المقدمُ:- بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ. مُستمعِينا الكرامَ السلامُ عليكمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ، أهْلًا ومرْحبًا بكمْ مَعنا إِلَى هذهِ الحلقةِ مِنَ البرنامجِ اليومِيِّ "ينابيعُ الفتْوى"، وفيهِ نُسلطُ الضوءَ عَلَى ما يهمُّ المسلمَ في شهرِ رمضان المباركِ، نتواصُلُ وإياكمْ أيُّها الأحبةُ علَى مدَى ساعةٍ إِلَّا قَلِيلًا، هذهِ أَطْيبُ تحيةٍ مني محمدُ القَرْنِي وأخِي ياسر زيدان منَ الإِخراجِ، كذلكَ يسرُّنا ويطيبُ لَنا في حلقةِ اليومِ أنْ يكُونَ مَعَنا فضيلةُ الشيخِ الدُّكتور/ خالد المصلح؛ الأستاذ بكليةِ الشريعةِ بِجامعَةِ القصيمِ، الَّذي نسعدُ ونأْنَسُ بِالحديثِ معهُ حوْلَ مواضيعِ هَذا الِّلقاءِ، السلامُ عليكمْ يا شيخُ خالد، وحيَّاكُمُ اللهُ.
الشيخُ: وعليكمُ السلامُ، مرْحبًا بكَ أَخِي محمدٌ، وأَسألُ اللهُ أنْ يجعلهُ لِقاءً نافِعًا مباركًا.
المقدمُ: حضراتِ المستمعينَ الكرامَ بإمْكانكُمُ المشاركةُ مباشرةٌ مَعنا منْ خِلالِ الأرقام: 6477117- والرقم الآخر: 6493028 مفتاح المنطقة 012 أو على تطبيق الواتس أب على الرقم: 0500422121 فحياكم الله.
في هَذا اللقاءِ إِنْ شاءَ اللهُ سوفَ يتحدَّثُ شيخُنا عنِ المفطراتِ في شهرِ رمضانَ؛ كيفَ لِلمسلمِ أنْ يحذرَ هذهِ المفْطراتِ؟ وَما هِيَ أنْواعُها؟ ومَا الواجبُ في شأْنِها؟ تفضَّلْ يا شيخَنا باركَ اللهُ فيكمْ.
الشيخُ: السَّلامُ عليكمْ ورحْمةُ اللهُ وَبركاتهُ، حيَّا اللهُ الإِخوةُ والأَخواتُ المستعمينَ والمستمعاتِ، وأسألَ اللهُ أنْ يكُونَ هَذا اللِّقاءُ نافعًا مُباركًا.
فيما يتعلقُ بموْضُوعِ المفطراتِ، هوَ مَوضوعُ يهمُّ الصَّائمِينَ؛ وذَلِكَ أَنَّ الصيامَ حقيقتهُ الإِمساكُ عنِ المفطراتِ منْ طُلوعِ الفجرِ إِلَى غرُوبِ الشمسِ؛ ولِذلكَ يَكْثرُ سُؤالُ الناسِ عمَّا يجبُ الامتناعُ عنهُ حالَ الصيامِ؛ لأجْلِ أنْ يُصُونُوا صَوْمهُمْ عنْ أنْ يقعَ فيهِ شيءٌ منَ النقصِ أوِ الإفسادِ.
المفطراتُ بيَّنها اللهُ - عزَّ وجلَّ - في محكمِ كِتابهِ مِنْ حيثُ أُصُولُها فقالَ اللهُ - جلَّ وعَلا -: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ﴾البقرة: 187 ، ثمَّ قالَ - جلَّ وعَلا -: ﴿فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ﴾البقرة: 187 يعْني في الليلِ ﴿وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا﴾ هذهِ ثلاثةُ أُمُورُ ذكرَها اللهُ - عزَّ وجلَّ - فِيما أذِنَ بهِ لِلصائمِ ليْلًا ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ فذكرَ اللهُ - جلَّ وعَلا - ما يُباحُ لِلصائمِ لَيْلًا وَما يقعُ الإمْساكُ عنهُ نَهارًا، إِلَى قولهِ ـ تعالَى ـ: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ﴾ يعْني الإِمْساكَ عنْ هذهِ الأُمُورِ الَّتي أَباحَها لهمْ في قولهِ: ﴿فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾البقرة: 187 وهوَ استمتاعُ الرجلِ بامْرأتهِ أوِ العكسُ وهُوَ الجماعُ ﴿وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا﴾ وهَذا الأكلُ والشربُ ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾.
فأصولُ المفطراتُ الَّتي أمرَ اللهُ تَعالَى بِالإمْساكِ عنْها في يومِ الصِّيامِ كَما ذكرَ في الآيةِ ثَلاثةِ أُمُورٍ: الجِماعُ والأَكلُ والشربُ.
فهذهِ الثلاثةُ أُمورُ يمسكُ عنْها الصائمُ بالاتِّفاقِ، وَلا يكونُ صيامٌ إِلَّا بالإمْساكَ عنْها، وَقَدْ جاءَ في السنةِ المطهرةِ أنْ مِمَّا يفسدُ الصومَ أَيْضًا جريانُ دَمِ الحيضِ أَو النفاسِ بِالنسبةِ لِلنساءِ، فالحيضُ والنفاسُ هُما دمٌ يخرجُ منَ المرأةِ علَى حالٍ مُعْتادةٍ، وَيُضْعِفُ بَدنَها، فمِنْ رَحْمَةِ اللهِ - عزَّ وجلَّ - بِالنساءِ أنْ أذِنَ لهنَّ بالفطرِ بسببِ خرُوجِ دمِ الحيضِ ودمِ النفاسِ. وَهَذا المفطرُ ليْسَ اخْتِياريًّا، بخِلافِ ما تقدمُ مِنَ الأَكْلِ وَالشربُ فهُوَ بِاخْتِيارِ الإِنْسانِ أنْ يأْتِيَ تِلْكَ الأَشْياءَ أوْ أنْ يتركُها؛ فإِنْ أَتاها فَسَدَ صَوْمهُ وإِنْ تركَها وأَمْسَكَ عَنْها صحَّ صَوْمُهُ.
بخلافِ الحيضِ فإنهُ عارضٌ لا اخْتِيارِ فيهِ لِلمرأةِ بمعْنَى أَنَّ خُرُوجَهُ لَيْسَ أَمْرًا اخْتياريًّا في الغالِبِ، بلْ يخرجُ وَفْقَ ما اقتضتهُ عادَتُها مِنْ خُرُوجهِ في زَمَنٍ مِنَ الأَزْمانِ، والمقصُودِ أنَّ الحيضَ والنِّفاسِ إِذا وردَ عَلَى المرأَةِ لا تَتَمَكَّنُ مَعَهُ مِنَ الصَّوْمِ، وَلا يصِحُّ صَوْمُها.
فهذِهِ خمسةُ مفطراتٍ جاءَ النَّصُّ عَلَيْها في القُرآنِ الكريم أَوَّلًا، وَفي كلامِ النَّبيِّ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلهِ وسلَّمَ ـ وذلكَ في قوْلهِ - صَلَّى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ - «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ» أخرجه البخاري (1951) فبيَّن أن المرأة إذا حاضت فإنها ممنوعة من الصيام وممنوعة من الصلاة، وَفي شأْنِ الصَّوْمِ تقضِي ما عليْها مِنَ الأَيَّامِ إِذا طهُرتْ، بِخلافِ الصَّلاةِ فَإِنَّها لا تَقْضِيها لا تَقْضِي الصلاةَ الَّتي في زمنِ الحيضِ.
