×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

رمضانيات / برامج رمضانية / ادعوني أستجب لكم / الحلقة (14) الوضوء للدعاء.

مشاركة هذه الفقرة Facebook Twitter AddThis

تاريخ النشر:1 ذو القعدة 1441 هـ - الموافق 22 يونيو 2020 م | المشاهدات:2955

عُنوانُ الحلقةِ: الوُضُوءِ للدُّعاءِ
 السَّلامُ علُيكُمْ وَرحْمةُ اللهِ وَبركاتُهُ، أَهْلاً وَسهْلاً وَمَرْحَباً بِكُمْ أَيُّها الإِخْوةُ والأَخواتُ..
إِنَّ الحمدَ للهِ نحْمَدُهُ، وَنَستَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرورِ أَنْفُسْنا، وَسَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَنْ يَهدِهِ اللهُ فَلا مُضلَّ لَهُ، ومَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تجدَ لَهُ وَلِياً مُرْشِدا.
وأَشْهدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيِّهُ وَخَلِيلُهُ، وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ، وَاقْتَفَى أَثَرَهُ بِإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
فأَهْلاً وَسَهْلاً بِكُمْ.. في هَذِهِ الحلْقَةِ الجِديدةِ مِنْ بَرْنامجكُمْ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ ذَلِكَ الأَمْرُ الإلهِيِّ الَّذي ذَكَرهُ اللهُ ـ جَلَّ وَعَلا ـ بِالقَوْلِ، فَقالَ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ غافر:60 .
أَيُّها الإِخْوةُ وَالأَخَواتُ.. الدُّعاءُ مُناجاةُ، الدُّعاءِ حَدِيثٌ بَيْنَ العَبْدِ وَرَبِّهِ، الدُّعاءُ هُوَ الطَّريقُ الَّذي يُفْضِي بِهِ العَبْدُ إِلَى رَبِّه، فَيُبَثُّهُ ما في قَلْبِهِ مِنْ الحوائِجِ، وَالمطالِبِ، وَالأَماني، وَالرَّغَباتِ مِنَ المسائِلِ وَالطَّلَباتِ في كُلِّ شَأْنٍ مِنْ شُؤُونِ حَياتِهِ، فَجَدِيرٌ بِالمؤْمِنِ في دُعاءِهِ، وَسُؤالِهِ لِرَبِّهِ، أَنْ يَكُونَ عَلَى أَكْمَلِ حالٍ، فَإِنَّهُ في مُناجاةٍ لملكِ الملُوكِ، رَبِّ الأَرْبابِ، وَقَدْ قالَ اللهُ ـ جلَّ وَعَلا ـ: ﴿يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ الأَعراف:31 .
وَإنَّ الزِّينَةَ المأْمُورَ بِها في هَذا الكِتابِ العَظِيمِ، وَفي هَذا القُرْآنِ المجيدِ، لا تَقْتَصِرُ عَلَى زِينَةِ الظَّاهِرِ، إِنَّ أَعْظَمَ زِينَةٍ يَتَزَيَّنُ بِها العَبْدُ، هُوَ زِينَةُ قَلْبِهِ، زِينَةُ فُؤادِهِ، زِينَةُ باطِنهِ، فَإِنَّ زِينةَ الباطنِ أَصْلُ كُلِّ جَمالٍ، وَأَصْلُ كُلِّ بَهاءٍ، وَأَصْلُ كُلِّ زِينَةٍ، لِذَلِكَ يَقُولُ اللهُ ـ تَعالَى ـ: ﴿يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا الأَعْرافُ:26  يَمْتنُّ اللهُ ـ تَعالَى ـ بِهِ عَلَى الناسِ، يمتنُّ اللهُ ـ تَعالَى ـ عَلَى النَّاسِ بِإِنْزالِ اللِّباسِ الَّذي يُوارِي السَّوآتِ، وَهَذا ما يَسْتُرُ بِهِ الإِنْسانُ العَوْراتِ مِنْ لِباسِهِ، ثُمَّ يَذْكُرُ لِباساً آخِرَ وَهُوَ ما يَتَجَمَّلُ بِهِ الإِنْسانُ في قَوْلِهِ: ﴿وَرِيشًا﴾ فالرِّيشُ هُوَ كُلُّ لِباسٍ يَتَجَمَّلُ بِهِ الإِنْسانُ مِمَّا يَزِيدُ عَلَى الحَدِّ الأَدْنَى مِنَ اللِّباسِ، وَهُوَ ما يَسْتُرُ العَوْراتِ، فَذِكْرُ اللهِ الِّلباسُ بِنَوْعَيْهِ:
النَّوْعُ الأَوَّلُ: لِباسُ الضَّرُورَةِ، وَهُوَ ما يَسْتُرُ بِهِ العَوْرَةُ.
النَّوْعِ الثَّانِي: وَلِباسُ الجَمالِ، وَهُوَ ما يتزيَّنُ بِهِ لِلنَّاسِ.
ثُمَّ ذَكَرَ لِباساً لا تَراهُ الأَعْيُنُ، وَلا تُدْرِكُهُ الأَبْصارُ، ذَكَرَ لِباسَ القُلُوبِ، قالَ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ لِباسُ التَّقْوَى هُوَ ما يُجمِّلُ الإِنْسانُ بِهِ قَلْبَهُ، بَعْدَ هَذا قالَ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ: ﴿يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ عِنْدَ كُلِّ مَوْضِعِ مُناجاةٍ، عِنْدَ كُلِّ مَوْضِعِ صَلاةٍ، عِنْدَ كُلِّ مَوْضِعِ عِبادَةٍ، فَلا بُدَّ أَنْ يَتَحَلَّى الإِنْسانُ بِنَوْعَيِ الزِّينَةِ.
يَغْفَلُ كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ عَنِ الزِّينَةِ الباطِنَةِ، وَقَدْ يَجْتَهِدُ في الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ، لَكِنَّهُ لا يُكمَّل الزِّينَةَ الباطِنَةَ، وَالزِّينَةَ الباطِنَةَ لا تَتَحَقَّقُ لِلعَبْدِ إِلَّا بِكَمالِ الإِخْلاصِ، فَإِنَّهُ الَّذِي يُطَهِّرُ القَلْبَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ، وَشَرِّ، وَلهذا مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَدَّبَ بِهِ الدَّاعِي، مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَدَّبَ بِهِ مَنْ دَعا اللهَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ، أَنْ يَكُونَ قَلْبُهُ للهِ خالِصًا، كَما أمَرَ اللهُ ـ تَعالَى ـ بِذَلِكَ في مُحْكَمِ كِتابِهِ: ﴿فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ غافر:65  لا نِدَّ لَهُ، وَلا شَرِيكَ، وَلا نَظِيرَ، وَلا مَثِيلَ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الشُّورى:11  سُبْحانهُ وبِحَمْدِهِ، إِذا طَهُرَ القَلْبُ يَنْبَغِي أنْ يَعْتَنِيَ الإِنْسانُ بِطَهارَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ طَهارةُ الجَوارِحِ، الصَّلاةُ هِيَ مُناجاةٌ بَيْنَ العَبْدِ وَرَبِّهِ، لا يَقْبَلُها اللهُ ـ تَعالَى ـ إِلَّا بِالطَّهارَةِ التَّامَّةِ، قالَ اللهُ ـ تَعالَى ـ : ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ ثُمَّ قالَ: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا المائدة:6  فَذَكَرَ اللهُ ـ تَعالَى ـ طَهارةَ الجوارحِ لِلقاءِهِ، والوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَدُعاءِهِ، وَمسْأَلَتِهِ، وَقَدْ جاءَ في الصَّحيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبي هُريرةَ – رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُ – أَنَّ النَّبيَّ ﷺ قالَ: «إنَّ اللهَ لا يَقْبَلُ صَلاةَ أَحَدِكُمْ إِذا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَطَهَّرَ» صَحيحُ البُخارِيِّ (6954) .
فالطَّهارةُ بِالوُضُوءِ هِيَ مِفْتاحُ المناجاةِ، وَلِذَلكَ يَنْبَغِي لِلمُؤْمِنِ في دُعاءِ اللهِ ـ عزَّ وجلَّ ـ لَيْسَ فقَطْ في صَلاتِهِ بَلْ في كُلِّ أَحْوالِهِ، أَنْ يحرِصَ عَلَى التطهُّرِ، وَأَنْ يكُونَ مُسْتَعِداً لمناجاةِ اللهِ ـ عزَّ وجَلَّ ـ بِالطَّهارةِ الَّتي تَطْمَئِنُّ بِها القُلُوبِ، وَتَتَنَقَّى بِها الجوارحُ، وَتَنْحَطُّ بِها الخَطايا، وَالسَّيَِّئاتِ، فَإِنَّ الوُضُوءَ لَيْسَ طَهارةً ظَاهِريةً فقَطْ، أَوْ طَهَارةً بَدنيَّةً، وَلِلجوارِحِ مِمَّا يَعْلَقُ بِها مِنْ أَوْساخٍ، وَأَدْرانٍ، بَلْ ثَمَّةَ طَهارةٌ أُخْرَى تَعْقُبُ هَذا، وتَنتُجُ عنْهُ، وَهُوَ طَهارةُ القُلُوبِ، وَهُوَ النُّورُ الَّذِي يُلْقِيهِ اللهُ ـ تَعالَى ـ عَلَى أَوْلِياءِهِ، لهذا قالَ النبيُّ ﷺ: «لا يحافِظُ عَلَى الوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ» سُنَنُ ابْنِ ماجَهْ (277)، وَصَحَّحَهُ الأَلبانِيُّ  وَهَذا يدُلُّ عَلَى أنَّ الوُضُوءَ مِمَّا يُقاسُ بِهِ الإِيمانُ، فَهُوَ مِعْيارُ الإِيمانِ، وَأَصْلَحُ مِنْ هَذا قَوْلُهُ – صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ – فِيما رَوى الإِمامُ مُسْلمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبي مالِكٍ الأَشْعَرِيِّ: «الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمانِ» صَحِيحُ مُسْلِمٌ (223)  أَيْ جُزْؤُهُ، أَيْ نِصْفُهُ، فَإِنَّهُ لا يَكْمُلُ الإِيمانُ إِلَّا بِطَهارةِ الظَّاهِرِ، وَالباطِنِ، فَجَدِيرٌ بِمَنْ يَدْعُوا اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنْ يَسْتَحْضِرَ هَذا المعْنَى، وَأَنْ يُطَهِّرَ باطِنَهُ، وَظاهِرَهُ، يُطَهِّرُ الباطِنَ بِالإِخْلاصِ للهِ ـ عزَّ وَجَلَّ ـ وَحَمْدِهِ، وَالثَّناءِ علَيْهِ، وَتَمْجِيدِهِ، وَتَقْدِيسِهِ، ويُطَهِّرُ الظَّاهِرَ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى وُضُوءٍ بَعِيداً عَنِ الأَرْجاسِ، وَالأَنْجاسِ، حَتَّى يَكُونَ عَلَى ما يُحِبُّ اللهُ ـ تَعالَى ـ وَهَذا النَّوْعُ مِنَ الآدابِ لَيْسَ واجِباً في غَيْرِ الصَّلاةِ، يَعْني لا يَِجبُ عَلَى الدَّاعِي، أَنْ يَكُونَ مُتَوَضَّأً في غَيْرِ الصَّلاةِ، بَلْ إِنَّهُ يُسْتَحَبُّ، وأَمَّا في الصَّلاةِ فإنَّهُ يجبُ، لأَنَّ اللهَ لا يَقبلُ الصَّلاةَ مِنَ المحدِثِ حَتَّى يَتَوَضَّأُ، كَما تَقَدَّم في أَمْرِ اللهِ في قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ وَكذلِكَ في قَولهِ: «إنَّ الله لا يقبلُ صَلاةَ أَحَدِكُمْ إِذا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» صَحيحُ مُسْلِمٍ (225). لَكِنْ في غَيْرِ دُعاءِ الصَّلاةِ، يَكُونُ الإِنْسانُ مَنْدُوباً لِلطَّهارَةِ، مَطْلُوباً مِنْهُ أَنْ يَسْتَعِدَّ لِذَلِكَ بِالوُضُوءِ، حَتَّى يَذْكُرَ اللهَ ـ تَعالَى ـ عَلَى أكْمَلِ أَحْوالِهِ، النَّبيُّ ﷺ جاءَ عَنْهُ، كَما في حَدِيثِ عائِشَةِ: "إِنَّهُ كانَ يَذْكرُ اللهَ علَى كُلِّ أَحْيانِهِ" صَحِيحُ مُسْلِمٌ (373) . يعْنِي في كُلِّ أَوْقاتِهِ – صَلَواتُ اللهِ وَسلامُهُ عَلَيْهِ – وَقدْ قالَ اللهُ ـ تَعالَى ـ: ﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ آل عمران:191  فذِكْرُ اللهِ يكُونُ في كُلِّ حالٍ، وَفي كُلِ وَقْتٍ، وَفي كُلِّ زَمانٍ، لَكِنْ يَكْمُلُ أَجْرُ الذِّكْرِ، وَيَعْظُمُ عِنْدَما يَكُونُ المؤْمِنُ عَلَى طَهارةٍ، فَإِنَّ الطَّهارَةَ تُشْرعَُ لِلِّذكْرِ، وَتُسَتَحَبُّ لَهُ، كَما أَنَّها تُشْرَعُ لِدُعاءِ اللهِ ـ عزَّ وَجَلَّ ـ وَسُؤالِهِ، وَتَمْجِيدِهِ، وَتَقْدِيسِهِ، في ذَلِكَ يُدْرِكُ الإِنْسانُ خَيْراً عَظِيمًا، وَبِهِ يَتَبَيّنُ أَنَّ الدُّعاءَ بِنَوْعيهِ، تُشْرَعُ لَهُ الطَّهارَةُ، دُعاءُ الأَذْكارِ بِالتَّمجيدِ، وَالتَّقْديسِ، وَدُعاءُ المسائِلِ وَالمطالِبِ، كُلُهُ يُطْلَبُ لَهُ أَنْ يَكُونَ الإِنْسانُ عَلَى طَهارَةٍ، عَلَى وَجْهِ الاسْتِحْبابِ، يَدُلُّ لِذَلِكَ ما في صَحِيحِ الإِمامِ مُسْلِمٍ، مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ – رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُ – أَنَّ النَّبيَّ ﷺ قالَ: «ما مِنكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتوَضَّأُ فَيُسْبِغُ الوُضُوءَ» أَيْ يُكَمِّلُهُ، وَيَبْلُغُ بِهِ كُلَُ ما يَنْبَغِي أَنْ يُطَهِّرهُ: "ثُمَّ يَقُولُ: «أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوابُ الجنَّةِ الثَّمانِيَةِ» صَحِيحُ مُسْلِمٍ (373) . فرتَّبَ النَّبِيُّ ﷺ الأَجْرَ في هَذا العَمَلِ عَلَى أَمْرَيْنِ:

الأَمْرُ الأَوَّلُ: أَنْ يَتَطَهَّرَ.
الأَمْرُ الثاني: وأَنْ يَذْكُرَ اللهَ ـ تَعالَى ـ بِهذا الذِّكْرِ، لِيَنالَ هَذا الفَضْلَ.
وقَدْ كانَ النبيُّ ﷺ حَرِيصاً عَلَى ذِكْرٍ عَلَى طَهارَةٍ، وَيَكْرَهُ أَنْ يَذْكُرَ اللهَ ـ تَعالَى ـ عَلَى غَيْرِ طَهارَةٍ، كَما في الصَّحيحَيْنِ، مِنْ حَدِيثِ أَبي جُهَيْمٍ بْنِ الحارِثِ: "أنَّ النَّبيَّ ﷺ أقْبَلَ مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ، فَلَقِيهُ رجلٌ فَسَلَّمَ علَيْهِ - قالَ: السَّلامُ علَيْكُمْ، وَجَّهَهُ إِلَى النبيِّ ﷺ - فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبيُّ ﷺ السَّلامُ حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الجَدارِ فَمَسحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ" صَحِيحُ البُخارِيِّ (337)، ومُسْلِمٌ (369)  سببُ هَذا جاءَ بَيانُهُ في حَدِيثٍ آخرَ، رَواهُ أحْمَدُ في إِسْنادٍ جيِّدٍ، مِنْ حَدِيثِ المهاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ: "أَنَّهُ سَلَّمَ عَلَى النَّبيِّ ﷺ وهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النبيُّ ﷺ السَّلامُ حَتَّى فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ، فَرَدَّ عَليْهِ السَّلامُ - ثُمَّ قالَ في سَبَبِ تأْخِيرِ التَّحِيَّةِ - قالَ: إِنَّهُ لم يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ – أَي السَّلامُ – إِلَّا أَنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللهَ عَلَى غَيْرِ طَهارَةٍ" مُسْنِدِ أَحْمَد (19034)  وَلِذَلِكَ جاءَ في فَضْلِ التَّطَهُّرِ، وَالذِّكْرِ أَحادِيثُ كَثِيرَةٌ، هَذا فِيما يتَعَلَّقُ بِذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، في دُعاءِ العِبادَةِ.
