×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

رمضانيات / برامج رمضانية / ادعوني أستجب لكم / الحلقة (8) من فضائل الدعاء (1)

مشاركة هذه الفقرة Facebook Twitter AddThis

تاريخ النشر:25 ذو القعدة 1441 هـ - الموافق 16 يوليو 2020 م | المشاهدات:3226

عُنوانُ الحلَقَةِ: مِنْ فَضائِلِ الدُّعاءِ.
السَّلامُ عليكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وبركاتُهُ .
إنَّ الحمْدَ للهِ نحمدُهُ، وَنستعينُهُ، وَنَسْتَغْفِرهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ منْ شُرورِ أَنْفُسِنا، وَسَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هادِيَ لَهُ، وأَشهدُ أنْ لا إِلَهُ إِلَّا اللهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُاللهِ وَرَسُولُهُ، صَفِيِّهُ، وخليلُهُ، خِيرَتهُ مِنْ خلْقِهِ، بَعَثهُ اللهُ عَلَى حِين فَتْرةٍ مِنَ الرسُلِ، وَانْقطاعٍ مِنَ السبلِ، وَهِدايَةٍ إِلَى الطُّرقِ الموصِلَةِ إِلَى اللهِ، فبصّرَ اللهُ بهِ مِنَ العَمَى، هَدَى اللهُ بهِ من الضَّلالَةِ، أَنارَ اللهُ تَعالَى بِهِ الدُّنْيا بَعْدَ ظُلُماتِها، أَشْرقتْ بِرِسالَتِهِ، وَما جاءَ بِهِ من الهدَى الأرضُ بعْدَ أنْ كانتْ ظَلاماً بأَهْلِها، فصَلَّى اللهُ علَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ، وَاقْتَفَى أثَرَهُ بِإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
فحياكُمُ اللهُ وَأَهْلاً وسَهْلاً وَمَرْحَباً بِكُمْ أَيُّها الإِخْوَةُ والأَخواتُ .. في هَذا البرنامجِ، برنامجِ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ في هذهِ الحلْقَةِ سنقفُ عَلَى بعْضِ فضائلِ الدُّعاءِ، الَّذي أَمرَ اللهُ ـ تَعالَى ـ بِهِ في هَذِهِ الآيةِ، فَقالَ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْغافر:60 .
إنَّ فضائلَ الدُّعاءِ كَثيرَةٌ .. وخيراتِهِ عديدةٌ.. حَرِيٌّ بِنا أنْ نتلمَّسَ شَيْئاً مِنْ فضائِلِهِ، لَعلَّنا أَنْ ننْشَطَ في امْتِثالِ ما أَمَرَنا اللهُ ـ تَعالَى ـ بِهِ، في قَوْلِهِ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾.
إنَّ مِنْ فَضائِلِ الدُّعاءِ:
1) أَنَّ اللهَ ـ تعالَى ـ جعلَهُ عِبادَةً، بَلْ حصَرَ العِبادةَ بِهِ، فَقالَ: «الدُّعاءُ هُوَ العِبادَةُ» كَما جاءَ ذَلِكَ في التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمانِ بْنِ بَشِيرٍ – رَضِيَ اللهُ تعالَى عَنْهُ – قالَ ﷺ: «الدُّعاءُ هُوَ العِبادَةُ» سنن أبي داود (1479)، والترمذي (2969)، وقالَ: هَذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ   وَهَذا يُبيِّنُ أَنَّهُ لا عِبادَةِ إِلَّا بِدُعاءٍ، فَلا يُمكْنُ لأَحَدٍ أَنْ يُحَقِّقَ الغايَةَ مِنَ وُجُودهِ، وَالمقْصِدِ مِنْ هَذا الخُلِقِ إِلَّا بِالدُّعاءِ، دُعاءُ العِبادَةِ، وَالذُّلِّ، وَالانْكِسارِ، وَالخُضُوعِ.
ودُعاءُ المسْأَلَةِ، وَالطَّلَبِ، وَإِنْزالِ الحوائِجِ بِاللهِ ـ عزَّ وَجَلَّ ـ هَذا مِنْ فَضائِلِ الدُّعاءِ.
مِنْ فَضائِلِهِ أَيْضاً:
2) أَنَّ الدُّعاءَ يَقَعُ مَوْقِعاً عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ، فَأَنَّ الدُّعاءَ لا يَذْهَبُ سُدَى، بَلْ كُلُّ داعٍ مَوْعِد بِالإِجابَةِ، قالَ اللهُ ـ تَعالَى ـ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ فَهذا الوَصْلُ بَيْنَ العبْدِ وَربِّهِ، هُوَ مِنْ أَفْضَلِ الطُّرُقِ، الَّتي يَصِلُ بها الإِنْسانُ إِلَى رَحْمَةِ اللهِ، يُدْرِكُ بها الخَيْرَ مِنْهُ، يَلِجُ إِلَى تَحْقِيقِ مَقْصُودِ الحياةِ، وَرِضا رَبِّ العِبادِ مِنْ خِلالِهِ، فأَكْثِرْ مِنَ الدُّعاءِ تَنَلْ رِضا اللهِ ـ جلَّ وَعَلا ـ قَدْ قالَ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾.
مِنْ فَضائِلِ الدُّعاءِ:
3) أَنَّ اللهَ ـ تعالَى ـ يَغْضَبُ إِذا تركهُ العبدُ، وَلِذلكَ رَتَّبَ اللهُ عَلَى تَرْكِ الدُّعاءِ، هذهِ العُقُوبَةَ الشديدةَ في الأبدانِ، والنُّفُوسِ، فَقالَ ـ تَعالَى ـ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَغافر:60   فإِيَّاكَ أَنْ تَسْتكبرَ عَنْ عِبادَةِ اللهِ، عنْ دُعاءِهِ، في دُعاءِ العِبادَةِ، وَفي دُعاءِ المسْأَلَةِ، فإنَّ ذلكَ مُوجبٌ للعقوبَةِ، الَّتي ذَكرَها اللهُ ـ تعالَى ـ في هذهِ الآيةِ، وَقَدْ جاءَ في السُّنَّةِ مِنْ حَدِيثِ أَبي هُريْرَةَ – رَضِيَ اللهُ تَعالَى عنْهُ – بإِسْنادٍ لا بَأْسَ بِهِ، قَوْلُ النبيِّ ﷺ: «مَنْ لمْ يَسْأَلِ اللهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ» سننُ الترمِذِيِّ (3373) اللهُ أَكْبَرُ ما أَعْظَمَ هَذا الكَرَمَ، وَما أَجَلَّ هَذا العَطاءِ، وَما أَكْبَرَ هَذا الفَضْلَ، فإِنَّ تَرْكَ سُؤالِ اللهِ ـ عزَّ وَجَلَّ ـ يُوجِبُ غَضَبَهُ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ وَلهذا قالَ الشَّاعِرُ:
لا تَسْأَلنَّ بُنيَّ آدَمَ حاجَةً *** وَسَلِ الَّذي أَبْوابُهُ لا تُحْجَبُ
إِنَّهُ اللهُ الَّذي لا تُحْجَبُ أَبْوابُهُ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِبادِهِ
بوَّابٌ، بَلْ مَنْ أَرادَ ما عَنْدَ اللهِ قَصَدَهُ: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَالبقرة:186   .
اللهُ يَغْضَبُ إِنْ تَرَكْتَ سُؤالِهِ *** وَبُنيُّ آدمَ حِينَ يُسأَلُ يَغْضَبُ
هَذا مِنْ فَضائِلِ الدُّعاءِ أَنَّهُ، في مَنْزِلَةٍ عَظِيمَةٍ عِنْدَ اللهِ ـ عزَّ وَجَلَّ ـ مِنْ تَرَكَهُ كانَ ذَلِكَ مُوجِباً لِعُقُوبَتِه، كانَ ذَلِكَ مُوجِباً لِغَضَبهِ عَلَى مَنْ تَركَ دُعاءَهُ ـ سُبْحانَهُ وبحمدِهِ ـ وَلهذا مِنْ رَحْمتهِ يَعْرِضُ لِعِبادَةِ أَنْ يَسْأَلُوهُ، يَعْرِضُ لِعبادَةٍ أَنْ يَتَضَرَّعُوا بَينَ يَديهِ، فَينزِلُ بجلالهِ، وَعَظَمَتِهِ، وَكامِلِ صِفاتهِ، وَأَسْماءِهِ مَعَ غِناهُ عَنْ عِبادهِ: «ينزِلُ ربُنا إِلَى السَّماءِ الدُّنْيا كُلَّ لَيْلَةٍ» في الثُّلُثِ الأَخِيرِ مِنْهُ: «فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ سائِلٍ فأُعْطِيَهُ، هَلْ مِنْ داعٍ فأُجيبَهُ، هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ» مُسْنَدُ أَحْمَدٍ (11295)، وقالَ مُحَقِّقُو المسْنَدِ: إِسْنادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ   وَلَوْ لم يَكُنِ الدُّعاءُ عَظِيماً عِنْدَ اللهِ ـ عزَّ وَجَلَّ ـ لما اسْتَحَقَّ هذهِ المنزلَةِ، أَنْ يَنْزِلَ رَبُّ السَّمواتِ والأَرْضِ، كُلَّ ليلةٍ إِلَى السَّماءِ الدُّنْيا، يَعْرِضُ عَلَى عِبادهِ أنْ يَسْأَلُوهُ، يَعْرِضُ عَلَى عِبادهِ أنْ يَسْتَغْفروهُ، يَعْرِضُ عَلَى عِبادهِ أَنْ يَدْعُوهُ، كُلُّ ذَلكَ مِنْ فضْلهِ، وَإِحْسانِهِ.
مِنْ فَضائلِ الدُّعاءِ:
4) أَنَّ اللهَ ـ تَعالَى ـ جَعَلهُ طَرِيقاً لِتَحْصِيلِ المطالِبِ، نَحْنُ أَيُّها الإِخْوَةُ وَالأَخَواتُ.. مَجْبُولُونَ عَلَى الفاقَةِ، وَالفَقْرِ.
الفَقْرُ وَصْفٌ لَنا ذاتيُّ، لا يُمْكِنُ أن ننفكَّ عنهُ، مَهْما كَثُرَ ما في أَيْدِينا مِنَ المالِ، مهْما كَثُرَ ما في أَيْدِينا منَ السُّلْطَةِ، وَالقُدْرَةِ، إِلَّا أَنَّنا فُقَراءُ، لا غِنَى بِنا عَنْ فضْلِ اللهِ، أَعْظمُ ما يُصابُ بِهِ الإِنْسانُ مِمَّا يَفْسُدُ بِهِ مَعاشُهُ، وَمَعادُهُ، أَنْ يَتَصَوَّرَ، أَوْ يَتوهمُ أَنَّهُ غَنِيٌ عَنِ اللهِ، ليْسَ بِنا غِنَى عَنْهُ ـ جلَّ في عُلاهُ ـ لَيْسَ بِنا غِنَى عَنْ رَبِّنا ـ سُبْحانَهُ وَبِحَمْدِهِ ـ يَقُولُ اللهُ ـ جلَّ وَعَلا ـ: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ فاطر:15 هَذهِ الآيةُ الكريمةُ، ذكرتْ وَصْفَ العَبْدِ، وَوَصْفَ الرَّبِّ، وصَفَ العَبْدُ هُوَ الفقرُ، والفقْرُ هُوَ انعدامُ ما في اليَدِ، لأَنَّ الفَقِيرَ مِنْ لا شَيْءَ لَدَيْهِ، فَنَحْنُ لا شَيْءَ لَدَيْنا، وَإِنْ مَلَكْنا ما ملَكْنا، لأنَّهُ في يَدِهِ ـ جلَّ وَعَلا ـ لا نَسْتَطِيعُ، أَنْ نَحْفَظَهُ إلا بإذْنِهِ، ولنْ نَبْلُغَ انْتِفاعاً بِهِ إلا بإذْنِهِ، وَلَنْ نُدْرِكَ مَصْلَحَةً مِنَ المصالحِ إِلَّا بإذنهِ، بَلْ قَدْ يَكُونُ غِنانا وبالاً علَيْنا: ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى العلق:6-7 نحنُ بِحاجةٍ إِلَى أَنْ نَتَذَكَّرَ هَذهِ المعاني، لأَنَّ تَذْكُّرَها يَدْفَعُ عنَّا هَذا الاسْتِكْبارَ، الَّذي رَتَّبَ اللهُ ـ تَعالَى ـ عَلَيْهِ العُقُوبَةَ، في قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾.
أَيُّها الإِخْوَةُ والأَخَواتُ.. إِنَّ المؤْمِنَ فَقِيرٌ، بَلْ كُلُّ إِنْسانٍ فَقِيرٌ، لكَنَّ المؤْمِنَ يسْتَشْعِرُ الفَقْرَ، وَيتعبَّدُ للهِ بِالافْتِقارِ، وَأَعْظمُ الأَبْوابِ الَّتي يُدْخَلُ ِبها عَلَى اللهِ ـ عزَّ وجلَّ ـ هُوَ إِظْهارُ الافْتِقارِ لَهُ، أَظْهِرِ الفَقْرَ لَهُ، أَظْهِرْ حاجَتَكَ إِلَيْهِ، قُلْ يا رَبِّي لا غِنَى بِي عَنْ جُودِكَ، يا رَبِّي أَنا الفَقِيرُ إِلَيْكَ في كُلِّ حالاتي، يا رَبُّ أَنْتَ الغَنِيُّ وَأَنا عَبْدُكَ الحَسِيرُ بْنُ عَبْدِكَ بْنُ أَمَتِكَ، هَكَذا التضَرُّعُ في مَقامِ الافْتِقارِ، يُظْهِرُ فِيهِ الإِنْسانُ غايَةَ فَقْرِهِ لِغِنَى رَبِّهِ، وَأَنَّهُ لا غِنَى بِي عَنْ فِضْلِهِ، هُنا تَنْفَتِحُ أَبْوابُ العَطايا، وَالهباتِ، لِذَلِكَ اسْتِشْعارُ الفَقْرِ يُوجِبُ العَطاءَ، اسْتِشْعارُ الفَقْرِ يَفْتَحُ أَبْوابَ الهِباتِ، جاءَ في الصَّحِيحِ، في صَحِيحِ الإِمامِ مُسْلِمٍ، مِنْ حَدِيثِ أَبي ذَرٍّ، أنَّ النَّبيَّ ﷺ قالَ: «يَقُولُ اللهُ تعالى: يا عِبادِي» نِداءُ رَبِّنا لَنا جَمِيعاً: «كلُّكُمْ ضالٌّ إِلَّا مَنْ هديْتُه» اللهُ أَكْبَرُ، كُلُّنا في ضَلالٍ، عالِمُنا، وَجاهِلُنا، طائِعُنا، وعاصِينا، إِنَّما الحَبْلُ في النَّجاةِ بِالاسْتِهْداءِ: «فاسْتَهْدُوني أَهْدِكُمْ، يا عِبادِي كلُّكُمْ جائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعمتُهُ فاسْتَطْعِمُوني أُطْعِمْكُمْ، يا عِبادِي كُلُّكُمْ عارٍ إِلَّا منْ كَسَوْتُهُ فاسْتَكْسُوني» أَيْ اطْلُبوا الكُسْوَةَ: "أَكْسُكُمْ" هَذِهِ قوامُ مصالحِ المعاشِ، وَالمعَادِ، لِصَلاحِ الدِّينِ، وَصَلاحِ الدُّنْيا، بِالهدايَةِ تَصْلُحُ القُلُوبُ، وَتَنْعَمُ، وَبِالأَكْلِ، وَاللِّباسِ، بِالطَّعامِ، وَاللِّباسِ يَطِيبُ المعاشُ، ثُمَّ قالَ: «يا عِبادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَأَنا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعا فاسْتَغْفِرُوني أَغْفِرُ لَكُمْ» هَذِهِ رابعُ المسائلِ الَّتي ذَكَرَها اللهُ ـ عزَّ وَجَلَّ ـ في هَذا الحَدِيثِ، وَهَذا لأَنَّ الهِدايةَ عَلَى وجْهِ الكَمالِ، لا تَحْصُلُ لأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، فَلا بُدَّ مِنْ خَطَأٍ، وَنِسْيانٍ، وَقُصُورٍ، وتقصيرٍ يَحْتاجُ مَعَها الإِنْسانُ إِلَى اسْتِغْفارٍ، فَلِذَلِكَ عَرَضَ اللهُ تَعالَى عَلَى عِبادِةِ الاْستِغْفارِ، فَقالَ ـ جلَّ في عُلاهُ ـ: «يا عِبادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئِونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَأَنا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعا فَاسْتَغْفِرُوني أَغْفِرْ لَكُمْ» صَحيحُ مُسْلِمٍ (2577) كُلُّ هَذا المنِّ، كُلُّ هَذا الفَضْلِ، هُوَ بَيانُ أَنَّهُ لا يُمكِنُ أَنْ نُدْرِكَ مَصالحَ معاشِنا، وَلا مَصالحَ مَعادِنا، لا يُمْكِنُ أَنْ نُدْرِكُ صَلاحاً في دُنْيانا، وَلا في آخِرنا، إِلَّا بِسُؤالِ اللهِ، وَطَلَبِهِ، حَتَّى دَقائِقَ الأَشْياءِ، بَعْضُ النَّاسِ لا يَسْأَلُ اللهَ ـ عزَّ وَجَلَّ ـ إلا في الكَبِيرِ، وَالعَظِيمِ، وَاللهُ ـ تَعالَى ـ يَقُولُ: «كُلُّكُمْ جائِعٌ» حَتَّى الأَكْلَةَ إِذا سأَلتَها اللهِ ساقَها إِلَيْكَ، وَإِذا غَفَلْتَ عَنِ اللهِ قَدْ يَمْنعُكَ إِيَّاها، لهذا تَقُولُ عائِشَةُ: "سَلُو اللهَ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى شِسْعَ النَّعْلِ" يَعْني الرِّباطَ، الَّذي يَرْبِطُ بِهِ النِّعالَ، فَإِنَّ اللهَ إِذا لمْ يُيَسِّرهُ لمْ يَتَيَسَّرْ، الاستشعارُ بِالافْتِقارِ، اسْتِشْعارٌ بِهذا القَدْرِ مِنَ الافْتِقارِ، يُعِينُ الإِنْسانَ عَلَى تَحْقِيقِ ما أَمَرَ بِهِ ـ جلَّ في عُلاهُ ـ في قَوْلِهِ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ إِذاً الدُّعاءُ هُوَ مِفْتاحُ العَطاءِ، الدُّعاءُ بهِ يَنالُ الإنسانُ الثَّوابَ، والأَجْرَ، الدُّعاءُ بِهِ يَنْجُو مِنْ غَضَبِ الربِّ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ الدُّعاءُ بِهِ يُحقِّقُ العُبُودِيَّةَ للهِ، هَذِهِ بَعْضُ فَضائِلِ العِبادَةِ الجلِيلَةِ، دُعاءُ اللهِ ـ تَعالَى ـ بِدُعاءِ العِبادَةِ، وَدُعاءُ المسْأَلَةِ.
أسأَلُ اللهَ ـ عزَّ وَجَلَّ ـ أَنْ يَسْلُكَ بِنا سَبِيلَهُ، وَأَنْ يَجْعَلَنا مِنْ أَوْلِياءِهِ، وَأَنْ يَرْزُقَنا ذكْرَهُ، وَشُكْرَهُ، وَحُسْنَ عِبادَتِهِ، وَأَنْ يُعِننا عَلَى طاعَتِهِ في السِّرِّ، وَالعَلَنِ، رَبَّنا آتِنا في الدُّنيا حَسنةً وفي الآخِرَةِ حَسَنةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّم علَى نبيِّنا المختارِ، وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحابِهِ الأَطْهارِ، وَإِلَى أَنْ نَلْقاكُمْ في حَلْقَةٍ قادِمَةٍ مِنْ بَرْنامجكُمْ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ أستودِعُكُمَ اللهَ الَّذِي لا تَضِيعُ وَدائِعُهُ، والسَّلامُ عليكُمْ وَرحمةُ اللهِ وَبركاتُهُ.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات95120 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات90819 )

مواد مقترحة

445. Jealousy
8172. مقدمة.
8231. مقدمة
12222