مما جاءتْ بهِ السنةُ فيما يتعلقُ بالفطرِ أوْ فِيما يتعلقُ بالمفطراتِ ما يخرجُ مِنْ جوفِ الإنسانِ؛ وهوَ القيءُ، فقدْ جاءَ في المسندِ والسننِ المسند (10463)، سننُ الترمذيِّ (720)، وحسنهُ، سننُ ابنِ ماجهْ (1676)، وصححهُ ابنُ حبانَ (3518)، والحاكمُ (1557) منْ حديثِ أَبي هريرةَ رضيَ اللهُ تعالَى عنهُ أنَّ النَّبيَّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - قالَ: «منْ ذرعهُ القيءُ» ذَرعهُ؛ أي: خرجَ مِنهُ مِنْ غيرِ طلبٍ واختيارٍ، خرجَ دُون فعلٍ منَ الإنسانِ «منْ ذرعهُ القيءُ وهوَ صائمٌ» حالَ كونهِ صائِمًا «فليسَ عليهِ قضاءٌ» أيْ: أَنَّ صوْمهُ صحيحٌ، ويُتِمُّ صوْمَهُ؛ إِذْ إنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ - نَفَى عنهُ القضاءَ قالَ: «ليْسَ عليهِ قضاءٌ» فدلَّ ذلكَ عَلَى أنهُ لا تَقْصِيرَ مِنْهُ وَإِذا كانَ لا تقصيرَ منهُ فصومُهُ صَحِيحٌ، «ومَنِ اسْتقاءَ» أيْ: طلبَ إخراجَ ما في جوْفهِ أوْ تسببَ في ذلكَ؛ إِمَّا بإدخالِ إِصبعهِ، أوْ بشمِّ شيءٍ يُخرجُ ما في جوفهِ، أوْ نَظَرَ إلَى شيءٍ جعلهُ يخرجُ ما في جوفهِ، ما في معدتِهِ، فَهَذا قالَ فيهِ النَّبيُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - «ومنِ اسْتقاءَ فليقضِ» وهَذا يدلُّ علَى أنهُ يُطلبُ منهُ القضاءُ، وقدْ جاءَ في روايةِ الترمذيِّ سننُ الترمذيِّ (720)، وَحسنهُ أنَّ النَّبيَّ - صلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ - قالَ: «ومَنِ اسْتقاءَ عمْدًا فليقْضِ» أيْ: فعلَ ذلكَ بطلبٍ واختيارٍ فإنهُ يقضِي، وعلَى هَذا عامَّةُ أَهلِ العلمِ أنَّ مَنْ ذَرعهُ القيءُ فصومهُ صحيحٌ ولا شيءَ عليهِ، ومنْ طلبَ إِخْراجَ ما في جوفهِ وتَعمَّدَ ذلكَ فإنهُ يجبُ عليهِ القَضاءُ ويفسدُ صومُهُ.
هذهِ جملةٌ منَ المفطراتِ، وقدْ ذكر الفقهاءُ - رحمهمُ اللهُ - أيضًا منَ المفطراتِ: العزمُ علَى الفطْرِ؛ أَيْ: نِيَّةُ الفِطْرِ؛ ولذلكَ منْ كلامهِم المعروفِ: "منْ نَوى الفطرِ أفطرَ" أيْ: أنهُ مَنْ نَوَى أنْ يُفطرَ بقلبهِ بِقَطعِ نِيةِ الصومِ فإنهُ يُفطرُ ولوْ لمْ يأكلْ ولم يشربْ؛ وذلكَ أنَّ حقيقةَ الصِّيامِ قائمةٌ علَى أمريْنِ:
الأمرُ الأولُ: النيةُ «إنَّما الأعمالُ بالنياتِ» أخرجهُ البخاريُّ (1)، ومسلمٌ (1907) نيةُ الصيامِ، فَلا يصحُّ عملٌ بلا نيةٍ، ولا يصحُّ صومٌ بِلا نيةٍ؛ وَلهذا مِنْ شرْطِ صحةِ الصومِ النيةُ، فإِذا نوىَ الصومَ أَتَى بركْنٍ منْ أركانهِ ثمَّ:
الركنُ الثاني: الإمساكُ عنِ المفطراتِ؛ وهوَ الامتناعُ عمَّا يفسد# الصومَ، وبِهذا يتبينُ أنَّ حقيقةَ الصَّوْمِ مركبةٌ منْ أمرينِ:
الأمرُ الأولُ: النيةُ؛ وهيَ العزمُ والقصدُ والإرادةُ.
الأمرُ الثاني: الإمساكُ عنِ المفطراتِ.
وقدْ ذكرْنا جُملةً مِنْها قبلَ قليلٍ؛ منَ الأكلِ والشرْبِ وَالجماعِ وتعمدَ القيءَ؛ كلُّ هذهِ مُفطراتٌ، فَإِذا أمسكَ عنْها ولم يكُنْ قَدْ نوَى الصومَ فإنهُ لا يكونُ صائِمًا؛ لأنَّ الصومَ لابدَّ فيهِ منْ نِيَّةٍ؛ وَلهذا عَدَّ العلَماءُ - رحمهمُ اللهُ - في قولِ جمهُورهِمْ أنَّ منْ نَوى الفطرَ أفطرَ؛ يعْني منْ نوَى أنْ يخرجَ عنْ وصفِ الصومِ ولوْ لمْ يأكلْ ولم يشربْ فإنهُ يكونُ بذلكَ قدْ أفسدَ صَومَهُ.
ولهذا يَنبَغِي استْصحابُ نيةِ الصومِ وعدمِ نقْضِها حتَّى يتمَّ الصومُ؛ لقولِ اللهِ ـ تعالَى ـ: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾البقرة: 187 الإمْساكُ المقترنُ بالنيةِ، هَذا ما يتعلقُ بِما يكونُ مِنَ المفطراتِ.
ومِنَ المفطراتِ أَيْضًا إِخْراجُ المنيِّ بِشهوةٍ؛ وذلكَ ولوْ كانَ بغيرِ الجِماعِ، الجماعُ تقدمَ، لكنَّ إِخراجَ المنيِّ بشهوةٍ باسْتمناءٍ أوْ غيرهِ هُوَ مما يفطرُ الصائمَ؛ ولذلكَ ينبغِي للِصائمِ أنْ يصونَ صومهُ عنْ هَذا، وَدليلُ ذلكَ ما جاءَ في الصحيحينِ البخاريُّ (1894)، ومسلمٌ (1151) منْ حدِيثِ أبي هريرةَ ـ رَضِيَ اللهُ تعالَى عنهُ ـ أَنَّ النبيَّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- قالَ: «يدعُ طعامَهُ وَشَرابَهُ وَشهْوَتهُ مِنْ أَجْلِي» هَذا الحديثُ الإلهيُّ قالَ فيهِ النبيُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ -: «يَقولُ اللهُ تَعالَى: الصومُ لي وأَنا أَجْزِي بهِ» ثمَّ قالَ: «يدَعُ طَعامَهُ» أي: يتركُ طعامهُ؛ الصائمُ يتركُ الأكلَ «وشرابهُ وشهوتَهُ»صحيحُ البخاريِّ (7492) والشهوةُ تشملُ الجماعَ وما يكونُ في معْناهُ، ومنْهُ: خُرُوجُ المنيِّ بشهوةٍ؛ أقصدُ إِخراجَ المنيِّ بشهوةٍ، فإنْ خرجَ المنيُّ منْ غيرِ شَهْوةٍ كأنْ يكُونَ الإنسانُ رأَى شيئًا في منامهِ أَوْ باحْتلامٍ مثَلًا فإنهُ لا يؤثرُ ذلكَ علَى صِحَّةِ صوْمهِ بالإجماعِ؛ لأنَّ ذلكَ ليْسَ مَنْ فعلهُ ولا يؤثرُ علَى صحةِ صوْمِهِ.
فيما يتعلقُ بما عَدا هذا مِنَ المفطراتِ هوَ مما وقعَ فيهِ خلافٌ بينَ أهلِ العلمِ هلْ هوَ مفطرٌ أوْ لا؟ هلْ يفسدُ الصومُ أَوْ لا؟ إِنما هذهِ المذكوراتُ منْها ما هوَ مجمعٌ عليهِ وهِيَ الأمورُ الخمسةُ الأُولَى: الأكلُ والشربُ والجماعُ وخروجُ دمِ الحيضِ أوِ النفاسِ، والاسْتقاءِ؛ إِخراجُ القيءِ عمْدًا، تعمدَّ القيءَ، هَذِهِ مجمعٌ عليْها.
المقدمُ: شيخُ خالد باركَ اللهُ فيكَ، نقفُ عندَ هذهِ النقطةِ كَما ذكرتمْ؛ منْ يتعمَّدُ إِخراجَ القيءِ، إِذا كانَ يضرهُ أنْ يبْقَى هَذا القيءُ في بطنهِ ويعتلُّ بسببهِ، فأرادَ أنْ يخرجهُ عَمْدًا يعْني اسْتِطْبابًا وَطَلَبًا لِلشفاءِ، ومنْ أرادَ أنْ يخرجهُ لأمرٍ آخرَ ما الفرقُ بينهُما؟
الشيخُ: منْ أخرجهُ لأجلِ كونهِ مَثلًا مرِيضًا ويحتاجُ إِلَى أنْ يريحَ نفسهُ بإخراجِ ما في جوفهِ، هَذا مريضٌ لا حرجَ عليهِ ويقْضِي؛ لقولِ اللهِ ـ تَعالَى ـ: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾البقرة: 184 .
المقدمُ: يفسدُ صومهُ إذنْ يا شيخُ هُنا؟
الشيخُ: نعمْ، غيرُ هَذا؛ بعضُ الناسِ قدْ يعْبثُ ويخرجُ ما في جوفهِ لا لمرضِ، إنَّما لعبثٍ أوْ لشيءٍ آخرَ غيرِ هَذا؛ ففِي هذهِ الحالِ يكونُ هَذا مُفْسِدًا لصومهِ.
