شالسلامُ عليكُمْ ورحمَةُ اللهِ وبركاتُهُ .. الحمدُ للهِ حَمْداً كَثيراً طيباً مُباركاً فيهِ، كَما يحبُّ رَبُّنا ويَرْضَى، أَحْمدُهُ حَقَّ حمدهِ، لَهُ الحمْدُ كُلُّهُ، أولُهُ وآخرِهُ، ظاهِرُهُ وَباطِنُهُ، وأَشْهدُ أنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، إِلَهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرينَ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ.
وأشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيِّهُ، وَخَليلُهُ، وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، اللهُمَّ صلِّ علَى محمدٍ وعَلَى آلِ محمدٍ، كَما صلَّيْتَ عَلَى إِبراهيمَ وَعَلَى آلِ إِبْراهيمَ، إِنَّكَ حميدٌ مجيدٌ، أَمَّا بَعْدُ:
فَحياكُمُ اللهُ أَيُّها الإِخْوةُ والأَخواتُ .. وأَهْلاً وَسَهْلاً بكُمْ في هَذِهِ الحلْقَةِ الجدَيدَةِ منْ برنامجِكُمْ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ غافر:60 .
ذاكَ الأمرُ الإلهيُّ الربانيُّ، لِعبادهِ أَنْ يَدْعُوهُ، ليْسَ ثَمَّةَ قَيْدٌ، وَلا هُناكَ وَقْتٌ لتَحْقِيقِ، وَامْتِثالِ هَذا الأَمْرُ، بَلْ هُوَ في كُلِّ اللَّحظاتِ، وَمَعَ كُلِّ الأَنْفاسِ، وَفي كُلِّ النبَضاتِ، نحْنُ مأْمُورُونَ بِدُعائِهِ عَلَى نَحْوٍ لا يَنْقَطِعُ، قِياماً وَقُعُودًا، وَعَلَى جنبٍ، وفي العُسْرِ وَاليُسْرِ، وَفي المنشَطِ والمكْرَهِ، وَفي كُلِّ أَحْوالِنا: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ﴾ آل عمران:191 يُنَزِّهُكَ عَنْ كُلِّ ما يَعِيبُكَ، فَأَنْتَ الكريمُ، المنَّانُ، العَظِيمُ، الرَّحِيمُ، الرَّحْمَنُ، الَّذي تعالَى عَنْ أَنْ يَكُونَ في شيءٍ مِنْ شَأْنِهِ نَقْصٌ، أَوْ عَيْبٌ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾الشورى:11 .
أَيُّها الإِخْوةُ وَالأَخْواتُ .. هَذا الدُّعاءُ المأْمُورُ بِهِ، يَشْمَلُ كُلَّ العِباداتِ: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)﴾ الأَنْعام:162-163 إِنَّنا مأَمْوُرونَ بِعِبادَةِ اللهِ في كُلِّ لِحظاتِنا، لا يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَلَيْسَ المقْصُودُ في العِبادَةِ أَنْ يَكُونَ الإِنْسانُ في محرابِهِ، وَلا أَنْ يَكُونَ في صِيامٍ، أَوْ في حَجٍّ، بَلِ العِبادَةُ بِمفْهُومِها الشاملِ أَنْ يَكُونَ القَلْبُ للهِ مُحِبًّا، وَأَنْ يَكُونَ القَلْبُ للهِ مُعَظِّما، وأنْ يُحَقِّقَ التَّوْحِيدَ للهِ: "لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ" هَذا هُوَ أَصْلُ العِبادَةِ، الَّتي لا يَنْفَكُّ عَنِ الإِنْسانِ في لحظَةٍ مِنَ اللَّحظاتِ، فَالقُلُوبُ مَأْسُورَةٌ لا تِجدُ سَكَناً إِلَّا بِالاعْتِصامِ بهِ:
القلْبُ مَفْطُورٌ عَلَى محبوبِهِ الأَعْلَـــى فَلا يُغْنِيهِ عَنْهُ حُبٌ ثانٍ
لِذلكَ القلْبُ إِذا انْقَطعُ عَنِ اللهِ هَلَكَ، القَلْبُ إِذا انْقَطعَ عَنِ اللهِ عَمِي، القَلْبُ إِذا انْقطعُ عَنِ اللهِ ماتَ: "مثلُ الَّذي يَذْكرُ رَبَّهُ وَالَّذي لا يَذْكرُ رَبَّهُ كَمَثَلِ الحيِّ والميِّتِ" إِذاً الدُّعاءُ المأْمُورُ بِهِ في قَوْلِهِ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ غافر:60 ليسَ مَقْصُوراً عَلَى زَمانٍ، وَلا عَلَى مكانٍ، وَلا عَلَى حالٍ، وَلا علَى وَقْتٍ، وَلا عَلَى جِهةٍ، بَلْ هُوَ مَأْمُورٌ في كُلِّ الأَحْيانِ، امْتَثلَ ذلكَ سيَّدُ ولدِ آدمَ، كَما في الصَّحيحِ مِنْ حَدِيثِ عائِشَةَ، أَنَّها قالَتْ في رَسُولِنا ﷺ: "كانَ يَذْكُرُ اللهَ في كُلِّ أَحْيانِهِ" صَحيحُ مُسلمٍ (373) لم يَكُنْ ذلِكَ مَقْصُوراً عَلَى وَقْتٍ، وَلا عَلَى زَمانٍ، وَلا عَلَى حالٍ، بَلْ في كُلِّ أَحْيانِهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.
أَيُّها الإِخْوَةُ وَالأَخواتُ .. هَذا البابُ مَفْتوحٌ لا يُغلقُ، بَلْ إِنَّهُ منذُ جريانِ قَلمِ التكلِيفِ، بَلْ قَبْلَ التَّكليفِ العبدُ مَأْمورٌ بأَنْ يَتَهَيَّأَ، وَيَسْتَعِدَّ فَأَمَر اللهُ ـ تَعالَى ـ الوالدينِ بِأَمْرِ الصغارِ بِالصِّلاةِ: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ طه:132 وَقالَ النبيُّ ﷺ: «مُروا أَولادَكمْ بِالصَّلاةِ لِسبعٍ، وَاضرُبوهُمْ علَيْها لِعَشْرٍ» مُسْنَدُ أحْمَدَ (6756)، وَقالَ مُحَقِّقُو المسندِ: إِسْنادُهُ حسنٌ ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ في كُلِّ زَمانِهِ، وَفي كُلِّ وَقْتِهِ، وَفي كُلِّ حالِهِ هُوَ مَأْمُورٌ بأَنْ يُحَقِّقَ العُبُودِيَّةَ للهِ جَلَّ في عُلاهُ.
هذا المعْنَى يَنبغِي أَنْ يَكُونَ حاضِراً، وَالعبادةُ بِشقِّيْها، الدُّعاءُ بِشِقَّيْهِ هُوَ: إِقامَةُ الفَرائِضِ، وَالشَّعائِرِ، وَالعِباداتِ الَّتي أَمرَ اللهُ ـ تَعالَى ـ بِها. وَالعِبادَةُ بوجْهِها الآخِرِ: وهُوَ الدُّعاءُ، وَالسُّؤالُ، والطَّلَبُ، وَإِنْزالُ الحاجاتِ، لكنْ ثَمَّةَ أَوْقاتٌ يَكُونُ فِيها دُعاءُ السُّؤالِ، وَالطَّلَبَ أَرْجَى في الإِجابَةِ، ثَمَّةَ أَحْوالٌ يَكُونُ فِيها الإِنْسانُ قَرِيباً مِنِ الإِجابَةِ، ثَمَّةَ أَعْمالٍ تَكُونُ سَبَباً لِتَحْصِيلِ الإِجابَةِ، لَكِنْ في الجُمْلَةِ نَحنُ مَأْمُورُونَ بدُعائِهِ، دُعاءُ عِبادِةٍ، دُعاءُ مَسْأَلَةٍ، في كُلِّ الأَوْقاتِ البابُ مَفْتُوحٌ مُشَرَّعٌ، لِذَلِكَ قالَ الصَّحابَةُ – رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُمْ – لِلنَّبِيِّ ﷺ وَهُمْ يَسْأَلُونَهُ: "يا رَسُولَ اللهِ ربُُنا الَّذي نَعْبُدُهُ، وَنَذكُرهُ، وَنُصَلِّي لَهُ، وَنَسْجُدُ، أَقَرِيبٌ فَنُناجِيهِ، أَمْ بَعِيدٌ فَننادِيهِ؟ فأَنْزَلَ اللهُ ـ تَعالَى ـ جَواباً لهذا السُّؤالِ: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ فهُوَ القَريبُ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ: ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ هَذا ثمرةُ القُرْبِ .. ثمرةُ القُرْبِ للربِّ إِجابَةُ الدَّاعِي إِذا دعاهُ: ﴿فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ البقرةُ:186
ما أحْوَجَنا أَيُّها الإِخْوةُ والأخواتُ إِلَى اسْتِشْعارِ قُرْبِ اللهِ ممَّنْ دَعاهُ، حتَّى نكُونَ مِنْ جُملَةِ الدَّاعِينَ، أَرأَيْتَ الآنَ .. أَخْبِرونا أَيُّها الإِخْوَةُ وَالأَخواتُ .. لَوْ أَنَّهُ أُتِيحَ لكُمْ فُرْصَةُ القُرْبِ مِنْ كَبيرٍ، غَنٍِّي، قديرٍ، لَهُ مَكانةٌ، لَهُ مَنْزِلَةٌ، أَلا تَفْرَحُونَ بالقُرْبِ؟ أَلَيْسَ مَنْ هُوَ في حاشِيَةِ الملُوكَ، والأُمَراءِ، والرؤَساءِ، وَالكُبراءِ، والوزراءِ، وَذِوي المكانَةِ في البلدِ، أَلَيْسُ يَشْعُرُون بِشَيءٍ مِنَ الحَظْوةِ، وَالمكانةِ؟ لأَنَّهُمْ قَرِيبُونَ ممنْ يَطْمعُ النَّاسُ في الخيرِ مَنْ قِبَلِهم، وَيخْشَوْنَ الضُّرَّ مِنْ جَهِتَهُمْ، بَلَى.. فَكَيْفَ بِالقُرْبِ مِنَ اللهِ؟ إِنَّها فُرْصَةٌ فَتَحها اللهُ لِعبادةٍ، لم يُقيِّدْها بِوَقْتٍ، وَلَمْ يُقيِّدْها بِزَمانٍ، ولم يُقيِّدْها بحالٍ، بَلْ إِنَّها بعَملٍ، قالَ اللهُ تَعالَى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ البقرة:186 وَ«أقْرَبُ ما يكونُ العَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وهُوَ ساجدٌ» صحيحُ مسلمٍ (482) ذاكَ فَضْلُ اللهِ، وَعَطاءهُ، وإِحْسانُهُ.
المؤْمنُ متَى ما طَرقَ بابَ ربهِ فلَنْ يرْجِعَ مِنْهُ إِلَّا بخيرٍ، لِذلكَ جاءَ في السُّننِ، بإسنادٍ جيدٍ، مِنْ حَدِيثِ سَلْمان، أَنَّ النبيَّ ﷺ قالَ: «إنَّ الله حييٌّ كريمٌ، يَسْتَحِي أَنْ يَمُدَّ العَبْدُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ فَيرُدُّهُما صِفْرا» سُنَنُ التِّرْمِذِيِّ (3556) وصحَّحَهُ الأَلْبانِيُّ إِنَّ اللهُ لا يَرُدُّ مَنْ سَأَلَهُ، وَقَصَدهُ خائِباً، بَلْ لا بُدَّ أَنْ يَعُودَ مِنَ اللهِ بِفَضْلٍ، وَإِحْسانٍ، وَمَنٍّ، وَكَرَمٍ، لَكِنَّ اللهَ مِنْ فضْلِهِ، وَعظيمِ إِحْسانهِ، وجودهِ، جعلَ ثمَّةَ أَوْقاتٍ، أَعْمالٌ، أحوالٌ، يكثرُ فِيها العَطاءُ، ويزْدادُ فِيها المنُّ، والفضلُ مِنَ الكريمِ المنَّانِ ـ جلَّ في علاهُ ـ فحرِيٌّ بالمؤمنِ أَنْ يَتَحرَّى ذلكَ، وَقْتاً، وعمَلاً، وَحالاً، حتىَّ يفُوزَ بِعطاءِ اللهِ ـ عزَّ وَجلَّ ـ عَلَى أَكْمَلِ ما يُؤمِّل، وأَوْسَعِ ما يرْجُو.
فمن الأعمال التي تُرجى معها الإجابة، ما ذكرهُ النبيُ ﷺ من إسباغ الوضوء، ففي صحيح الإمام مسلم، من حديث عمر بن الخطاب – رضي اللهُ تعالى عنه – أنَّ النبيَ ﷺ قال: «ما منكم من أحدٍ يتوضأ فيسبغُ الوضوء، ثم يقول: أشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسوله إلا فُتحت لهُ أبواب الجنة الثمانية» صحيح مسلم (234) هذا الفضل العظيم، والجزاء الكبير بفتح أبواب الجنة الثمانية، هو عندَ عملين:
العمل الأول: أن تتوضأ وضوءً تاماً، بأن تُسبغ الوضوء، وتُكمّلَهُ على نحوٍ ما أُمرتَ به.
العمل الثاني: بعد ذلك تقول هذه الكلمات، هذه الشهادة التي هي مفتاح الجنة: "أشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسوله".
هذه من مواطن الإجابة، عملٌ يكون عندهُ جواب، ومنهُ أيضاً قول النبي ﷺ: «وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمِنٌ أن يستجاب لكم» صحيح مسلم (479) أي حريٌ أن يُستجاب لكم وأنتم ساجدون، وهذا يدلُّ على عظيمِ الرجاء من الساجد، في إدراك ما يؤمّل، كيف لا وهو في أقرب ما يكونُ من ربه، جاءَ في الصحيح من حديث أبي هريرة – رضي اللهُ تعالى عنه – أنَّ النبيَ ﷺ قال: «أقرب ما يكونُ العبدُ من ربه وهو ساجد، فأكثروا من الدعاء» ولذلك كان النبيُ ﷺ يلحوا في دعاء الله، وسؤاله: «اللهم اغفرلي ذنبي كُلّه، دقّهُ، وجلّه، أولهُ، وآخره، علانيته، وسرّه» صحيح مسلم (483) في سجودهِ تعظيماً لربه، وأملاً في نيل فضله، وعطاءه جلّ في علاه، وإنَّ من المواطن التي ينالُ فيها العبدُ فضلَ اللهِ عزّ وجل، وعطاءهُ، هو عندما يدعوا لأخيه المسلم، فإنَّ الدعاء للمسلم في ظهرِ الغيب، من موجبات الإجابة، فهو من الأحوال التي يُجاب فيها الدعاء، ويُرجى فيها النوال، جاء ذلك فيما رواهُ أبو الدرداء – رضي اللهُ تعالى عنه – أنهُ قال فيما يرويه عن النبي ﷺ أنهُ قال ﷺ: «دعوة المرء المسلم لأخيه في ظهر الغيب مُستجابة» فإذا قلت لأخيك المسلم: اللهم اغفر له، فإنَّ الله يجيبُ دُعاءك.
اللهم يسر أمره، اللهم أنجح سعيه، اللهم أحفظه، بأي دعوة من دعوات الخير، فإنها مُستجابة، وثمةَ فضلٌ آخر: «عند رأسه ملكٌ موكل كلما دعا لأخيه بخير، قال المَلَك: آمين ولك بمثل» صحيح مسلم (2733) فهذا من المواطن التي تُرجى فيها الإجابة عندما يدعُ المؤمن لأخيه المؤمن في ظهر الغيب.
من مواطن الإجابةِ بالنظرِ إلى الوقت، هو ما جاء عن النبي ﷺ من الإجابةِ بين الأذان والإقامة، فقد جاء في المسند بإسنادٍ جيد، عن أنس بن مالك – رضي الله تعالى عنه – أنَّ النبي ﷺ قال: «الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة» سنن أبي داود (521) وصححه الألباني .
(فادعوا) أخبر، وندب، أخبرَ بأنَّ الدعاء بين الأذان والإقامة، سواءً كان ذلك في المساجد، أو كان ذلك في البيوت، سواءً كان ممن يشهد الجماعات كالرجال، أو ممن لا يشهد الجماعات كالنساء، مما يُرجى أن يحصل معهُ إجابة الدعاء، فإنهُ لا يرد الدعاء في هذا الوقت، بل الدعاء مُجابٌ، واللهُ تعالى يعطي عبادة من فضله شيئاً عظيماً جزيلاً، وسيأتي مزيد بيان، وإيضاح للمواضع التي تُرجى فيها الإجابة، أسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم البصيرة في الدين، والعمل بالتنزيل، وأن يوفقنا إلى ما يحبُ ويرضى من الأعمال ظاهراً، وباطناً، إلى أن نلقاكم في حلقةٍ قادمة من برنامجكم: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ أستودعكم الله الّذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...