كُلُّ مَنْ فَعَلَ عِبادَةً في دُعاءِ العِبادَةِ، فَإِنَّهُ سَيَجِدُ مِنَ اللهِ جَواباً يَسْتَبْشِرُ بِهِ، ويُسَرُّ بِهِ، فَلا يِخيبُ مَنَ عامَلَ اللهَ، لا خَيْبَةَ، وَلا خَسارَةَ لمنْ صَدَقَ في مُعامَلَةِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بَلْ الفَلاحُ كُلُّهُ في طاعَتِهِ، الفَلاحُ كُلُّهُ في عِبادَتِهِ، الفَلاحُ كُلُّهُ في التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ جَلَّ وَعَلا.
عَلِمْنا أَنَّ العِبادَةَ المأْمُورَ بِها تَشْمَلُ دُعاءَ العِبادَةِ وَدُعاءَ المسْأَلَةِ، دُعاءُ العِبادَةِ الصَّلاةُ، وَالصُّوْمُ، وَالزكاةُ، وَالحجُّ، وَسائِرُ العِبادَاتِ الظَّاهِرَةِ، وَالباطِنَةِ، هَذا دُعاءٌ، لأَنَّهُ لا أَحَدَ يفْعَلُ هَذِهِ الأَعْمالُ إِلَّا وَيَرْجُو النَّوالَ مِنَ اللهِ، يَرْجُو الجنةَ، لماذا يصَلِّي؟ يُصَلِّي يَرْجُو الجنَّةَ، لماذا نُزكِّي؟ لماذا نَصُومُ؟ لماذا نَحُج؟ لماذا نُحْسِنُ إِلَى الخلْقِ؟ نَرْجُو خَيْرَ الدُّنيا وَالآخرَةِ، فَمَنْ أَطاعَ اللهَ ـ تَعالَى ـ بِدُعاءِهِ دُعاءَ عِبادَةٍ، أَوْ أطاعَ اللهَ ـ تَعالَى ـ بِدُعاءِهِ دُعاءَ مَسْأَلَةٍ، وَطَلَبٍ، فَإِنَّهُ لا بُدَّ أَنْ يُدْرِكَ إِجابةً، فَهَذا وْعدُ اللهِ الَّذي لا يُخْلِفُه، كَما قالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ وَكَما قالَ: ﴿فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ فَكُلُّ مَنْ سَأَلَ اللهَ ـ عزَّ وجَلَّ ـ لا بُدَّ أَنْ يَجِدَ الجَوابَ، وَكُلُّ مَنْ عَبَدَ الله ـ عزّ وجل ـ لن يخيب.
نأْتِي إِلَى بَيانِ شَيْءٍ مِنَ الإِجابَةِ في العِبادَةِ، وَشَيْءٍ مِنَ الإِجابةِ في المسْأَلَةِ، حَتَّى تَتَّضِحَ الصُّورَةُ، أَيُّها الإِخْوَةُ والأَخَواتُ.. الدُّعاءُ نَوْعانِ كَما تقدَّمِ، وَاتَّضَحَ فِيما سبقَ:
النوعُ الأَولُّ: دُعاءُ العِبادَةُ.
النَّوعُ الثَّاني: دُعاءُ المسْأَلَةُ.
وَهَذا شَيْءٌ وَاضِحٌ بِالأَدِلَّةِ كَما تَقَدَّمَ، وَهُوَ داخِلٌ فِيما أَمرَ اللهُ ـ تَعالَى ـ بِهِ، لماذا نُكَرّرُ هَذا الكَلامَ؟ أَنْ نَذْكُرَهُ؟ وَ نُذَكِّرَ بِهِ؟ لِنَفْهَمَ أَنَّ الأَمْرَ بِالدُّعاءِ بِالعِبادِةِ ليْسَ مَقْصُوراً عَلَى دُعاءِ المسْأَلَةِ فَقَطْ، حَتَّى لا يَقُولُ قائِلٌ أنَّ اللهَ أَمَرَنا بِسُؤالِهِ، ثُمَّ يَغْفَلُ عَنِ الجانِبِ الآخِرِ، وَالأَهَمُّ، وَالأَوْسَعُ، وَهُوَ أَنَّهُ أَمَرَنا بِعِبادَتِهِ، فَإِنَّ الدُّعاءَ المأَمُورَ بِهِ في قَوْلِهِ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ يشملُ هَذا، وَيَشْمَلُ ذَاكَ، يَشْمَلُ دُعاءَ العِبادَةِ، وَيَشْملُ دُعاءَ المسْأَلَةِ، السُّؤالُ هُنا كَيْفَ يَكُونُ الجوابُ في دُعاءِ المسْأَلَةِ؟ وَكَيْفَ يَكُونُ الجَوابُ في دُعاءِ العِبادَةِ؟ عِنْدَما نُصَلِّي ماذا نَقُولُ؟ سمِعَ اللهُ لمنْ حَمِدَهُ، أَجابَ اللهُ مَنْ حَمِدَهُ، وَهَلِ الحامِدُ دَعا دُعاءَ مُعَيّنٍ حَتَّى يُقالَ أَجابَهُ اللهُ؟ الجوابُ: لا، إِنَّما هُوَ دَعا دُعاءَ بِمَفْهُومِ عَمَلِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ إِنَّما حمِدَ الله يرْجُو رِضاهُ، فَسَينالُ رِضاهُ، إِنَّما حمِدَ اللهَ لِيُدرِكَ فَضْلَهُ، وَسَيُدْرِكُ فَضْلَهُ، إِنَّما حَمِدَ اللهَ لِينالَ الجنَّةَ، وَسَيُدْرِكُ الجنَّةَ، وَهَلُمَّ جَرَّ في كُلِّ العِباداتِ، وَلِذلِكَ طَمَّن اللهُ ـ تَعالَى ـ النَّاس، لأنهمْ سَينالُونَ ما يُؤمِّلُونَهُ مِنْ عَطاياهُ، وَهِباتهِ إذا عَبَدُوا، فَقالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ: ﴿أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى  آل عِمران:195  فَكُلُّ مَنْ عَمِلَ مِنْ ذَكَرٍ ، أَوْ أُنْثَى، عَمَلاً صالحا، فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ عَمَلَهُ، وَقَدْ قالَ اللهُ ـ تَعالَى ـ: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ  البقرة:143  أَيْ لَنْ يُضَيِّعَ اللهُ ـ تَعالَى ـ أَعْمالَكُمُ الصَّالحةَ، وَما تَقَرَّبْتُمْ بِهِ إلَيْهِ، وَقالَ اللهُ ـ تَعالَى ـ: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ  النحل:97  فَذَكرَ اللهُ ـ تَعالَى ـ جَزاءَيْنِ عَلَى عَمَلٍ لِكُلِّ عامِلٍ مِنْ ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى إِذا حَقَّقَ الإيمانَ، فَإِنَّهُ سَينالُ في الدُّنْيا الحياةَ الطَّيِّبَةَ، وَفي الآخرَةِ الحياةَ الطيبةَ، وَسيُجزَى أَحْسَنَ الجزاءِ بِفضلهِ، وَمَنِّهِ، وَكَرَمِهِ، وَهَذا مِنْ إِجابةِ الدُّعاءِ الَّذي ذَكَرهُ اللهُ ـ تَعالَى ـ في قَوْلِهِ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ أَيْ وَقالَ رَبُّكُمْ اعْبُدُوني: ﴿أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ أي أُبلّغُكُمْ ثِمارَ تِلْكَ العِباداتِ، أُبَلِّغُكُمْ نتائجَ تِلْكَ الأَعْمالِ، فَمَنْ كَدَّ وَتَعِبَ، فَإِنَّهُ سَيُدرِكُ ذَلِكَ في الآخِرَةِ: ﴿إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ  الطور:28  هَكَذا يَقُولُ أَهْلُ الجنَّةِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ في تَذكُّرِ ما كانُوا عَلَيْهِ في الدُّنْيا مِنْ عَمَلٍ، وَنَصَبٍ، وَاجْتِهادٍ في طاعَةِ اللهِ، لَكِنَّ ذاكَ ثِمارُهُ في ذَلِكَ اليومِ، في ذَلِكَ الموْقِفِ، ثِمارهُ الظَّاهِرَةُ، الجليَّةُ، وَإِلَّا فالإِنْسانُ يُدْرِكُ في الدُّنْيا مِنْ ثِمارِ الطَّاعَةِ ما يُسرُّ بِهِ، وَيَبْتَهِجُ، وَيَكُونُ عَوْناً لَهُ عَلَى المواصَلَةِ: ﴿إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ﴾.
وأَمَّا دُعاءُ المسألَةِ فَإِجابتهُ أَيْضاً تَكُونُ عَلَى نَحْوٍ مِنْ تَحْقِيقِ المطالبِ، وَإِغاثَةِ اللَّهفاتِ، وَإِجابَةِ الطَّلَباتِ، لَكِنْ لَيْسَ مِنْ لازِمِ ذَلِكَ أَنْ يُعْطِىَ الإِنْسانُ عَيْنَ ما سَأَلَ، فَقَدْ يَكُونُ رَحْمَةُ للهِ بِعَبْدِهِ، وَإِحْسانِهِ إِلَيْهِ أَنْ يَحجُبَ ما سأَلَ، لَكِنَّهُ لَنْ يَفُوتَهُ الإِجابةُ، الإِجابَةُ حاصِلَةً لكُلِّ داعٍ، كُلِّ مَنْ دَعا اللهَ فَلا بُدَّ أَنْ يُجابَ، لَكِنَّهُ يَتَفاوَتُ ذَلِكَ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلافِ صُورَةِ الإِجابَةِ، لا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ صُورَةَ الإِجابَةِ وَاحِدَةٌ، قَدْ تَكُونُ صُورةُ الإِجابَةِ بِإِعْطاءِ النَّوالِ، وَقَدْ تَكُونُ صُورَةُ الإِجابَةِ بِصُوَرٍ أُخْرَى، وَسَنَتناوَلُها ـ إِنْ شاءَ اللهُ تَعالَى ـ في الحَلْقَةِ القادِمَةِ.

خُلاصَةُ القَوْلِ:
أنَّهُ ما مِنْ أَحَدٍ يَدْعُوا اللهَ ـ عزَّ وَجَلَّ ـ إِلَّا وَسَينالُ وَعْدَهُ، وَسَيُدْرِكُ ما جَعَلهُ ثَمرةً للعَمَلِ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ إِلَى أَنْ نَلْقاكُمْ في حَلْقَةٍ قادِمَةٍ مِنْ بَرْنامَجِكُمْ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ أَسْتَوْدِعُكُمُ اللهَ الَّذي لا تَضِيعُ وَدائِعُهُ، أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِكَثْرَةِ الدُّعاءِ، وَإِحْسانِ العَمَلِ، وَانْتِظارِ العَطاءِ، وَالمنِّ مِنْ رَبٍّ لايخْلفُ الميعادَ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبركاتُهُ.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات95279 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات90964 )

مواد مقترحة

445. Jealousy
8183. مقدمة.
8242. مقدمة