المقدمُ: طيب إذًا الاثنانِ كلاهُما يقْضِيانِ؟
الشّيخُ: فيما يتعلقُ بما يترتبُ علَى العذرِ سنأتي عليهِ إنْ شاءَ اللهُ تعالَى، إنْ كانَ معذورًا في فطرهِ فَلا شكَّ في وُجوبِ القضاءِ؛ لقولِ اللهِ - عزَّ وجلَّ -: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾البقرة: 184 ، أمَّا إِنْ لمْ يكنْ مَعْذورًا بأنْ كانَ قدْ أفطرَ؛ أَكلَ أوْ شربَ أوْ جامعَ أوْ ما إلَى ذلكَ منَ المفطراتِ مُتَعمِّدًا بغيرِ عُذرٍ فَهذا يأثمُ بِما فعلَ وعليهِ التوبةُ إلَى اللهِ - عزَّ وجلَّ -، واختلفَ العلماءُ في وُجوبِ القضاءِ، فذهبَ جمهورُ أهلِ العلمِ إلَى أنهُ يجمعُ لِلقضاءِ.
وذهبَ طائفةٌ منْ أهلِ العلمِ أنهُ لا ينفعهُ القضاءُ وليسَ لأنهُ لا يجبُ عليهِ، لا ينفعهُ يعْني أنهُ لوْ قضَى ما نفعهُ؛ وذلكَ لأنهُ أفسدَ صِيامَ يومٍ منْ غيرِ عُذرٍ، وقدْ جاءَ في البُخاري مُعَلقًا صحيحُ البُخاريِّ (3/ 32) أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ - قالَ يذكرُ عنْ أبي هريرةَ عنِ النبيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- قالَ: «منْ أفطرَ يوْمًا منْ رَمضانَ منْ غيرِ ما عُذرٍ لم يجزهِ صيامُ الدهرِ وإنْ صامهُ» لم يجزهُ يعْني لمْ يكْفهِ ولمْ يُغنهِ صيامُ الدهرِ؛ يعْني السنة «وإنْ صامهُ» أَيْ: وإنْ صامَ السَّنةَ، وَهَذا يبينُ خُطُورةَ التَّساهلِ في الفطرِ.
ذكرَ البخاريُّ في صحيحهِ مُعلقًا قالَ: يذكرُ عنْ أبِي هريرةَ رفعهُ أَي إِلَى النبيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ -: «منْ أفطرَ يَوْمًا منْ رَمضانَ منْ غيرِ ما عذرٍ» يعْني ما لهُ عُذرٌ وَلا مرضٌ «لم يجزهِ صيامُ الدهرِ وإنْ صامهُ» وبهِ قالَ ابنُ مسعودٍ.
وقالَ سعيدُ بنُ المسيبِ والشعبيُّ وجماعةٌ منْ أهلِ العلمِ: يقضِي يوْمًا مكانهُ صحيحُ البخاريِّ (3/ 32) .
مثلَما ذكرت المسألة فِيها قوْلانِ لأَهْلِ العلمِ، لكنَّ الأقربَ منْ هذيْنِ القوْلينِ أنْ منْ أفسدَ الصومَ منْ غيرِ عذرٍ لا يكْفيهِ أنْ يأْتِي بيومٍ مكانهُ، بلْ عليهِ التوبةُ إِلَى اللهِ - عزَّ وجلَّ - والإكثارُ منْ صِيامِ النفلِ لعلَّ اللهَ أنْ يَتُوبَ عليهِ ويكونُ هَذا عوضًا عمَّا أفسدَ مِنْ صومٍ بغيرِ عذْرٍ. هَذا فِيما يتعلَّقُ بمنْ أفطَرَ بغيرِ عُذرٍ بأكلٍ أو شربٍ أو نحوِ ذلكَ.
أَمَّا إذا كانَ الفطرُ بِالجماعِ فالَّذي يفطرُ بِالجماعِ عليهِ الكفَّارةُ، وقدْ ذكرَها النبُّي- صلَّى اللهُ عليهِ وعلَى آلهِ وسلَّم - في قصةِ الرجلِ الَّذي جاءَ فقالَ: يا رسولَ اللهِ هلكتُ قالَ: «ما أهْلككَ؟» قالَ: وقعتُ علَى أَهْلِي في نهارِ رَمَضانَ. يعْني أنَّهُ جامعَ امرأتُهُ في نهارِ رَمَضانَ، فقالَ النبيُّ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وعلَى آلهِ وسلَّمَ ـ للرجلِ الَّذي قالَ: وقعتُ علَى امْرأتِي وأَنا صائمٌ. قالَ: «هلْ تجدُ رقبةً تعتقُها؟» قالَ: لا، قالَ: «هلْ تستطيعُ أنْ تَصُومَ شهرينِ متتابعينِ؟» قالَ: لا، قالَ: «فهلْ تجدُ طعامُ ستينَ مِسْكينًا؟» قالَ: لا. أَخرجهُ البُخاريُّ (1936)، ومسلمٌ (1111) فبيَّن النبيُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - في هَذا الحديثِ ما الَّذي يترتبُ علَى إِتيانِ هذا المفطرِ في نهارِ رَمضانَ والإنسانُ صائمٌ:
أوَّلًا: أقرَّ النبيُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - أنَّ ذلكَ هلاكًا حيثُ قالَ للرجلِ: «ما لكَ؟» لما قالَ: هلكتُ. وفي رِوايةٍ قالَ: «ما أَهلككَ؟» وفي رِوايةٍ قالَ: «ولِمَ؟» فقالَ لهُ الرجلُ: وقعْتُ علَى أَهلِي في نهارِ رَمضانَ، أوْ وأَنا صائمٌ. فلمْ يعقِّبِ النبيُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - علَى قولهِ بأنهُ ليْسَ هَذا بهلاكٍ أوْ ما أشْبهَ ذلكَ، بلْ مباشرة بَيَّن لهُ ما الَّذي يلزمهُ بِفعلهِ، فقالَ: «هلْ تجدُ ما تعتقُ رقبةً؟» يعْني إعتاقَ الرِّقابِ وهمُ الرقيقُ، وَهَذا اليوم يشبهُ أَلَّا يكون لهُ وجودٌ في أكثر بِلادِ الدُّنْيا؛ وَلهذا يتعذرُ في غالبِ الأَحْيانِ، هَذا الَّذي ذكرهُ النبيُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - منْ إِعْتاقِ الرقابِ قالَ: لا، فنقلهُ إِلَى المرتبةِ الثانيةِ منْ مراتبِ الكفارةِ وهيَ صومُ شهريْنِ مُتتابعيْنِ، قالَ: «هلْ تستطيعُ أنْ تصومَ شهرينِ مُتتابعينِ؟» قالَ: لا، هذهِ المرتبةُ الثانيةُ منْ مراتبِ الكفارَةِ فِيما إِذا وقعَ الإنسانُ علَى أهلهِ في نهارِ رمضانَ وهوَ صائمٌ، قالَ: «فهلْ تستطيعُ أنْ تُطعمَ سِتينَ مِسْكينًا؟» وهذهِ آخرُ المراتبِ وَهيَ إِطْعامُ سِتينَ مِسْكينًا، يطعمهُمْ مِنْ غالبِ قُوتِ البلدِ نِصْف صاعٍ، تقْريبًا كِيلُو ونِصْف، قالَ: لا أجدُ. فتركهُ النبيُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - لأنهُ عجزَ عنْ جميعِ دَرجاتِ الكفَّارةِ أوْ جميعِ ترتيبِ الكفارةِ؛ فعجزَ عنِ العتقِ وعنْ صيامِ شهرينِ متتابعينِ وعنْ إِطْعامِ ستينِ مَسْكينًا.
فالمقصودُ أنَّ الفطرَ بِالجماعِ يفسدُ الصومَ ويرْجُو بهِ التوبةَ إِلَى اللهِ - عزَّ وجلَّ - وتجبُ بهِ الكفارةُ، وقالَ أكثرُ أهلِ العلمِ: يجبُ بهِ قضاءُ اليومِ الَّذي أفسدَهُ، وقدْ تقدمَ أنَّ القضاءَ فِيما إِذا أفسدَ الإنْسانُ الصَّوْمَ مُتعمدًا ليسَ واجِبًا ولا ينفعهُ، بلْ عليهِ التوبةُ والإكثارُ مِنَ العملِ الصالحِ فإنهُ لا ينفعهُ أنْ يقضِيَ؛ وَلهذا قالَ بعضُ أهلُ العلمِ: مَنْ أفطرَ يومًا منْ رَمضانَ منْ غيرِ عذرٍ لزمهُ صيامُ سنةٍ كاملةٍ، بلْ بعضهمْ قالَ: ألفُ يومٍ. وقالَ بعضهمْ: شهْرًا. وقالَ بعضهمْ: عشرةَ أيامٍ. كلُّ هَذا بيانُ أنَّ منْ أفطر يومًا مُتعمدًا فليسَ الحلُّ أنْ يأْتي بيومٍ مكانهُ فإنهُ لا يجزئهُ كَما جاءَ في الحديثِ الَّذِي ذكرهُ البُخاريُّ عنْ أَبِي هريرة مُعلَّقًا: يذكرُ عنْ أَبي هريرةَ رفعهُ أنَّهُ قالَ: «منْ أَفْطرَ يَوْمًا منْ رَمضانَ منْ غيرِ عذرٍ لم يجزهِ صيامُ الدّهرِ وإنْ صامهُ» تقدم تخريجهُ .
المقدمُ: هلْ هَذا يعْني فضيلة الشيخِ - باركَ اللهُ فيكمْ - أنَّ يوْمًا في رَمضانَ لهُ منَ الفضلِ ومنَ الأجرِ ومنِ الثوابِ ومنَ التعظيمِ والتوقيرِ ما يختلفُ عنْ غيرهِ مِنْ الأيامِ الأخرِ؟
الشيخُ: بِالتأكيدِ، يوْمَ رمضانَ يختلفُ عنْ غيرهِ؛ ولذلكَ جعلَ النبيُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ - الفطرُ فيهِ هَلاكًا بإقرارهِ الرجلَ لما قالَ: هلكتُ. قالَ: «ويحكَ» كَما تقدمَ قبلَ قليلٍ.
ثمةَ بعْد هَذا الَّذِي ذكرناهُ مما يتصلُ بِالمفطراتِ المتفقِ عليْها وبعضِ المفطراتِ الَّتي وقعَ فِيها خلافُ ثمةَ مجموعةٌ منْ الأُمورِ يكثرُ السُّؤالِ عنْها، وَهِي مما اختلفَ فيهِ العُلماءُ مثلُ: الحجامةِ، وهِيَ إخْراجُ الدمِ، هَذا في قولِ الحنابلةِ أنَّ الحجامةَ تفطرُ، وذهبَ غيرهُمْ منْ أهْلِ العلمِ إِلَى أَنَّها مكروهةٌ لِلصائمِ وَلا تفطرهُ، ويلتحقُ بموْضوعِ الحجامةِ ما يتصلُ بتحليلِ الدمِ في سؤالِ كثيرٍ مِنَ الناسِ هلْ هُوَ كالحجامةِ أَوْ لا؟
والجوابُ: أنَّ منْ قالَ بِالفطرِ بِالحجامةِ وهمُ السادةُ الحنابلةُ لمْ يلحقُوا بهِ خُروجَ الدمِ بغيرِ الحجامةِ كخروجِ الدمِ بالجرحِ مَثلًا أوِ الفصدِ أوِ الشرطِ ونحوِ ذلكَ، ومثلهُ تحليلُ الدمِ الَّذي يسألُ عنهُ بعضُ الناسِ أوْ خُرُوجُ الدمِ بسببِ قلعِ ضرسٍ أو خروجِ الدمِ بالرعافِ ونحوِ هَذا منَ الأُمورِ هذهِ. والصوابُ أنها ليستْ مفطرةً ولا تؤثرُ علَى صِحةِ الصومِ، ولكنْ ينبَغي لِلصائمِ أنْ يتجنبَ سحبَ كِمِّيَّاتٍ منَ الدمِ قدْ تؤدِّي إِلَى إِضعافهِ فيفضِي ذلكَ إِلَى أنْ يفطرَ بِسببِ ضعفهِ، لكنْ لَوْ أنَّ ذلكَ جَرى بكميةٍّ لا تضعفُ فإنهُ لا حَرج في ذلكَ إنْ شاءَ اللهُ تعالَى ولا يؤثرُ على صِحةِ الصومِ في أصحِّ قولَيِ العُلماءِ.
المقدمُ: باركَ اللهُ فيكمْ يا شيخُ خالد وأحسنَ إليكمْ ونفعَ بعلمكمْ. لعلكمْ يا شيخ تأذنُونَ بِفاصلٍ قصيرٍ ثمَّ نكملُ إِنْ شاءَ اللهُ وإياكمْ معَ أسئلةٍ المستمعينَ أوْ ما تبقَّى منْ هَذا الموضوعِ عنِ المفطراتِ في شهرِ رمضانَ، تأذَنُونَ يا شيخ؟
الشيخُ: تفضَّلْ.
المقدمُ: باركَ اللهُ فيكمْ.
حياكمُ اللهُ مُسْتميعنا الكرامَ مرةً أُخْرَى إِلَى البرنامجِ اليومِيِّ "ينابيعُ الفتْوَى"، ونذكركُمْ بأرقامِ التواصلِ: 6477117- والرقم الآخر: 6493028 مفتاحُ المنطقةِ 012 أوْ علَى تطبيقِ الواتس أب على الرقم: 0500422121 فحياكم اللهُ.
نجددُ التحيةَ معَ شيخِنا فضيلةِ الشيخِ الدكتورِ خالدِ المصلحِ الأُسْتاذِ بكليةِ الشريعةِ بجامعةِ القصيمِ، حياكمُ اللهُ يا شيخُ خالد.
الشيخُ: حياكمُ اللهُ وحيَّا الإِخوةَ والأَخواتِ.
المقدمُ: أَيْضًا أجددُ معكُمُ التحيةُ أَنا محمدُ الجريني وأَخِي ياسر زيدان منَ الإخراجِ، ولعلكمْ شيخ خالد باركَ اللهُ فيكمْ تَأْتُونَ عَلَى ما أردتمْ أنْ تَخْتِمُوا بهِ موضُوعكم فِيما يتعلقُ بِالمفطراتِ في شهرِ رمضانَ.
الشيخُ: أيْ نعم، يا أخِي الكريم أكْثر ما يُشكلُ عَلَى الناسِ ما يتعلَّقُ بِالمفطراتِ.
الأمُور الواضحةُ كالأَكْلِ والشربِ والجِماعِ كثيرٌ منَ الناسِ يحيطُ بِها وعَلَى معرفةٍ بِها ولا تشكلُ عليهمْ، إِنَّما الإِشكاليةُ تقعُ في مَسائلَ كثيرةٍ قدْ يسألُ عنْها الناسُ هلْ هيَ مفطرةٌ أوْ ليستْ مفطرةٌ؟
وهُنا لابدُّ منْ ذكرِ قاعدةٍ في الفطرِ أنَّ الفطرِ لا يثبتُ فيهِ شيءٌ إلَّا بِدليلِ، لا يقالُ في شيءٍ منَ الأَشياءِ بأنهُ مفطر أوْ أنهُ يفسدُ الصومَ إِلَّا بدليلٍ؛ لأنَّ الأَشْياءَ الَّتي يمنعُ مِنْها الصائمُ لمْ تكنْ متروكةً لاجتهاداتِ الناسِ وخيالاتهمْ، بلِ الصومُ فرضٌ وهوَ معروفٌ عندَ العربِ منْ حيثُ معناهُ العامُ ثمَّ جاءتِ الشريعةُ ببيانِ ما الَّذي يمسكُ عنهُ وما الَّذي يمتنعُ منهُ الصائمُ.
فبالتالي كُلُّ ما يُقالُ في أمرٍ منَ الأُمُورِ أنهُ مفطرٌ، فإنهُ ينبغِي أنْ يرجعَ فيهِ إِلَى هذهِ القاعدةِ، وهيَ أنهُ لا يثبتُ شيءٌ منَ الأَشْياءِ أنهُ مفطرٌ إلا بدليلٍ منَ الكتابِ ومنَ السنةِ، فَمثلًا لوْ سألَ سائلٌ عنْ بلعِ الريقِ هلْ يفطرُ أوْ لا؟
الجوابُ: أنَّ ذلكَ لا يفطرُ، ولوْ كانَ مفطْرًا لبيَّنهُ النبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ- ووضحهُ وَجلَّاهُ للناسِ.
ومثلهُ لوْ أنَّ أحَدًا سألَ عنِ استعمالِ المراهمِ والدِّهانِ في دهنِ الجلدِ سواءٌ كانَ الوجهَ أوْ سائرَ أعْضاءِ البدنِ هلْ يفطرُ أوْ لا يفطرُ؟
فالجوابُ: لا يفطرُ.
شمُّ الطيبِ هلْ يفطرُ أوْ لا يفطرُ؟ نرجعُ إِلَى القاعدةِ: هلْ هُناكَ دليلٌ أنَّ ذلكَ يفطرُ؟ إِذا أَتانا أحدٌ بدليلٍ منَ الكِتابِ أوْ منَ السنةِ بأنَّ ذلكَ يفطرُ فنحنُ تبعٌ لما قالهُ اللهُ وقالهُ رسولهُ، ليسَ لَنا إِلَّا أنْ نقولَ: سمعْنا وأطعْنا، لكنْ إِذا لمْ يأْتِ بدليلٍ فالأصلُ أنَّ ذلكَ ليسَ بمفطرٍ؛ ولهذا الاغتسالُ علَى سبيلِ المثالِ، السواكُ، أشياءٌ كثيرةٌ.
المقدمُ: معذرةً، معجونُ الأسنانِ فضيلةُ الشيخِ؛ ما حكمهُ للصائمِ؟
الشيخُ: معجُونُ الأسنانِ هلْ هوَ مفطرٌ أوْ لا؟ الجوابُ: أنهُ ليسَ مُفطرًا، لكنْ ينبغِي الاحترازُ منْ أنْ ينفذُ شيءٌ منهُ إِلَى داخلِ الجوفِ بسببِ قوةِ نفوذهِ في بعضِ أنواعِ المعاجينَ، استعمالُ مثلًا الإبرِ العلاجيةِ هلْ هيَ مُفطرةٌ أوْ ليستْ مفطرةً؟ نرجعُ إلَى القاعدةِ: الإبرُ العلاجيةُ ليستْ أَكْلًا ولا شُربًا وَلا في معْنَى الأكلِ والشربِ فَلا تفطر وهلُمَّ جرا.
هُناكَ أسئلةٌ كثيرةٌ يسأَلُها الناسُ عنِ الصَّوْمِ: هَلْ هذا الشيءُ يفطرُ أَوْ لا يفطرُ؟ الأصلُ أَنَّ ذلكَ لا يفطرُ.
المقدمُّ: شيخُ خالد باركَ اللهُ فيكَ، فيما يتصلُ بهذا الموضُوعِ أيْضًا هُنالكَ محلُولٌ كيميائِي ويستفادُ منهُ في موْضُوعِ الغرغرةِ، وقدْ يستعملهُ الصائمُ أوْ يكونُ مُلْزِمًا أن يستعملهُ في نهارِ رمضانَ لآلامِ في حلقهِ أَوْ شَكوى يجدُها.
الشيخُ: فِيما يتعلقُ بِالغرغرةِ؛ هِيَ مضمضةٌ مبالغٌ فيها؛ لأنَّ المضمضةَ هِيَ إِدارةُ الماءِ في الفمِ، وَالغرغرةُ هيَ إِدارةُ الماءِ في الفمِ إِلَى حدِّ أنْ تَبلغَ الحلقَ فَهِيَ ليستْ مفطرةً، لكنْ ينبغِي تجنبها وقتَ الصيامِ إِلَّا أنْ يكونَ هُناكَ ما يَدْعُو إِلَيْها معَ وجُوبِ الاحترازِ أنْ يَنفذُ شيءٌ إلَى داخلِ الجوفِ، لكنْ لَوْ أنَّ أَحدًا جاءَ وقالَ: أنا غرغرتُ لعلاجِ فهلْ هَذا يفسدُ صومهُ؟ فالجوابُ: لا؛ لأَنَّ هَذا ليسَ أَكْلًا وَلا شُرْبًا، لمْ تأكُلْ ولمْ تشربْ، والمبالغةُ في المضمضةِ ومنهُ الغرغرةُ ينبغي تركُ هَذا منَ الصائمِ إِلَّا إذا احتاجَ إِلَى ذلكَ.
المقدمُ: باركَ اللهُ فيكمْ شيخ خالد، ولعلَّ المسلمَ إِذا أقبلَ علَى صومهِ بنيةٍ خالصةٍ للهِ - عزَّ وجلَّ - أنْ يحترِزَ وأَنْ يحذرَ أَنْ يَقَعَ في شيءٍ منْ هَذِهِ المفطراتِ حتَّى يمضي نهارهُ بإذنِ اللهِ تعالَى مُتَأَسِّيًا بما فعلهُ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - وصحابتهُ الكرامُ رضوانُ اللهِ عليهمْ أجمعينَ؛ ليبقَى دائِمًا في مأْمنٍ منَ الوُقوعِ في أيِّ شيءٍ منَ المفطراتِ سواءٌ بعذرٍ أو بغيرِ عذرٍ.
الشيخُ: أي نعمْ، بِالتأكيدِ أنَّ منَ المهمِّ أنْ يعتنيَ المؤمنُ بمعرفةِ أَحْكامِ الشريعةِ حتَّى يقيَ نفسهُ ما يمكنُ أنْ يكُونَ مما يفُسدُ العِبادةَ؛ وَلهذا ما خَفِيَ علَى الإنسانِ ينبغِي لهُ أنْ يعملَ فيهِ بِوصيةِ الرحمنِ ـ جلَّ في علاهُ ـ: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾النحل: 43 .
بقيَ لديْنا إِذا كانَ ممكنًا أنْ نتحدَّثَ عنْ شُروطِ حصولِ الفطرِ بالمفطراتِ وهِيَ ثلاثةُ شروطٍ:
الشرطُ الأولُ: لا يقعُ الفطرُ بشيءٍ منَ المفطراتِ إِلَّا أنْ يَكُونَ عالمًا، وضدُهُ الجاهلُ، فإذا جهلَ الإنسانُ شيئًا منَ الأشياءِ، أوْ حُكمًا منَ الأَحْكامِ، جهلَ مَثلًا أنَّ القيءَ يفطرُ واستقاءَ عَمْدًا، فهلْ يفطرُ بذلكَ أوْ لا؟ الجوابُ: الجهلُ بالحكمِ يُعْفِي الإنسانَ منْ تبعةِ ما جهلهِ إِذا كانَ مثلهُ يجهلهُ.
ودليلُ ذلكَ أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - في قصةِ عَدِيِّ بنِ حاتمٍ كَما في الصحيحينِ البخاريِّ (4509)، ومسلمٍ (1090) أنهُ ـ رضِيَ اللهُ تعالَى عنهُ ـ لما نزلَ قولُ اللهِ ـ تعالَى ـ: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ﴾البقرة: 187 أَخذَ عقالينِ أحدَهُما أبيضَ والآخَرَ أسوَدَ، ووضعَ العقالينِ عندَ رأسهِ، واستمرَّ مُفْطرًا حتَّى يتبينَ لهُ الأبيضُ منَ الأسودِ، فأَمْسَكَ، فَلَما غدا إِلَى النبيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - أخبرهُ بذلكَ، فقالَ لهُ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ -: «إِنَّ وسادَكَ إِذًا لعريضٌ»؛ حيثُ إنهُ ظنَّ أنَّ السوادَ والبياضَ هوَ سوادُ العقالِ وبياضُهُ، بينَما المقصودُ بالبياضِ والسوادِ بياضُ النهارِ وسوادُ الليلِ؛ ولذلكَ قالَ النبيُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: «إِنَّما ذلكَ بياضُ النهارِ وسوادُ الليلِ»صحيحُ البخاريِّ (1916).
والمقصودُ أنهُ لم يأمرهُ النبيُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ – بِالقضاءِ؛ لأنهُ كانَ جاهِلًا بالحكمِ؛ حيثُ ظنَّ أنَّ ذلكَ هُوَ المقصودُ بقولهِ ـ تعالَى ـ: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ﴾البقرة: 187 فنزلَ قولهُ: ﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾البقرة: 187 فتبيَّن المقصودُ.
إذًا أيُّ مفطرٌ يقعُ فيهِ الإنسانُ جاهِلًا بحكمهِ، أي: يجهلُ أنهُ مفطرٌ؛ فإنهُ لا يترتبُ علَى ذلكَ شيءٌ، وَصومهُ صحيحٌ، وليتمَّ صومهُ ولا قضاءَ عليهِ.
الحالُ الثاني منَ الجهلِ: أنْ يجهلَ الإنسانُ الحالَ؛ أيْ: يجهلُ الحالَ الَّتي هوَ فِيها فيظنُّ أنهُ يحلُّ لهُ الفطرُ، وهوَ لم يحلَّ لهُ الفطرُ، وهَذا يسألُ عنهُ كَثيرًا، كالَّذِي مثلًا يسمعُ مُؤَذِّنًا غالطًا في الأذانِ ويأكلُ بِناءً علَى أذانهِ، ثمَّ يتبينُ أنَّ المؤذِّنَ قدْ تقدمَ أذانهُ علَى الوقتِ، فهُنا هَذا أفطرَ جَهْلًا بالحالِ؛ حيثُ إنهُ ظنَّ أنَّ الشَّمسَ قد غربتْ وحلَّ لهُ الفطرُ، والأمرُ علَى خِلافِ هَذا، علَى الراجحِ مِنْ قَوْلَي العلماءِ؛ لما جاءَ في صَحِيحِ البُخاريِّ صحيحُ البُخارِي (1959) منْ حديثِ أَسماءَ بنتِ أبي بكرٍ ـ رضِيَ اللهُ تعالَى عنْها ـ أنهمْ أفطرُوا في يومِ غيمٍ علَى عهدِ رسولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - ثُمَّ طلعتِ الشمسُ، أفطَرُوا حيثُ ظنُّوا أنَّ الشمسَ قد غربتْ ثمَّ طلعتِ الشمسُ ولمْ يأمرْهُمُ النبيُّ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلهِ وسلَّم ـ بِالقضاءِ. فدلَّ ذلكَ علَى أنَّ منْ وقعَ في شيءٍ منَ المفطراتِ جاهلًا بِالحالِ أيْ: يجهلُ أنهُ يجبُ عليهِ الإِمْساكُ عنْ هَذا فإنَّ هَذا لا يؤثرُ عَلَى صحةِ صومهِ.
المقدمُ: هَذا منْ رحمةِ اللهِ فضيلة الشيخ.
الشيخُ: وهَذا منْ فضْلِ اللهِ تعالَى، هَذا هُوَ الشرطُ الأولُ منْ شُروطِ حصولِ الفطرِ بالمفطراتِ: أنْ يكونَ عالِـمًا، فإنْ كانَ جاهِلًا فَلا يترتبُ علَى جهلهِ ما يتعلقُ بالفطرِ.
الشرطُ الثانِي: أنْ يكونَ ذاكِرًا، فلوْ كانَ ناسِيًا فَلا قضاءَ عليهِ ويتمُّ صومُهُ، وقدْ جاءَ بهِ الحديثُ في قولِ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ -: «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ» أخرجه البخاري (1933)، ومسلم (1155) .
الشرط الثالث: من شروط حصول الفطر؛ أن يكون مختارًا؛ بمعنَى أنْ يكونَ قَدْ فعلَ ذلكَ بِاختيارهِ، فَإنْ فعلهُ عنْ إِكراه وَهَذا يحصُلُ أَحْيانًا؛ حيثُ يُغْمَى علَى الإنسانِ فَيأْتِي أحدٌ ليوقظهُ فَقدْ يَسكبُ ماءً في فمهِ أوْ يشربهُ ماء، وهُوَ ماءٌ في حالَ غيبة، فَهَذا لا يفطرُ؛ لأنهُ مكرَهٌ عَلَى هَذا لمْ يكنْ بِاختيارهِ ولا بأمرهِ، فَلا يكونُ بِذلكَ مُفْطرًا.
إذًا شُرُوطُ حُصُولِ الفِطْرِ باِلمفطراتِ الَّتي تقدمَ ذكرُها أنْ يأْتِيها الإنسانُ عالمًا، يأتيها وَهُوَ ذاكر، أنْ يأتِيَها وهوَ مُختارٌ، فلوْ كانَ جاهِلًا أوْ كانَ ناسِيًا أوْ كانَ مُكْرهًا فإنهُ لا يؤثَرُ ذلكَ علَى صِحَّةِ صومِهِ.
المقدمُ: جزاكمُ اللهُ كلَّ خيرٍ بهذهِ التعريفاتُ، خاصةً فيما ذكرتموهُ حولَ العلمِ والتذكرِ والاختيارِ لِلصائمِ، إِذا اختلَّ أحدُ هَذِهِ الشُّروطُ يكونُ لِلمسلمِ أنْ يتمَّ صومهُ؛ لأنهُ افْتَقَدَ أحدَ هذهِ الشُّروطِ.
شيخ خالد باركَ اللهُ فيكمْ لعلكمْ تأذنونَ أيْضًا لأخذِ بعضِ الاسْتفساراتِ للمتابعينَ لهذا اللقاءِ باركَ اللهُ فيكمْ.
عندِي سؤالٌ هُنا يسألُ أحدُ الإخوةِ يقولُ: ما حكمُ رفعِ اليدينِ في التّأْمينِ علَى دعاءِ الإمامِ سواءٌ في دُعاءِ خطبةِ صلاةِ الجمعةِ أوْ في دُعاءِ القُنوتِ في صَلاةِ التراويحِ؟ وَما الدليلُ علَى ذلكَ؟
الشيخُ: رفع اليدينِ في الدُّعاءِ لهُ ثلاثُ أحوالٍ:
الحالُ الأُولَى: رَفْعُ اليدينِ فِيما وَردَ فِيهِ النصُّ عَنِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - أنهُ دعاهُ ورفعَ يديهِ، فَهَذا رفعُ اليدينِ فيهِ سنةٌ، ومنْ ذلكَ رفعُ اليدينِ عندَ دُعاءِ الاستسقاءِ؛ فإنَّ النبيَّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ - ثبتَ عنهُ أنهُ رفعَ يديهِ في دُعاءِ الاستسقاءِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - فيُسنُّ رفعُ اليدينِ عندَ ذلكَ، وقدْ جاءَ ذلكَ في حديثِ أنسٍ رضيَ اللهُ تعالَى عنهُ أخرجهُ البُخاريُّ (933)، ومسلمٌ (897) ، هذهِ الحالِ الأُولَى، وهيَ رفعُ اليدينِ فِيما وردتْ بهِ السنةُ.
الحالُ الثانيةُ: رفعُ اليدينِ فيما لمْ تردُ به السنةُ أنهُ رفعَ يديهِ، بمعْنَى أنَّ السنةَ وردتْ أن النبيَّ دَعا ولمْ يرفعْ يديهِ، فهُنا السُّنةُ أَلا يرفعَ الإنسانُ يديهِ، ورفعهُ يديهِ في هذهِ الحالةِ هُوَ مخالفةٌ لهدْيِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وعلَى آلهِ وسلَّمَ.
مثالُ ذلكَ: رفعُ اليدينِ في دُعاءِ الجمعةِ في غيرِ الاستسقاءِ؛ فإنَّ النبيَّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ - كانَ يدْعُو، وإذا دَعا أشارَ بإصبعهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - كَما في حديثِ عُمَارَةَ بنِ رُؤَيْبَةَ في صحيحِ مسلمٍ (874) ، ولمْ يكنْ يرفعُ يديهِ في الجمعةِ، إِلَّا في الاستسقاءِ لحديثِ أنسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تعالَى عنهُ ـ فرفعُ اليدينِ مَعَ الإِمامِ في الخطبةِ إِذا استسقَى هذا سنةٌ، أَمَّا إِذا لم يرفعِ الإمامُ يديهِ بأَنْ دَعا كالدُّعاءِ الَّذِي يكونُ في خاتمةِ الخطبِ سَواءٌ الخطبةُ الأولَى والخطبةُ الثانيةُ، فالسنةُ أنْ لا يرفعَ يديهِ، ورفعُ اليدينِ في هذهِ الحالِ علَى خلافِ ما كانَ عليهِ عملُ النبيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ - وعملُ أصحابهِ.
رفعُ اليدينِ في دُعاءِ القُنوتِ مما اختلفَ فيهِ العلماءُ علَى قوْلينِ، والصوابُ أنهُ يسنُّ رفعُ اليدينِ في دُعاءِ القُنُوتِ؛ لِثبوتِ ذلكَ عنِ النبيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - وأصحابه في دُعاءِ قُنوتِ النوازلِ؛ فقدْ ثبتَ عنهُ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - أنهُ قنتَ ورفعَ يديهِ ورفعُ الصحابةِ أيديهمْ معهُ ـ صَلَّى اللهُ عليهِ وعلَى آلهِ وسلَّمَ ـ فمنَ السنةِ أنْ يرفعَ المصلِّي يديهِ في دُعاءِ القُنوتِ؛ لِثبوتِ ذلكَ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وعلَى آلهِ وسلمَ.
إذًا هاتانِ الحالانِ؛ حالُ ثبُوتِ الرفعِ يكونُ سُنَّةً، وحالَ عدمِ ثُبوتِ الرفعِ؛ بمعْنَى ثبوتِ عدمِ الرَّفعِ أنَّ النبيَّ دَعا ولم يرفع يديهِ؛ فهُنا السنةُ أَلَّا يرفعَ الإنْسانُ يديهِ.
الحالُ الثالثةُ: وهِيَ الحالُ الَّتي لم يرِدْ فِيها عنِ النبيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - أنهُ رفعَ، ولم ينقلْ عنهُ أنهُ لم يرفعْ، ففِي هذه الحالِ إذا رفعَ فحسنٌ؛ لِعُمومِ قولِ النبيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -: «إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ» أخرجهُ أبو داودَ في السننِ (1488)، والترمذي في السننِ (3556)، وحسنهُ، وصححهُ ابنُ حِبَّان (876)، والحاكمُ (1831) وَهَذا يدلُّ علَى أنَّ رفعَ اليدينِ في الدُّعاءِ منْ أسبابِ إِجابتهِ. فَما لمْ يردْ فيهِ أنَّ النبيَّ رفعَ أَوْ أنهُ لم يرفعْ فيكونُ هَذا علَى الهديِ العامِ أوْ علَى الأدبِ العامِّ الواردِ في الدعاءِ؛ وهوَ استحبابُ رفعِ اليدينِ في الدُّعاءِ عُمومًا؛ لما جاء منْ قولهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -: «إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ» تقدمَ تخريجهُ .
إذًا أحوالُ اليدينِ في الدُّعاءِ ثلاثةٌ؛ ملخَّصُ الإجابةِ:
الحالُ الأولَى: ما لا يُسنُّ فيهِ رفعُ اليدينِ، وهُوَ ما ثبتَ عنِ النبيِّ - صلَّىَ اللهُ عليهِ وسلَّمَ - أنهُ دعا ولم يرفعْ، مثلَ الدُّعاءِ في آخرِ الصلاةِ، مثلُ الدعاءِ في السجودِ؛ لأنَّ النبيَّ دعا في هذهِ المواضعِ ولمْ يرفعْ يديهِ، ومثلهُ أيضًا رفعُ المأْمومِ اليدينِ معَ الخطيبِ في غيرِ الاستسقاءِ فإنهُ لا يُشرعُ.
الثاني مِنَ الأحوالِ ما يسنُّ فيهِ رفعُ اليدينِ، وهوَ رفعُ اليدينِ في دُعاءِ الاستسقاءِ، وكذلكَ رفعُ اليدينِ في القُنوتِ؛ في قُنوتِ النوازلِ وقُنوتِ الوترِ.
الحالُ الثالثةُ: ما لم يثبتْ بهِ أنَّ النبيَّ رفعَ، ولمْ يثبتْ أنهُ لمْ يرفعْ؛ أيْ: أنهُ لمْ يأتِ فيهِ ذكرٌ للرفعِ ولا لعدمهِ، فَهَذا يرجعُ إِلَى عُمومِ قولِ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ -: «إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ» تقدمَ تخريجهُ .
المقدمُ: باركَ اللهُ فيكمْ فضيلةَ الشيخِ، لعلكمْ تأذنُونَ باتصالينِ: علَي القحطانِي، حياكَ اللهُ أَخي علَي.
المتصلُ: السلامُ عليكمْ ورحمةُ اللهِ.
المقدمُ: وعليكمُ السلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ، تفضلْ.
المتصلُ: دامَ فضلُكَ، اللهُ يحفظك، سؤالي فضيلةَ الشيخُ عنِ المذْي إذا خرجَ منْ رجلٍ وهُوَ صائمٌ باِلنهارِ فهلْ مفطرٌ؟
المقدمُ: تستمعُ إِلَى الإجابةِ إِنْ شاءَ اللهُ.
حياكَ اللهُ أخِي عبدُ الرحمنِ، تفضلْ.
المتصلُ: السلامُ عليكمْ.
المقدم: وعليكمُ السلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ، تفضلْ.
المتصلُ: سؤالي الأولُ لفضيلةِ الشيخِ عنِ الجهْلِ الَّذِي يعذرُ بهِ في الفطرِ؛ ما هُوَ الضابطُ العام لهُ؟
السؤالُ الثاني: وضعُ - أكرمكمُ اللهُ - أكياسِ القمامةِ في المسجدِ، وبقاءَ المنادِيلِ والنفاياتِ فيهِ يوْما أوْ يومينِ أوْ أَكْثر؛ هلْ يُعدُّ هَذا امْتِهانًا لِلمسجدِ أوْ لا؟ فبعضُ الناسِ يقولُ: ليْسَ لهُ أصلٌ بِالشرعِ وأنهُ امْتهانٌ لِلمسجدِ؛ فَما رأْيكمْ؟
المقدمُ: تستمعُ إِلَى الإجابةِ إنْ شاءَ اللهُ. نعمْ فضيلةَ الشيخِ.
الشيخُ: فِيما يتصلُ بِالسؤالِ الأولِ؛ سؤالُ أَخِينا عنِ المذْيِ، وهُوَ السائلُ الَّذِي يخرجُ عندِ اشتدادِ الشهوةِ، وهُوَ لَيسَ مفطرًا، ولكنهُ ينقُضُ الوُضُوءَ في قولِ عامَّةِ أهلِ العلمِ، أَمَّا مِنْ حَيثُ تأثيرهُ علَى الصيامِ فإنهُ لا يفسدُ الصومَ علَى الصحيحِ منْ قوْليِ العُلماءِ؛ لأنَّ الَّذِي وردَ بهِ الفطرُ هوَ خُروجُ المنيِّ بشهوةٍ، أَمَّا خروجُ المذيِ وهوَ ما يخرجُ عندَ مقدمةِ الشهوةِ فَهذا لا يفسدُ الصومَ في قولِ جمهورِ العلماءِ وهُو الصحيحُ.
أمَّا ما يتعلقُ بِالسؤالِ الثاني.
المقدمُ: عنْ ضابطِ الجهلِ ما هُوَ؟
الشيخُ: المقصودُ بِالجهلِ هُوَ عدمُ العلمِ، لكنَّ بعضَ الناسِ يقولُ: أَنا ما أعرفُ أنهُ يترتبُ علَى الجماعِ مَثلًا الكفارةُ، أَنا أعرفُ أنهُ حرامٌ وَلا يجوزُ أنْ يجامعَ وأنهُ يُفْسدُ الصومَ، لكنْ لا أَدري أنَّ فيهِ عتقَ رقبةٍ فإنْ لمْ يجدْ فصيامُ شهرينِ متتابعيْنِ، فإنْ لمْ يستطعْ فإطعامُ ستينَ مِسْكِينًا، هُنا جهلٌ بما يترتَّبُ علَى المفطرِ وليْسَ جهْلًا بِالمفطرِ نفسهِ، يَعرفُ أنَّ الصومَ يَفسُد، لكنهُ جهلَ أنهُ يترتبُ عليهِ هَذا العملِ.
والجوابُ علَى هَذا أنَّ الجهْلَ بما يترتَّبُ عَلَى المحرمِ لا يُعْفي الإنسانَ مما يترتَّبُ عليهِ، وَهَذا سواءٌ في ما يتعلَّقُ بِالصومِ أوْ بغيرهِ؛ لوْ جاءَ شخصٌ وقالَ: أنا لا أدْرِي أنَّ السرقةَ يترتَّبُ عَليْها قطعُ يدٍ، لو أعرفُ أنَّ السرقةَ عُقوبُتها قطْعُ اليدِ ما سرقتْ، فيُقالُ: عدمُ علمكَ بِالعُقوبةِ لا يعفيكَ مِنْها، مادامَ أنَّكَ تعلمُ أنَّ هذا فعلٌ محرمٌ، فعلمكَ بالمحرَّمِ يكْفِي في الانزجارِ عنهُ وَالانْكفافِ عنهُ وإنْ لمْ تعلمْ بعقوبةِ المحرم؛ وَلهذا الجهلِ المقصودِ بهِ هُنا: عدمُ العلمِ بِالحكمِ، بِأصلِ الحكمِ، لا بما يترتَّبُ عَلَى الحكمِ مِنْ كَفَّاراتٍ أوِ التزاماتٍ تنتجُ عنهُ.
والناسُ يَختلفُونَ في العذرِ بالجهلِ؛ أيْ: هلْ هَذا يُعذرُ مثلهُ بالجهْلِ أَوْ لا؟ لكنْ هَذا شيءٌ بينهُ وَبينَ ربِّ العالمينَ، يُقالُ لهُ: إِذا كنتَ تعلمُ فَلا يجوزُ، وهَذا يُدَيَّن فيهِ الإنسانُ، فإذا كنتَ تعلمُ فَلا يجوزُ ويترتبُ عليكَ كَذا وَكذا، وَإذا كنتَ لا تعلمُ فَلا شيءَ عليكَ؛ لأنَّ الشريعةَ مرتبةٌ علَى العلمِ، مبنيةٌ علَى العلمِ؛ فمنْ علِمَ ثبتَ في حقهِ الحكمُ، ومنْ جهِلَ فـ: ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾البقرة: 286 والشريعةُ لا تثبتُ إِلا بعدَ العلمِ، ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾الإسراء: 15 .
المقدمُ: باركَ اللهُ فيكمْ يا شيخ خالد ونفعَ بكمْ، سألَ أحدُ المتصلينَ عنْ وضعِ سلة المهملاتِ داخل المسجدِ؛ ما حكمُ ذلكَ؟
الشيخُ: وضعَ سلةَ المهملاتِ تشبهُ أنْ تكونَ ضرورةً لوِقايةِ المساجدِ منَ الأقْذارِ، لكنَّ إهمالها وَإِبقاءها لفترةٍ طويلَةٍ لا يليقُ بِالمساجدِ، وأَنا أقترحُ أنْ تكُونَ هذهِ السلالُ الَّتي توضعُ لجمع الأُمُور الَّتي يستغنىَ عنْها أوْ المستقذرات ينبغِي أنْ تكونَ مُغْلقةً لا مَفْتُوحةً حتَّى لا تقذر المساجدُ.