وَفي دُعاءِ تَمْجِيدِ اللهِ، وَتَقْدِيسِهِ، ثَمَّةَ أَمْرٌ وَهُوَ ما يَتَعَلَّقُ بِدُعاءِ المسْأَلَةِ، وَالطَّلَبِ، هَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ الطَّهارَةُ؟
الجوابُ: نَعَمْ، كَما تقدَّمَ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ ما في الصَّحيحينِ مِنْ حَدِيثِ أَبي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ – رَضِيَ اللهُ تَعالَى عنْهُ – فَإِنَّ أَبا مُوسَى أَدْرَكَ أَبا عامِرٍ – رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُ – وَقَدْ أُصِيبَ بِسَهْمٍ في رُكْبَتِهِ، فَلَمّا جاءهُ طَلبَ مِنْهُ أَبُو عامِرٍ، طَلَب مِنْ أَبِي مُوسَى أَنْ يَنْزِعَ السَّهْمَ، يَقُولُ: فَنَزَعْتُ السَّهْمَ مِنْ رُكْبَتِهِ فَنَزلْنا، ثُمَّ قالَ أَبُو عامِرٍ لأَبي مُوسَى وَهُو في هَذِه الحالِ، أَقْرِئِ النَّبِيَّ ﷺ مِني السَّلامَ – أَيْ سَلِّمْ لِي عَلَى النَّبيِّ ﷺ - وَقُلْ لَهُ: يستغفرْ لي - فَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَسْتَغْفرَ لَهُ – لمّا جاءَ أَبُو مُوسَى إِلَى النبيِّ ﷺ وأَخْبِرْهُ خَبرَ أَبي عامِرٍ، وَما طلَبَ مِنْهُ، دَعا النبيُّ ﷺ بماء فتوضَّأَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَقالَ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِعَبيدٍ أَبي عامِرٍ» صَحِيحُ البُخاريِّ (2884)، وَمُسْلِمٌ (2498)  وَقالَ أَبُو مُوسَى ورَأَيْتُ بَياضَ إِبِطَيْهِ، يَعْني مِنْ شِدَّةِ رَفْعِ النَّبيِّ ﷺ يَدَيْهِ لِدُعائِهِ لأَبي عامِرٍ، أَنَّهُ رَأَى – صَلَواتُ اللهِ وَسلامُهُ عَلَيْهِ – بَياضَ إِبِطَيْهِ، ثُمَّ قالَ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِاللهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ، وَأَدْخَلْهُ يَوْمَ القِيامَةِ مُدْخَلاً كَرِيما» صَحِيحُ البُخارِيِّ (4323)، وَمُسْلِمٌ (2498) .
والشاهدُ مِنْ هَذِهِ القِصَّةِ، هُوَ أَنَّ النَّبيَ لمّا أَرادَ أَنْ يَدْعُوا لأَبِي عامرٍ، دَعا بِوُضُوءٍ، دَعا بماءٍ، وَتَوَضَّأَ ثُمَّ دَعا، فَيُشْرَعُ لِكُلِّ مِنْ أَرادَ أَنْ يَدْعُو اللهَ ـ عزَّ وَجَلَّ ـ وَأَنْ يَسْأَلَهُ ما يَشاءُ مِنْ الخَيْرِ في دِينِهِ، وَدُنْياهُ، أَنْ يَكُونَ عَلَى طَهارَةٍ، فَإِنَّ مِنْ تَعْظِيمِ اللهِ ـ عزَّ وَجلَّ ـ وَمِنْ إِجْلالِهِ أَنْ تسأَلَهُ وأَّنْتَ عَلَى أَكْمَلِ أَحْوالكَ في الظَّاهِرِ وَالباطِنِ، في الظاهِرِ في الوُضُوءِ، وَالطَّهارةِ، وَفي الباطِنِ في الإِخْلاصِ، وَالتَّمْجِيدِ، وَالثَّناءِ، وَالضَّراعَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ سَبَباً لإِجابَةِ الدُّعاءِ.
اللَّهُمَّ أَلهِمْنا رُشْدَنا، وَقِنا شَرَّ أَنفُسِنا، وَأَعِنَّا عَلَى طاعَتِكَ، واسْلُكْ بِنا سَبيلَ أولياءِكَ، إِلَى أَنْ نلْقاكُمْ في حَلْقَةٍ قادِمَةٍ مِنْ بَرْنامجكُمْ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ أَسْتَوْدِعُكُمُ اللهَ الَّذي لا تَضِيعُ وَدائِعُهُ، وَالسلامُ عليكُمْ وَرحمةُ اللهِ وَبركاتُهُ.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات95120 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات90819 )

مواد مقترحة

445. Jealousy
8172. مقدمة.
8231. مقدمة