السؤالُ: ما حكمُ مَن تجاوزَ الميقاتَ ولم يُحرِمْ؟
الجوابُ : مَن تجاوزَ الميقاتَ نسيانًا أو جهْلًا يجبُ عليهِ أنْ يعودَ إليهِ ويحرمَ منهُ، فمثلًا: شخصٌ جاءَ مِن طريقِ المدينةِ، وتجاوزَ الميقاتَ، وبقيَ على مكةَ مئةَ كيلو، فأكثرُ العلماءِ على أنَّ الواجبَ عليهِ أنْ يرجعَ إلى ميقاتِه الذي تجاوزَه، ويحرمَ منهُ.
وهُناك قولٌ للإمامِ مالكٍ أنهُ يحرمُ مِن أيِّ ميقاتٍ يتيسرُ لهُ، وبالتالي فنقولُ لهُ: اذهَبْ إلى قرنِ المنازلِ، أو الجُحفةِ إذا كانتْ قريبةً، وبهَذا يكونُ قدْ أدَّى ما عليهِ في قولِ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-: (هُنَّ لهنَّ ولمَن أتَى علَيهِنَّ مِن غيرِ أهلِهن ممَّنْ أرادَ الحجَّ أو العمرةَ)، وهَذا أيسرُ وأسهلُ، وقدْ اختارَه شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحِمَه اللهُ، وهوَ قولٌ لهُ وجاهةٌ واعتبارٌ.
ومَن أحرمَ بعدَ أنْ تجاوزَ ميقاتَه، فيجبُ عليهِ ذبحُ شاةٍ في قولِ عامةِ العلماءِ، ولكنْ ليستِ المسألةُ اختياريةً كما يظنُّها بعضُ العوامِّ، يعني إنْ أردْتَ أنْ تحرمَ مِنَ الميقاتِ فهذا هوَ المطلوبُ، وإنْ شئتَ أنْ تتركَ الإحرامَ مِنَ الميقاتِ، وتحرمَ مِن أيِّ مكانٍ وتذبحَ شاةً، فهَذا غلطٌ، بلِ الواجبُ الإحرامُ مِنَ الميقاتِ، لكنْ في حالِ تورطِ الإنسانِ بتركِ هذا الواجبِ، فالمخرجُ هوَ ذبحُ شاةٍ، سواءٌ أكانَ عَن خطإٍ أو نسيانٍ أو تعمدٍ، ولكنْ في الخطإِ و النسيانِ لا إثمَ علَيهِ، وأما إذا كانَ عَن عمدٍ فعليهِ إثمٌ، وبناءً عليهِ فمَن يخالفُ النظامَ، فيحجُّ بدونِ تصريحٍ، ثُم يتجاوزُ الميقاتَ بلا إحرامٍ، فهذا في الحقيقةِ ما حجَّ حجًّا مبرورًا؛ لأنَّ الحجَّ المبرورَ هوَ ما لا معصيةَ فيهِ، وهُنا عصَى مِن حيثُ تركُ الإحرامِ في الميقاتِ، وخالفَ الأنظمةَ، وما أشبهَ ذلكَ مِنَ الأشياءِ، وهَذا لا يَعني أنَّ الحجَّ ليسَ بصحيحٍ، لكنَّ الكلامَ على الغايةِ العُليا المطلوبةِ لكلِّ واحدٍ، وهيَ أنْ يكونَ حجُّنا مبرورًا؛ لأنَّ الحجَّ المبرورَ ليسَ لهُ جزاءٌ إلا الجنةُ، فيَنبغي للحاجِّ أنْ يجتهدَ بكلِّ ما أُوتيَ مِن طاقةٍ، أنْ يحققَ هَذا الوصفَ، ومِن ذلكَ أنْ يحرمَ مِنَ المواقيتِ المحددةِ شرعًا.