المقدمُ: يكونُ لها غطاءٌ.
الشيخُ: نعمْ، يكونُ لَها غطاءٌ أوْ ما أشبهَ ذلكَ، وكونُها في المسجدِ لا يؤثر؛ لأنهُ يشبهُ أنْ تَكُون حاجة، والنبيُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - عندَما ذكر البُصاقَ قالَ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ -: «البُزَاقُ فِي المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا» أخرجهُ البخاريُّ (415)، ومسلمٌ (552) ، فإِذا زالتْ صُورةُ المكروهِ الَّذي استقذرَ عنِ المسجدِ انْتَهَى حكمُهُ، فكونُ هذهِ السلالِ أوْ الأوعيةِ الَّتي توضعُ لحفظِ المستقذراتِ في المساجدِ لا يؤثرُ إنْ شاءَ اللهُ تعالَى، ولكنْ ينبغِي أنْ تصانَ المساجدُ عنْ إِهْمالها فترةً قدْ تصدُرُ مِنْها روائحُ مستكرهةٌ أو تمتلئُ فتقذر المكانَ بصورتِها وَشكْلِها.
المقدمُ:- باركَ لكمْ. أَيْضًا شيخنا بِالحديثِ عنِ المساجدِ وعمَّا ذكرتموهُ يا شيخ فيما يتعلقُ بِالمصاحفِ توضعُ علَى ألواحٍ منْ خشبٍ للقراءةِ وَالاستفادةِ، وتكونُ في بعضِ المساجدِ في الصُّفوفِ الأولِ، وتكونُ أمامَ المصلِّي، وقدْ يمدُّ المصلِّي رجليهِ وتكونُ أمامهُ؛ فهلْ يجوزُ وضعُ المصاحفِ علَى هذهِ الألواحِ علَى الأرضِ ليقرأَ مِنْها القارئُ، أوْ يجبُ أنْ تكونَ في الرفوفِ العُليا حيثُما كانتْ لحفظِها والبقاءِ عليْها مرفوعةٌ؟
الشيخ: رفعها في الدواليب التي توضع فيها المصاحف بحيث لو أن أحدًا مد رجليه لم يكن تجاه المصحف هذا من تعظيم المصاحف، ولكن في الجملة: مد الرجل إلى المصحف هو في قول عامة أهل العلم مكروه؛ لما فيه من صورة الامتهان، وإن كان يقينًا المسلم المصلي الذي جاء إلى هذه الأماكن لا أشك ولا يتطرق إلى ذهني أدنى شك أنه يقصد إهانة المصاحف، لكن الكلام ليس عن الإهانة إنما عن الصورة؛ ولذلك عندما يأتي أحد وينبهنا لنأخذ الموضوع فأولًا: ينبغي التنبيه برفق؛ لأن المسلم يقينًا بلا ريب ما جاء وتعبد في هذه الأماكن وفي قلبه ذرة لامتهان كلام الله أو كتابه، لكن يغفل الإنسان وقد يصدر منه ما لا يليق من غير شعور.
ومثله وضع المصاحف على الأرض، أحيانًا قد يضع المصلي أو الساجد المصحف على الأرض، فينبغي أن لا يوضع، ولكن لو أن أحدًا رأى آخر وضع ذلك فينبهه برفق، و«ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه» أخرجه مسلم (2594) .
بعض الإخوان - وفقهم الله - يغار ويجد في نفسه شيئًا وينفعل بسبب هذه المرائي، وقد يخطئ، وقد يسبب هذا عدم قبول أخيه لتوجيهه.
فأنا أقول كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «ما كان الرفق في شيء إلا زانه» تقدم تخريجه .
فهذه أمور ينبغي أن تصان عنها المصاحف، وأن يعظم الإنسان كلام الله - عز وجل – وكتابه والأماكن التي عظمها: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾الحج: 32 .
لكن التنبيه إلى ذلك برفقٍ يفضِي إِلَى المقصُودِ، وأَنا أُنَبِّهُ إِلَى فعلِ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - وهُوَ أكملُ الخلقِ تعظيمًا للهِ ولما عظمهُ لما جاءَ الأعرابيُّ وبالَ في المسجدِ، قامَ الصَّحابةُ ـ رضيَ اللهُ تعالَى عنهمْ ـ ليمنعوهُ فقالَ: «لا تزرِمُوهُ» أيْ: لا تقطعُوا عليهِ بولهُ، ثم لما قضَى بولهُ قالَ: «إنَّ هذهِ المساجدَ لا يصلُحُ فيها شيءٌ مِنَ القذرِ إِنَّما هيَ لِلصلاةِ وتلاوةِ القُرآنِ وذِكرِ اللهِ» أَخرجهُ البخاريُّ (6025)، ومُسلمٌ (284)، (285) .
فبيَّن لهُ النبيُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ - ما ينبغِي في المساجدِ بالرفقِ، ثمَّ أمرَ بذَنُوبٍ مِنْ ماءٍ فصبَّ علَى بولِ الرجلِ، المقصُودُ أنَّ التنبيهَ ينبَغِي أَنْ يكُونَ بشيءٍ منَ الرفقِ والرحمةِ.
أسألُ اللهَ أنْ يملأَ قُلُوبَنا رِفقًا ورحْمةً وسكينةً وطُمأْنينَةً، وأنْ يُلهمِنا الرُّشْدَ والصوابَ.
المقدمُ: باركَ اللهُ فيكمْ يا شيخ خالد، وقدْ وصلْنا إلَى نهايةِ هَذا اللقاءِ، والكلمةِ الأخيرةِ لكمْ حفظكمُ اللهُ.
الشيخُ:- أسألُ اللهَ العظيمَ ربَّ العرشِ الكريمِ أنْ يوفقَّنِي وإياكمْ إِلَى كلِّ خيرٍ، ونحنُ نُوصِي إخوانَنا بأنْ يسألُوا عمَّا أُشْكلَ عليهمْ، أُوصِي إِخْواني وأخَواتي إِذا أُشْكلَ عليهمْ شيءٌ فلْيسأَلُوا مَنْ يثِقُوا بعلمهِ، والحمدُ للهِ اليومُ الجهاتُ الَّتي يمكنُ أنْ يصلَ إِليْها لِلسؤالِ مُتيسرةٌ، فأسألُ اللهَ أنْ يرزُقَنا وإياكمُ العلمَ النافعَ والعملَ الصالحَ؛ ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾النحل: 43 ، وأسألُ اللهَ العظيمَ ربَّ العرشِ الكريمِ أنْ يحفظَ بِلادَنا منْ كلِّ سُوءٍ وشرٍّ، وأنْ يرُدَّ كيدَ الكائِدينَ ومكرَهُمْ في نُحورهمْ، وأَنْ يَنْصُرَ جُنودَنا المقاتِلينَ والمرابطينَ ورِجالَ أمْنِنا الساهِرينَ علَى حفظِ أمْنِنا، وأنْ يوفِّقَ وليَّ أَمْرِنا خادمَ الحرمينِ الشريفينِ ووليَّ عهدهِ إِلَى ما يحبُّ ويرضَى، وأنْ يجزيهمْ خيرًا علَى ما يبذلونهُ للإسلامِ والمسلمينَ، وأنْ يوفقَ جميعَ وُلاةِ المسلمينَ إِلَى ما فيهِ الخيرُ وأنْ يجمعَ كلمتَنا علَى الحقِّ والهدَى، وأنْ ينشرَ الخيرَ في البشريةِ جَمْعاءَ، وصَلَّى اللهُ وسلَّمَ علَى نبيِّنا محمدٍ، والسلامُ عليكمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ.
المقدمُ: وعليكمُ السلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ. شكرَ اللهُ لكمْ فضيلةَ الشيخِ الدكتور خالد المصلحِ؛ الأُستاذ بكليةِ الشريعةِ بِجامعةِ القَصِيمِ علَى ما أفضتمْ وأفدْتمْ في ثنايا هَذا اللّقاءِ حوْلَ المفطراتِ في شهرِ رمَضانَ، وكيفَ لِلمسلمِ أنْ يَحذرها وأنْ يتعامَلَ معَها، وما الواجبُ علَى المسلمِ حِيالَ ذلكَ.
أيضًا أنتمْ مُسْتَمِعينا الكرامَ الشكرُ موصولٌ لكمْ علَى طيبِ المتابعةِ والإنصاتِ.
موعدُنا يتجددُ وإياكمْ إنْ شاءَ اللهُ في مِثلِ هذا الوقتِ بإذنِ اللهِ تَعالَى، حتَّى ذلكمُ الحينَ لكمُ أطيبُ تحيةٍ مِني محمدُ الجريني وأخي ياسر زيدان منَ الإِخْراجِ، والسلامُ عليكمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ.