السلامُ عليكمْ وَرحمةُ اللهِ وبركاتُهُ.. حياكُمُ اللهُ أَيُّها الإخوةُ والأَخواتُ.. في هذِهِ الحلْقَةِ الجديدةِ منْ بَرنامجِكُمْ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾.
الحمدُللهِ حمْدَ الصَّالحينَ، وأَشْكُرُهُ شُكْرَ عِبادةِ المُقرِّينَ بفضْلِهِ، وَأُثْنِي عليْهِ الخيْرَ كُلَّهُ، أَشْكُرهُ وَلا أَكْفُرُهُ، وَأَتْرُكُ وأَخْلَعُ كُلَّ مَنْ يَفْجُرُهُ، لَهُ الحمْدُ كُلُّهُ، أَوَّلُهُ، وآخِرُهُ، ظاهِرُهُ، وَباطِنُهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، إِلَهُ الأَوَّلِينَ والآخِرِينَ، لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحمنُ الرَّحيمُ.
وأَشْهدُ أنَّ مُحمَّدا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيِّهُ وَخَلِيلُهُ، وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، صَلَّى اللهُ علَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ، وَاقْتَفَى أَثَرهُ بِإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أمَّا بَعْدُ:
فهَذِهِ الحلَقَةُ نَتَناوَلُ فِيها شَيْئا مِمَّا يَفوَّتُ بهِ ما أَمرَ اللهُ تَعالَى بِهِ النَّاسَ، في قَوْلِهِ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ غافر:60 اللهُ أَمَرَنا بِالدُّعاءِ، وَوَعَدَنا بِالإجابَةِ، لكنَّ الإجابةَ قدْ تَتَخلّفَ لا لِعَجْزِهِ جَلَّ في عُلاهُ، فَهُوَ الَّذِي قالَ عَنْ نَفْسِهِ: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)﴾ يس:82 كَما أَنَّ الإِجابَةَ لا تَتَخَلَّفُ لِبُخْلِهِ، أَوْ لِفقْرِهِ: ﴿وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ فاطر:15 ، ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾ المائدة:64 إِنَّما قَدْ يُوجَدُ ما يَمنعُ مِنْ إجابَةِ الدُّعاءِ، قَدْ يُوجدُ حكمةٌ تَمْنعُ إِجابةَ الدُّعاءِ، قَدْ يُوجَدُ مَصْلَحَةٌ تمنَعُ إِجابَةَ الدُّعاءِ، وَقَدْ يَمتَنِعُ الدُّعاءُ بِسَببٍ مِنَ الإِنْسانِ، إِذا امْتَنعَ الدُّعاءُ بَسَبَبٍ مِنْ قِبَلِ اللهِ لأَجْلِي حِكْمَتِهِ، وَعِلْمهِ، فَذاكَ خِيارُ اللهِ لَكَ، فَطِبْ نَفْسا فاخْتِيارُ اللهِ لكَ خيرٌ مِنَ اخْتِيارِكَ لِنَفْسِكَ، لَكِنَّ الَّذي نَبْحَثُهُ في مَوانِعِ الدُّعاءِ، في هَذهِ الحلَقَةِ، إِنَّما هُوَ الموانِعُ الَّتي تتعلَّقُ بِنا نحْنُ، الَّتي هِيَ مَنْ كَسْبِ أَيْدِينا، الَّتي هِيَ مِنْ صُنْعِنا، وَعَمَلِنا، هُنا نحْتاجُ إِلَى أَنْ نَقَفِ مَعَ أنْفُسِنا، وَنُفَتِّشُ عَنْ تِلْكَ الأَسْبابِ، الَّتي يَمْتَنِعُ بِها جَوابُ رَبَّنا لَنا، وَقَدْ وعَدَنا في مُحكُمِ كِتابهِ، بِأنْ يُجيبَ دُعاءَنا: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ إنَّ الدُّعاءَ مِنْ أَقْوَى الأَسْبابِ، في تَحْصِيلِ المطالبِ، وَفي دَفْعِ المكْرُوهاتِ، ولا يُمكِنُ أَنْ يَتَخَلّفَ إِلَّا لسببٍ، لا تَتَخَلَّفُ الإِجابِةُ إِلَّا لِسَبب:
1) إمّا لِضعفِ الدَّاعِي فِيما يَدْعُو بهِ رَبَّهُ.
2) وَإمّا أَنَّهُ دَعا بِما لا يُحِبُّهُ اللهُ، وَلا رَسُولُهُ.
3) وَإِمّا أن يكُونَ الدَّاعِي قَدْ دَعا بِما يَكُونُ سَبَبا لمنْعِ دُعاءِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُفتِّشَ الإِنْسانُ، عَنْ الأَسْبابِ الَّتي تَمْنعُ الدُّعاءَ، وَلَهذا قالَ اللهُ ـ تَعالَى ـ: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعا وَخُفْيَة إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ الأَعراف:55 فأَخْبرَ أَنَّهُ لا يُحِبُّ المعْتَدِينَ، وَالاعْتَداءُ مِنْ مُوجِباتِ مَنْعِ الدُّعاءِ، وَالاعْتِداءِ لَهُ صُورٌ، فَمِنْ أَسْبابِ عَدَمِ إِجابَةِ الدَّعَواتِ، أَنْ يَكُونَ الإِنْسانُ وَاقِعٌ في الشِّرْكِ، مُتَعَلِّقا بِغَيْرِ اللهِ، انْصرَفََ قلْبُهُ إِلَى سِواهُ: ﴿وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ الّذي قالَ: «أَنا أَغْنَى الشُّركاءِ عنِ الشِّرْكِ، مَنْ عمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْري ترَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» صَحيحُ مُسْلمٍ (2985) وَقَدْ قالَ اللهُ ـ تَعالَى ـ: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ لقمان:13 وقالَ ـ جلَّ في عُلاهُ ـ: ﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ الأَنعام:21 فينبَغِي لِلمُؤْمِنِ أَنْ يُخلِصَ قَلْبَهُ للهِ، ولذلِكَ كانَ الإِخْلاصُ حَتَّى مِنَ المشْرِكِ مُوجِبا لِلإجابَةِ، قالَ اللهُ ـ تَعالَى ـ: ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65)﴾ العنكبوت:65 وقال ـ جلّ وعلا ـ: ﴿ وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32) ﴾ لُقمان:32 إِنَّ تمامَ الإِخْلاصِ للهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ هُوَ مِنْ مُوجِباتِ عَطاءِ اللهِ، منْ مُوجِباتِ إجابتِهِ، مِنْ مُوجِباتِ هِباتهِ، فَلْنَحْرِصْ عَلَى الإِخْلاصِ لَهُ، إِنَّ مِنْ مَوانِعِ الدُّعاءِ:
1) أَنْ يَغْرقَ الإِنْسانُ في الحرامِ، مأْكلاً، وَمشْرَبا، وَمَلْبسا، وَشِبعا، فَقَدْ جاءَ في صحيحِ الإِمامِ مُسْلِمٍ، مِنْ حَديثِ أَبي هُريرة، أَنَّ النبيَّ ﷺ قالَ: «أَيُّها الناسُ: إنَّ الله طيبٌ لا يقْبلُ إلا طيبا، وَإِنَّ الله أمرَ المؤمنين بما أمرَ بهِ المرسلين، فقال ـ جلّ في علاه ـ: ﴿يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51)﴾ المؤمنون:51 وَقالَ ـ سُبْحانهُ ـ: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172)﴾ البقرة:172 " قالَ أبُو هُريرةَ: «ثُمَّ ذَكَرَ النَّبِيُ ﷺ الرجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ، أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّماءِ، يا رَب، يا رَب» وَهَذِه حالُ المضْطرِّ، حالُ المنْقَطِعِ، حالَ مَنْ يرْجُوا الجوابِ، حالُ مَنْ هُوَ في ضرَورَةُ، لكنْ ثَمَّةَ ما يَمنَعُ مِنْ إِجابَةِ هَذا: «وَمَطْعَمُهُ حَرامٌ، وَمَشْربُهُ حَرامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرامٌ، وَغُذِيَ بِالحرامِ» أَيْ شبِعَ مِنَ الحرامِ في كُلِّ هَذا: «فَأَنِّى يُستجابُ لِذَلِكَ» صَحيحُ مُسْلَمٍ (1015) فكَيْفَ يُسْتَجابُ لمنْ هَذِهِ حالُهُ؟ أَنَّ الحرامَ أَحاطَ بِهِ مِنْ كُلِّ جانبٍ؟ إِنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَجِدَ إِجابةً: «ومطْعَمُهُ حرامٌ، وَمَشْربُهُ حرامٌ، وَمَلْبسُهُ حرامٌ، وَغُذِيَ بِالحرامِ، فَأَنَّى يُسْتجابُ لذلكَ» إِنَّ المؤْمِنَ يَتَوَقّى الحرامَ في المأْكَلِ، وَالمشْرَبِ، وَالملْبَسِ، وَالشِبِعِ، لأَجْلِي أنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ مُوجِباتِ إِجابَةِ الدُّعاءِ، فَإِنَّ مِنْ أَسْبابِ مَنْعِ إجابَةِ الدعاء:
2) أن يكون كسبُك، أنْ يكُونَ رِزْقكَ مِنْ مَصْدرٍ حَرامٍ، بَعْضُ الناسِ يتصوَّرُ أنَّ الكسْبَ الحرامَ فقطْ هُوَ المالُ المسْرُوقُ، أوْ هُوَ المالُ المُغْتَصَبُ، أَوْ ما أَشْبهَ ذَلِكَ، والحرامُ أوْسَعُ منْ هَذا، الَّذي يأْكُلُ الرِّبا مَطْعَمُهُ حَرامٌ، الَّذي يأْكُلُ الرِّشْوةَ مَطْعمُهُ حرامٌ، الَّذي يختلسُ مِنْ أموالِ الناسِ مطعمُهُ حرامٌ، الَّذي يَغُشُّ في البَيْعِ مطْعَمُهُ حرامٌ، فينْبَغِي أَنْ نَفْهَم، أَنَّ المالَ الحرامَ لا يَقْتَصِرُ فَقَطْ عَلَى صُورةٍ، مِنَ السَّرَقَةِ، أو الغَصَبِ، أَوْ ما أشْبهَ ذلِكَ، بَلْ هِي أَوْسَعُ مِنْ ذَلِكَ، تَشْمَلُ كُلَّ كَسْبٍ يَصِلُ إلَى يَدَيْكِ، مِنْ طَرِيقٍ حَرَّمَهُ اللهُ ـ جَلَّ وَعَلا ـ فَتَوَقَّى ذلك، فإنَّ ذلك من أسبابِ منعِ إِجابَةِ الدُّعاءِ، إِنَّ مِنْ أَسْبابِ مَنْعِ إِجابَةِ الدُّعاءِ:
3) الاسْتِعْجالُ في حُصُولِ المطْلُوبِ، قَدْ قالَ النَّبِيُّ ﷺ، كَما في الصَّحِيحَيْنِ، مِنْ حَدِيثِ أَبي هُريرَةَ – رَضِيَ اللهُ تَعالَى عنْهُ -: «يُستجابُ لأَحَدِكُمْ ما لمْ يَعْجَلْ» أيْ يُجابُ إِلَى ما طَلَبَ، وَما سَأَلَ: «ما لمْ يَعْجلْ» يَقُولُ: «دعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لي» وَقَدْ جاءَ بَيانُ ذلِكَ ما رَواهُ الإِمامُ مُسْلِمٌ، في صَحِيحِهِ، قالَ ﷺ: «لا يَزالُ يُسْتجابُ لِلعَبْدِ ما لمْ يَدْعُ بإِثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، ما لمْ يَسْتَعْجِلْ» فذكَرَ النبيُّ ﷺ الاسْتِعْجالَ مانِعا مِنْ مَوانِعِ الإِجابَةِ: "قِيلَ يا رَسُولَ اللهِ: ما الاسْتِعْجالُ، قالَ ﷺ: «يقولُ: قَدْ دَعَوْتُ اللهَ، وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ يُستَجَبْ لي، فَيَسْتَحْسِرْ عِنْدَ ذلكَ، وَيَدَعُ الدُّعاءَ» صَحيحُ مُسْلمٍ (2735) فينبغِي لِلمؤمنِ أنْ يعلَمَ أَنَّ تأخُّرَ الإِجابَةِ لَيْسَ ذَلِكَ مَنْعا لَهُ مِنَ العَطاءِ، والهباتِ، بَلْ ذاكَ لأَجْلِ أَنَّ اللهَ ـ تَعالَى ـ اخْتارَ لَهُ ما هُوَ خَيْرٌ، وَما هُوَ أَفْضَلُ، اللهُ أعْلَمُ بِالصالحِ وَقْتا، وَمَكانا، وَحالا، وَنَوْعا، وَجِنْسا، فَينبَغِي أَنْ تُفوِّضَ أَمْرَكَ إلَى اللهِ، أَيْضا مِمَّا يمنع إِجابَةَ الدُّعاءِ:
4) أن يدعو الإنسان بإثمٍ، أو قطيعة رحم، فقد جاءَ في صحيح الإمام مسلم، من حديث أبي هريرة، أنَّ النبي ﷺ قال: «لا يزالُ يُسْتَجابُ لِلعَبْدِ ما لمْ يَدْعُ بإثمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ» الدُّعاءُ بِإِثْمٍ هُوَ أَنْ يَقُولَ: اللهُمَّ يَسِّرْ لي الزِّنا، اللهُمَّ يسِّرْ لي السرِقَةَ، هَذا دُعاءٌ بِإِثْمٍ، هَذا لا يُسْتَجابُ، أَيْضا بِقَطِيعَةِ رَحِمٍ، أَنْ يَدْعُ اللهَ تعالَى أَنْ يُهْلِكَ وَلَدَهُ، أَوْ يُهْلِكَ أَقارِبَهُ، أَوْ ما أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأَدْعِيَةِ، الَّتي تَؤُولُ إلَى قَطْعِ الأَرْحامِ، وَجَحْدِ الحُقُوقِ، وَالتَّظالُمِ بَيْنَ النَّاسِ، إِنَّ مِمَّا يَمْنَعُ إِجابَةَ الدُّعاءِ:
5) أَنْ يَدْعُ الإِنْسانُ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِقَلْبٍ غافِلٍ، الدُّعاءُ مقَامٌ شريفٌ، ومنزلَةٌ عُلْيا، ومحَلٌ في غايَةِ السُّمُوِّ، مِنَ العِباداتِ، وَالطَّاعاتِ، فَيَنْبَغِي لِلمُؤْمِنِ أَنْ يَتَهَيَّأ لذَلِكَ، فَاللهُ ـ تَعالَى ـ أَمرَ بِهِ، وَوَعَدَ بِالإجابَةِ، فَلا تُفَوِّتْ عَلَى نَفْسِكَ الإِجابَةَ بِدُعاءٍ أَنْتَ فِيهِ غافِلُ الَقَلْبِ، جاءَ في جامِعِ التِّرْمِذِيِّ، وَغَيْرِهِ، مِنْ حَدِيثِ أَبي هُريرة – رضي الله تعالى عنه – أنَّ النبيَ ﷺ قال: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة» أي على يقين بأنَّ اللهَ قادرٌ على إجابتِكم، وأنَّ اللهَ غنيٌ لا يمنعهُ من الإجابةِ بخلٌ، ولا قلّة: «واعلموا أنَّ الله لا يستجيبُ دعاء من قلبٍ غافلٍ لاه» سنن الترمذي (3479) وحسن الألباني إسناده فليكن دعاؤك على هذا النحو، من حضور القلب، ومن عدم اللهو، والاشتغال عمّا تسألُ الله ـ عزّ وجل ـ فأنت تدعوا اللهَ ـ عزّ وجل ـ وأنتَ حاضرُ القلب، عظيمُ الرغبة، مقبلٌ على الله ـ عزّ وجلَّ ـ عِنْدَ ذلِكَ تُدرِكُ ما تُؤَمِّلُ، إِنَّ مِنْ مَوانِعِ الإِجابَةِ:
6) تَركَ ما يَنْبَغِي عَلَى المؤْمُِنِ، مِنَ الأَمْرِ بِالمعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ المنْكَرِ، فَإِنَّ تَرْكَ الأَمْرِ بِالمعروفِ، والنهْيَ عنِ المنكَرِ، في ما يتعلَّقُ بِالمنْكراتِ العامَّةِ، الظَّاهِرَةِ الفاشِيَةِ، هُوَ مِمَّا يَمْنعُ إِجابَةَ الدُّعاءِ، جاءَ ذَلِكَ فِيما رَواهُ أَصْحابُ السُّنَنِ، مِنْ حَدِيثِ حُذيفَةَ – رَضِيَ اللهُ تَعالَى عنْهُ – أنهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وَالَّذي نفسْي بيدِهِ لَتأْمُرُنَّ بِالمعْرُوفِ، ولَتَنْهَوُنَّ عَنِ المنكَرِ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللهُ أَنْ يَبْعَثَ عليكُمْ عِقابا مِنْهُ فَتَدْعُونَهُ، فَلا يَسْتَجِيبُ لَكُمْ» سُنَنُ التِّرْمِذِيِّ (2169) وَقالَ: هَذا حديثٌ حَسَنٌ فاذْكَرْ أَنَّ تَرْكَكَ لما أَمَرَ اللهُ ـ تَعالَى ـ بِهِ، مِنَ الأَمْرِ بِالمعروفُ، وَالنَّهْيِ عَنِ المنْكَرِ، هُوَ مِنْ أَسْبابِ العُقُوباتِ العامَّةِ، قالَ اللهُ ـ تَعالَى ـ: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ الأعراف:96 إنَّ منْ مَوانعِ الدُّعاءِ:
7) الاعتداءَ في الدُّعاءِ، قالَ اللهُ ـ تَعالَى ـ: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ الأعراف:55 فلْنَحْرِصْ عَلَى تجنُّبِ الاعتداءِ في الدعاءِ، وَلْنَسْلُكْ سَبِيلا قَوِيما، إِنَّ السلامَةَ في الدُّعاءِ مِنَ الاعْتِداءِ، أَنْ يَكُونَ علَى نَحْوِ ما كانَ عَلَيْهِ دُعاءُ النَّبيِ ﷺ.
اللهُمَّ أَلْهمْنا رُشْدَنا، وَقِنا شَرَّ أَنْفُسِنا، وَوَفِّقْنا إِلَى ما تُحِبُّ، وَتَرْضَى، خُذْ بِنَواصِينا إلَى البرِّ، وَالتَّقْوَى، أَسْتوْدِعُكُمُ اللهُ الَّذي لا تَضِيعُ وَدائِعُهُ، وَإِلَى أَنْ نَلْقاكُمْ في بَرامِجَ قادمِةٍ.. السلامُ عليكمْ وَرحمةُ اللهِ وبركاتُهُ...هَكَذا مَضَتْ ثلاثُونَ حَلَقَةً، من برنامجكم: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ ذلكَ البرنامج الّذي تناولنا فيهِ الدعاء، معناه، أهميته، فضائله، أنواعه، تناولنا فيه ما يكونُ من أسبابِ الإجابَةِ، وَما يكُونُ مِنْ أَسبابِ المنْعِ، تَناوَلْنا فِيهِ دُعاءَ اللهِ بِأَسْماءِ، دُعاءِ اللهِ بِصِفاتِهِ، دُعاءَ اللهِ بحالِ العَبْدِ، وَافْتِقارِهِ، تَناوَلْنا جَوانِبَ عَدِيدَةً، مِنَ الدُّعاءِ، وَأَنْواعِهِ، وَوَقَفْنا عَلَى نماذجَ في كِتابِ اللهِ، وَفي سُنَّةِ المصْطَفَى – صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ – تَناوَلْنا فِيهِ أمْراً عَظِيما، جَلالًا، قالَ فِيهِ النبيُّ ﷺ: «الدُّعاءُ هُوَ العِبادَةُ» سُنَنُ الترمِذِيِّ (2969) وَقالَ: هَذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ تَناوَلْنا فِيهِ أَمْرَ رَبِّنا لِلبَشَرِ كافَّةً: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾.