×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

رمضانيات / برامج رمضانية / ادعوني أستجب لكم / الحلقة (5) إن الله لا يخلف الميعاد

مشاركة هذه الفقرة Facebook Twitter AddThis

تاريخ النشر:25 ذو القعدة 1441 هـ - الموافق 16 يوليو 2020 م | المشاهدات:3518

الحمدُللهِ حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبارَكاً فِيهِ، أَحمدُهُ حقَّ حمدِهِ، لَهُ الحمدُ كُلُّهُ، أَوَّلُهُ وآخِرُهُ، ظاهِرُهُ وَباطِنُهُ، وأَشْهدُ أنْ لا إِلهَ إلَّا اللهُ، إِلهُ الأولينَ والآخِرينَ، لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرحَّمنُ الرَّحِيمُ، وأشْهَدُ أَنَّ مُحمَّداً سيِّدُ وَلَد آدَمَ، بَعَثهُ اللهُ بالهُدَى، وَدِينِ الحقِّ بيْنَ يدَيِ السَّاعَةِ، بَشِيراً وَنَذِيرا هُوَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، هُوَ سيِّدُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرينَ، أَخْرَجَنا اللهُ ـ تَعالَى ـ بِهِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ، فصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتبعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
فالسَّلامُ عَليكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبركاتُهُ.. أَهْلاً وَسَهْلاً وَمَرْحَباً بِكُمْ أَيُّها الإِخْوَةُ والأَخَواتُ.. في هَذِهِ الحلْقَةِ الجديدَةِ مِنْ بَرْنامجكُمْ: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ إنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلا وَعَدَ عِبادهُ باِلإسْتِجابةِ لِدُعاءِهِمْ، وَاللهُ ـ جلَّ في عُلاهُ ـ حَكَمٌ عَدْلٌ: ﴿لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ كَما قالَ في مُحْكَمِ كِتابِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ فوعدُهُ صِدْقٌ، وَحَقٌ لا يَتخَلَّفُ كَما قالَ ـ سُبْحانَهُ وَبِحَمْدِهِ ـ: ﴿وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ الروم:6 وَكَما قالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ: ﴿وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًاالنساء:122 وكَما قالَ ـ جلَّ وعَلا ـ: ﴿فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُإبراهيم:47 حاشاهُ ـ جلَّ في عُلاهُ ـ فَإِنَّ إِخْلافَ الوَعْدِ لا يَكُونُ إِلَّا مِنْ كاذِبٍ، وَهُوَ الحقُّ الصَّادِقُ المبينُ ـ جلَّ في عُلاهُ ـ وَعْدَ اللهِ ـ جلَّ وَعَلا ـ لا بُدَّ أنْ يَأْتِيَ، وَلا بُدَّ أَنْ يَتَحَقَّقَ، فَلْيَطْمَئِنَّ كُلُّ مَنِ اسْتَجابَ للهِ ـ عزَّ وَجَلَّ ـ في أَمْرِهِ، أَنَّهُ لَنْ يُخْلِفَهُ ما وَعَدَهُ، قالَ اللهُ ـ تَعالَى ـ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْغافر:60 فاللهُ ـ تعالَى ـ وَعَدَ العابِدِينَ، الطَّائِعِينَ بِإِثابَتِهِ، وَعَظِيمِ إِحْسانِهِ، وَجَزِيلِ عَطاءهِ، كَما وَعَدَ السَّائِلِينَ بِأَنْ يُعْطِيَهُمْ ما سَأَلُوهُ، وَأَنء يُجيبَهُمْ إِلَى ما طَلَبُوهُ، وَهُوَ الحكَمُ العَدْلُ الَّذي: ﴿لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ سُبْحانَهُ وَبِحَمْدِهِ، لهذا يَنْبَغِي أَنْ يَمْتَلِئَ القَلْبُ يَقِيناً، وَأَنْ تَمْتَلِأَ النَّفْسُ ثِقَةً بِوَعْدِهِ، فَإِنَّهُ: ﴿لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ فَالطَّائِعُونَ سَيَنالُونَ ثَوابَ أَعْمالهِمْ، وَكَما جاءَ في الصَّحِيحِ الَّذي هُوَ مِنْ أَشْرَفِ الأَحادِيثِ في الوِلايَةِ، حَدِيثُ أَبي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُ – قالَ فِيهِ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ اللهُ ـ عزَّ وَجَلَّ ـ: «مَنْ عادَى لِي وَلِيّاً فَقَدْ أَذِنْتُهُ بِالحَرْبِ» ثُمَّ قالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ ـ فِيما يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ: «وَما تَقَرَّبَ إِليَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ، وَلا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِليَّ بِالنَّوافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ» فكانَ ثَمَرَةُ الطَّاعَةِ، وَالاسْتِجابَةِ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَنْ يُبلِّغَهُ هَذِهِ المنزِلَةَ، أَنْ يُحِبَّهُ اللهُ: «حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَِمعهُ الَّذي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بِها، وَرِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بِها، وَلَئِنِ اسْتَعاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَنْصَرَني لأَنْصُرَنَّهُ» صَحِيحُ البُخارِيِّ (6502) هَكَذا لمْ يُخْلِفِ اللهُ وَعْدَهُ لأَوْلِياءِهِ، وَعِبادهِ: ﴿فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ﴾ تعالى الله على أن يُخلف وعدَه ـ جلّ في علاه ـ هذا فيما يتعلّق بدعاء العبادة، فكلُ منْ عبَدَ اللهَ صادِقاً نالَ ما يُؤَمِّلُهُ مِنْ رَبِّهِ بِلا إِخْلافٍ، وَسَيراهُ عَياناً، وَسَيُدْركُهُ بَصَراً، وَحِسّاً عِنْدما يَقُومُ الأَشْهادُ لِيَوْم المعادِ، عِنْدَما يَقُومُ النَّاسُ للهِ ـ عزَّ وَجَلَّ ـ فَيَروْنَ نِتاجَ أَعْمالهمْ: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ  آل عمران:106 فَنسْأَلُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنا مِمَّنِ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ.
أَمّا النَّوْعُ الثَّاني مِنَ الدُّعاءِ: وَهُوَ دُعاءُ المسْأَلَةِ دُعاءُ الطَّلَبِ، وَهُوَ غالِبُ ما يَسْأَلُهُ النَّاسُ، وَيَدْعُونَ بِهِ رَبَّهُمْ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ فَهَذا أَيْضاً داخِلٌ في هَذا الوَعْدِ، قالَ اللهُ ـ تَعالَى ـ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ أَيْ أُجِيبُكُمْ إِلَى ما سأَلْتُمُوهُ، وَأُعْطِيكُمْ ما طَلَبْتُمُوهُ، فَذاكَ وَعْدُ اللهِ الَّذي لا يُخْلِفُ، وَقَدْ قالَ اللهُ ـ جَلَّ وَعلا ـ في بَيانِ عَظِيمِ إِحْسانِهِ: ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون﴾ وَقالَ ـ تَعالَى ـ: ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِالشورى:26 أَيْ يَسْتَجِيبُ لهمْ ما سَأَلُوهُ، وَما دعوْهُ، هَذا الوَعْدُ الإلهيُّ بِإِجابَةِ السَّائِلِينَ لا يَتَخَلَّفُ، لَكِنْ يجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ اللهَ ـ تَعالَى ـ أَرْحَمُ بِالعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ، وَهُوَ أَرْحمُ بِهِ مِنْ أُمِّهِ، وَأَبِيهِ، فَهُوَ أَناطَ الإِجابَةَ بِرَحْمَتِهِ، وَحِكْمَتِهِ، وَعِلْمِهِ، وَإِصْلاحِهِ لِعَبْدِهِ، وَلِذَلِكَ قالَ اللهُ ـ تَعالَى ـ ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ  الأَعرافُ:55-56 فَذكَرَ اللهُ ـ تَعالَى ـ النَّهْيَ عَنِ الفَسادِ، فَكَمْ مِنْ دُعاءٍ يَحْصُلُ بِهِ لِلإِنْسانِ فَسادٌ في نَفْسِهِ، أَوْ فَسادٌ في حالِهِ، أَوْ فَسادٌ في دُنْياهُ، أَوْ فَسادٌ في آخِرَتِهِ وَهُوَ لا يَشْعُرُ، لِذَلِكَ لا تَظُنُّ أَنَّ إِجابَةَ اللهِ ـ تَعالَى ـ لِدُعاءِ الدَّاعِينِ، وَسُؤالِ السَّائِلينَ، وَطَلَبِ الطَّالِبينَ، هُوَ بِأَنْ يُعْطِيهِمْ ما سَأَلُوهُ، فَقَدْ يُجيبُ اللهُ تَعالَى العَبْدَ بِمَنْعِهِ ما سَأَلَ، كَيْفَ ذَلِكَ وَاللهُ لا يُخْلِفُ الميعادَ!
كَيْفَ ذَلِكَ وَهُوَ الحَيِيٌّ الكَرِيمُ ـ سُبْحانَهُ وَبِحَمْدِهِ ـ كَما جاءَ في السُّنَنِ، مِنْ حَدِيثِ سَلْمانَ – رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُ – أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «إنَّ الله حييٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحِيِ مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يُمدَّ إِلَيْهِ يَدَيْهِ ثُمَّ يَرُدُّهُما صِفْراً» سُنَنُ أَبي دَاوُدَ (1488)، وَالتِّرْمِذِيُّ (3556)، وَقالَ: هَذا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ   إِنَّ اللهَ ـ تَعالَى ـ يَسْتَحِي مِنَ العَبْدِ أنْ يُمدَّ إِلَيْهِ يَدَيْهِ في سُؤالِهِ، وَطَلَبِهِ،يَرْجُوهُ، وَيَسْأَلُهُ، وَيَطْلُبُ ما عِنْدَهُ ثُمَّ يَرَدُّهُما عَلَى غَيْرِ نَفْعٍ، وَعَلَى غَيْرِ إِجابَةٍ، بَلِ اللهُ يُجِيبُ حَتَّى لوْ مَنَعَكَ فاللهُ يُجيبُكُ، لَكِنِ انْتَبِهْ وَانْتَبِهِي.. أَنَّ هَذِهِ الإِجابَةَ لا تَسْتَلْزِمُ أَنْ تَكُونَ ذاتَ صُورةٍ مُعَيَّنَةٍ، اضْرِبُوا لِذَلِكَ مَثَلاً: عِنْدَما يَسْأَلُكَ أَحَدٌ مِمَّنْ يَطْلُبُ مَصْلَحةً ما، شَيْئاً يَضُرُّهُ فَتَمْنَعُهُ، هَلْ تَكُونُ بِهذا أَسَئْتَ إِلَيْهِ، أَمْ أَحْسَنْتَ؟ الحَقِيقَةُ أَنَّكَ أَحْسَنْتَ حَتَّى لَوْ بَدا في الصُّورَةِ أَنَّكَ لمْ تُحْسِنْ إِلَيْهِ، أَنْتَ مُحْسِنٌ بِمنْعِهِ ما يَضُرُّهُ، فَهَذا إِجابَةٌ، هَذا مِنْ حَيْثُ النَّظَرُ إِلَى سُؤالِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، لَكِنْ هُناكَ إِجابَةٌ مِنْ نَوْعٍ آخَرَ، يَغْفُلُ عَنْها كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، وَهِيَ أَنَّ كُلَّ داعٍ يَرْجِعُ بِالثَّوابِ، وَالأَجْرِ عَلَى دُعاءِهِ، فَالدُّعاءُ عِبادَةٌ جَليلَةٌ، «الدُّعاءُ هُوَ العِبادَةُ» كَما قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، فِيما رَواهُ الترمِذِيُّ، مِنْ حَدِيثِ النُّعْمانِ بْنِ بَشِيرٍ سُنَنُ أَبي دَاوُد (1479)، والترمذيُّ (2969)، وقالَ: هَذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
وَإذا كانَ كَذلِكَ فَكُلُّ مَنْ دَعا فَقَدْ تَعَبَّدَ" كُلُّ مَنْ سَأَلَ وَقالَ: يا رَبُّ عَطْني كَذا، يا رب هَبْ لِي كَذا، يا رَبّ ارْزُقْني كَذا، يا ربّ يَسِّرْ لي كَذا، يا ربِّ وَفَّقْني في كَذا، كُلُّ مَنْ قالَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مَأْجُورٌ عَلَى قَوْلِهِ، مُثابٌ عَلَى قَوْلِهِ، فَهُو يُثيبُهُ ـ جلَّ في عُلاهُ ـ عَلَى دُعاءِهِ، لأَنَّ الدُّعاءَ عِبادَةٌ، لَكِنْ هُنالِكَ إِجابَةٌ أُخْرَى غَيْرُ هَذِهِ الإِجابَةُ، وَهِيَ أَنْ يُعْطِيَهُ ما سَأَلَ، هُنا يَأْتي البَيانُ النَّبَوِيُّ، وَالبيانُ القُرْآنِيُّ، أَنَّ الإِجابَةَ لا تَكُونُ مُطْلَقَةً، بَلْ هِيَ وَفْقَ مَشِيئَتِهِ، كَما قالَ ـ تَعالَى ـ: ﴿بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ﴾ انتبه: ﴿إِنْ شَاءَ﴾ فاللهُ ـ تَعالَى ـ قَدْ أَناطَ الإِجابَةَ بِمَشِيئَتِهِ، وَمَشِيئَتِهِ لَيْسَ خَبْطَ عَشْواءٍ، إِنَّما هِيَ وَفْقَ عِلْمٍ، وَحِكْمَةٍ: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا الإنسان:30 .
﴿وَمَا تَشَاءُونَ﴾ وَفْقَ عِلْمِهِ، وَحِكْمَتِهِ، وَلذلكَ قَدْ يَكُونُ الأنفعُ لَكَ، أَنْ يمنَعَكَ اللهُ ـ تَعالَى ـ ما سأَلْتَ، لا تَقُلْ: أُرِيدُ وَلا يَهُمُّ، لا قَدْ تَسْأَلُ ما يُهلِكُكَ، وَاضْرِبْ لكَ مَثَلاً كَما ضرَبْتَهُ قَبْلَ قَلِيلٍ، في ابْنِكَ الصَّغِيرِ تَمْنَعَهُ مِنَ الحلِيبِ في حالِ الفِطامِ، مَعَ شِدَّةِ بُكاءِهِ، لأَنَّ اسْتِمْرارَهُ عَلَى هَذا النَّوْعِ مِنَ الغِذاءِ سَيُفْضِي إِلَى عدَمِ اسْتِقامَةِ مَعاشِهِ، فَهُوَ بِحاجَةٍ إلَى أَنْواع أُخْرَى، وَلا سَبِيلَ إِلَى نَقْلِهِ مِنْ رَضاعَةِ الحلَيبِ إِلَى سائِرِ أَنْواعِ الطَّعامِ المفيدِ النافعِ، إِلَّا بِأَنْ تَحجِبَهُ، وتمنعَهُ حَتَّى لَوْ سأَلَكَ، حَتَّى لَوْ بَكَى، حَتَّى لَوْ تأَلَّم تَمْنَعْهُ، لأَنَّ في مَنْعهِ نَفْعاً، لأَنَّ في مَنْعِهِ إرتقاءً، لأنَّ في منعهِ إِصْلاحاً لَهُ، لهذا كُلُّ مَنْ دَعا اللهَ، وَتَعَطَّلَ الإِجابَةُ، لم يَرَ الإِجابَةَ إلَى ما سأَلَ عَلَى وَجْهِ التَّعَيُّنِ، لِيَثِقَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَنْ عَجْزٍ: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ البقرة:20 وَلا هُوَ عَنْ بخلٍ: ﴿وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ فاطر:15 جلَّ في عُلاهُ، إِنَّما ذَاكَ رَحْمَةٌ لكَ، ثُمَّ ما من داعٍ يدْعُوا، كَما جاءَ في الحدِيثِ الصَّحيحِ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: «ما مِنْ مُسْلمٍ يدعُو في غَيْرِ إِثْم، وَلا قَطِيعَةِ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطاهُ اللهُ إِحْدَى ثَلاثِ خِصالٍ» إِذاً الإجابةُ مُبيَّنَةٌ في السُّنَّةِ، وَأَنْها لا تَّتَفَقُ صُورَة واحدة: «إمّا أن يُعطيهُ ما سألَ» وَهَذا أَعْلَى صُوَرِ الإِجابَةِ أَنْ يُعْطِيَكَ ما سأَلْتَ، سألتَ وظِيفةً فساقَها اللهُ إِلَيْكَ، سأَلْتَ شِفاءَ مَنْ مَرِضَ فَساقَهُ اللهُ إِلَيْك، الثَّاني: «أَنْ يَصْرِفَ عَنْكَ مِنَ السُّوءِ والشرِّ نظيرَ ما سأَلْتَ» وهَذا خَفِيٌّ، لأَنَّهُ لا يَظْهَرُ لِلإِنْسانِ، لَكِنَّهُ في نَظَر الكريمِ المنَّانِ جلَّ في عُلاهُ، الثالثِ مِنْ صُوَرِ الإِجابَةِ: «أَنْ يدَّخِرَهُ لَكَ في الآخِرَةِ أَجْراً وَثَواباً» مُسْنَدُ أَحْمَد (11133)، وصحَّحَهُ الأَلْبانِيُّ َوهُنا ينْبَغِي أن يُعلَم أَنَّ هَذا الثَّواب، وَالأَجْرَ هُوَ شَيْءٌ زائِدٌ عَلَى ثَوابِ عِبادَةِ الدُّعاءِ، وَهُوَ عَطاءُ اللهِ ـ تَعالَى ـ الَّذي نَتَجَ عَنْ أَنَّهُ لم يُجبْكَ إِلَى ما تُريدُ، لأَنَّ في ما تُريدُ مَضَرةً، لأَنَّ في ما تُريدُ هالِكُكَ، لأَنَّ في ما تَرِيدُ فَسادَ حالَك، أَوْ فَسادَ حالكَ وَمآلِكَ، لِذَلِك ثِقْ بِاللهِ، وَامْلَأْ قَلْبَكَ حُسْناً لِلنَّظَرِ في ما عِنْدَهُ، وَأَقِمْ نَفْسَكَ عَلَى طاعَتِهِ، وَانْتَظِرْ إِجابَتهُ فَإِنَّهُ لا يُمْكِنُ أَنْ يُخْلِفَ الميعادَ ـ جَلَّ في عُلاهُ، ـ وَبِهذا يُعلَمُ أَنَّهُ عِنْدَما يَتَخَلَّفُ الجوابُ إِنَّما هُوَ لحكْمَةِ الحَكِيمِ العَلِيمِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ في الآياتِ خارجٌ عَنْ ما دَلَّتْ عَلَيْهِ مِنَ الإِجابَةِ، بَلْ يُجِيبُ بِصُورَةٍ أُخْرَى.
خُلاصَةُ ما نَنْتَهِي إِلَيْهِ في صِدْقِ وَعْدَ اللهِ في الإِجابَةِ، أَنَّ اللهَ صادِقٌ: ﴿لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ جلَّ في عُلاهُ، فَكُلُّ مَنْ دَعا فَإِنَّهُ سَيُجابُ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ إجابة الطائعينَ في إثابتهمْ، وَإِجابَةِ السَّائِلينَ في إِثابَتِهِمْ، وَفِيما أَعَدَّهُ لهمْ مِنَ الخِصالِ الثَّلاثِ، وَاللهُ تَعالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنا محمدٍ، نَسْتَوْدعُكُمُ اللهَ الَّذي لا تَضِيعُ وَدائِعُهُ، إِلَى أَنْ نلقاكُمْ في حلقةٍ قادمةٍ منْ برنامجكُمْ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات95279 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات90963 )

مواد مقترحة

445. Jealousy
8183. مقدمة.
8242. مقدمة
12213.