×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

رمضانيات / برامج رمضانية / ينابيع الفتوى / الحلقة(6) قيام الليل في رمضان

مشاركة هذه الفقرة Facebook Twitter AddThis

تاريخ النشر:6 ذو القعدة 1441 هـ - الموافق 27 يونيو 2020 م | المشاهدات:2529

المقدمُ:- بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، مُستمعِينا الكرامَ، السلامُ عليكمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ، أَهْلًا ومرْحبًا بكمْ مَعنا إِلَى هذهِ الحلقةِ مِنْ برنامجِ "ينابيعِ الفتْوى"؛ البرنامجُ اليوْمي الذي يهمُّ الصائمينَ في شهرِ رمضانَ. نتواصلُ وإياكمْ أَيُّها الأحبَّةُ في هَذا اللقاءِ علَى مدَى ساعةٍ إلا قَليلًا.
هَذهِ أطْيبُ تحيةٍ مني محمدُ الجريني، وأخِي مصطفَى الصُّحفي منَ الإخْراجِ، كذلكَ يسرُّنا ويطيبُ لَنا في حلقةِ اليومِ أَنْ يكونَ مَعنا فضيلةُ الشيخِ الدكتورِ/ خالدِ المصلحِ؛ الأستاذِ بكليةِ الشريعةِ بجامعةِ القصيمِ، الذِي نسعدُ ونأنسُ بالحديثِ معهُ حولَ مواضيعِ هَذا اللقاءِ. السلامُ عليكمْ يا شيخُ خالدٌ، وحياكمُ اللهُ.
الشيخُ: وعليكمُ السلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ، مرحبًا بكَ أخي محمدٌ، وَحياكَ اللهُ وحيَّا اللهُ الإِخوةَ والأَخواتِ.
المقدمُ: حضراتُ الكرامِ بإمكانِكُمُ المشاركةُ المباشرةُ مَعنا منْ خِلالِ الأَرْقامِ: 6477117- والرقم الآخر: 6493028 مفتاحُ المنطقةِ 012 أوْ عَلى تطبيقِ الواتْس أب لمنْ أرادَ؛ بأنْ يبعثَ بِرسالةٍ نصيةٍ علَى الرقمِ: 0500422121 فحياكُمُ اللهُ.
في هَذهِ الحلقةِ إِنْ شاءَ اللهُ سوفَ يتحدثُ شيخُنا في درسِ اليوْمِ عنْ مَسائِلَ تتعلقُ بِالقِيامِ في شَهْرِ رَمَضانَ؛ كَيْفَ لِلمُسْلِمِ أَنْ يَكُونَ عارِفًا وَمُلمًّا بِها؟ وَما هِيَ ثمرةُ هَذِهِ المعرفةُ عليهِ وَعَلَى المجتمعِ في هَذا الشهرِ المباركِ؟ تفضَّلْ يا شَيخنا باركَ اللهُ فيكمْ.
الشيخُ: السلامُ علَيكمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ، مرْحبًا وأَهْلًا وسَهْلًا بجميعِ المستمعينَ والمستمعاتِ، حياكُمُ اللهُ، وأَسْأَلُ اللهَ تعالَى أَنْ يَجْعلَ هَذا اللقاءَ نافِعًا مُباركًا.
حديثُنا في هذهِ الدَّقائقِ حولَ عِبادةٍ لَها منزلةٌ سامِيَةٌ ومكانةٌ عظْمَى في الشريعةِ، ويظهرُ ذلكَ مِمَّا جاءَ في فضائِلها والنُّصوصِ الواردةِ في شأْنِها، حديثِنا عنْ قِيامِ الليلِ لاسيِّما في رمضانَ، فقيامُ الليلِ عِبادةٌ جليلةٌ شرعَها اللهُ ـ تعالَى ـ لأَهلِ الإسلامِ منْ أوائلِ البعثةِ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًاالمزمل: 1- 5  إلَى آخرِ ما ذكرَ اللهُ - عزَّ وجلَّ - ثمَّ جاءَ بعْدَ عامٍ كاملٍ التخفيفُ بنسخِ وُجوبِ قيامِ الليلِ علَى أهْلِ الإسلامِ: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُالمزمل: 20 .
هذهِ العبادةُ الجليلةُ وإنْ كانَ قدْ نُسِخَ فرْضُها علَى الأمَّةِ وبقِيَ علَى النبيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - في قولِ جماعةٍ منْ أهْلِ العلمِ، إِلَّا أنْ مَكانةَ هذهِ العِبادةِ ومنزلتُها لم تخفَ في نصوصِ الشريعةِ، فَكونُ الشريعةِ بدأتْ في أولِ ما فرضَ اللهُ تعالَى منَ الصلاةِ والشرائعِ علَى أهلِ الإيمانِ بهذهِ العبادةِ؛ فَهَذا يُظهرَ عظيمَ أثرِ هذهِ العِبادةِ في صَلاحِ قلبِ المؤْمِنِ واستقامَةِ عملهِ وَصَلاحِ دينهِ؛ ذلكَ أَنَّ قيامَ الليلِ منَ العِباداتِ الجليلةِ الَّتي وصفَ اللهُ ـ تَعالَى ـ بِها أهلِ الإيمانِ وَرَتَّبَ علَيْها عظيمَ الأجرِ؛ قالَ اللهُ ـ تعالَى ـ في وصْفِ أهلِ الإيمانِ: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَالذاريات: 15- 16 ، يقولُ اللهُ ـ تعالَى ـ في وصْفِهمْ: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَالذاريات: 17 ، وقالَ - جلَّ وعَلا - في شأْنِ إِقبالهمْ علَى ربهمْ: ﴿وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَالذاريات: 18  فجعلَ قِيامَ الليلِ منْ سِمات أهلِ التقوَى، وجعلَ الاستغفارَ في دبرِ هذهِ الصلاةِ منْ صِفاتِ المتقينَ؛ ﴿وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾.
وقد قالَ اللهُ ـ تعالَى ـ: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَالزمر: 9 ، هذا الفضلُ العظيمُ الذي دلَّتْ عليهِ هذهِ الآيةُ وغيرُها منَ الآياتِ يبينُ منزلةَ هذهِ العِبادةِ؛ ولذلكَ جاءَ في صحيحِ الإمامِ مسلمٍ منْ حديثِ أبي هريرةَ أنَّ النبيَّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ - قالَ: «أفضلُ الصَّلاةِ بعدَ الفريضةِ صلاةُ الليلِ» أخْرجهُ مسلمٌ (1163)  أيُّ: الصلاةِ الَّتي تكونُ في الليلِ، وهذا يشملُ بِالتأْكِيدِ قيامَ الليلِ في الزمانِ كلهِ وليسَ فقطْ في رَمضانَ، بلْ في كلِّ الليالي، واللهُ ـ تعالَى ـ يقولُ: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًاالإنسان: 26 ؛ سبحهُ هُنا ذكرَ السُّجودَ والتسبيحَ، السُّجُودُ بالتأكيدِ أنهُ الصلاةُ ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ﴾، قالَ: ﴿وَسَبِّحْهُ﴾ التسبيحُ هُنا يطلقُ عَلَى الصلاةِ ذاتِها، فيكونُ هَذا منْ عطْفِ العامِ على الخاصِ؛ لأنَّ السجودَ جزءٌ في الصلاةِ يطلقُ علَى التسبيحِ بالتمجيدِ والتقديسِ وذكرِ اللهِ - عزَّ وجلَّ - والصلاةُ جامعةٌ للمعنيينَ. فقولهُ: ﴿سَبِّحْهُ﴾ أي: صلِّ له ليلًا طويلًا؛ أي: ليلًا ممتدًّا.
واللهُ ـ تعالَى ـ قدْ قالَ في وصفِ عبادهِ المؤْمنينَ: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًاالسجدة: 16  هَذا الفضلُ العظيمُ والعملُ الجليلُ الَّذي ذكرهُ اللهُ ـ تعالَى ـ لهؤلاءِ هوَ منْ أخصِّ أعمالهمْ أنهمْ ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ يعْني تبعدُ وتقلَى جنوبهمُ المضاجِعَ، تنفرُ عنْها قِيامًا بِما أمرَ اللهُ تعالَى منْ طاعتهِ والقيامِ بينَ يديهِ ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16)﴾ هَذا عملهمْ، وأَمَّا أجرُهمْ ﴿فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَالسجدة: 17 ؛ قرةُ الأعينِ أيْ: كلُّ ما تسكنُ بهِ النفوسُ وتطمئنُّ وتسعدُ وتنشرحُ. ويا أَخي محمد وأيها الإخوةُ والأخواتُ هَذا ليسَ مقْصُورًا علَى الأجرِ الأُخْروي، بلْ قرةُّ العينِ يدركُها قائمُ الليلِ في الدُّنيا قبلَ الآخِرةِ، فيجدُ في نفسهِ منَ الإشراقِ والانشراحِ والبهجةِ والسرورِ والطمأنينةِ والسكنِ ما يصدقُ عليهِ قولهُ: ﴿ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ يعنِي جزاءَ هذا العملِ منْ قرةِ أعينٍ ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
كذلكَ ينبغِي أنْ يستشعرَ عظيمَ منزلةِ هذهِ العِبادةِ ويتضاعفُ الفَضْلُ وَيعْظُم الأجرُ عندما يُدركُ الإنسانُ أَنَّ صَلاةَ الليلِ منْ أَسبابِ دُخولِ الجنةِّ؛ قالَ النبيُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ -: «أطعِموا الطعامَ، وصِلُوا الأرحامَ، وصَلُّوا بالليلِ والناسُ نيامٌ؛ تدخُلُوا الجنةَ بِسلامٍ» أخرجهُ الإمامُ أحمدُ في المسندِ (23784)، وصححهُ الترمذيُّ (2485)، والحاكمُ (4283)، ووافقهُ الذهبيُّ  معْنَى بِسلامٍ يعني سالمينَ منَ العُقوباتِ ومنِ الأهْوالِ ومنَ العذابِ فيدخلُ بلا عذابٍ، هذهِ الأعمالِ منْ أَسبابِ دُخُولِ الجنةِ بِلا عذابٍ: أنْ تطعمَ الطعامَ وأنْ تصلَ الأرحامَ وأنْ تُصلي بالليلِ والناسُ نيامٌ رغبةً فيما عندَ اللهِ.
يتبينُ بهذا العملِ صدقَ الإيمانِ، يقومُ العبدُ بينَ يدي ربهِ يناجيهِ، يبثهُ شكواهُ، يسبحهُ، يمجدهُ، يقدسُهُ، يركعُ لهُ ويسجُدُ، ليسَ ثمةَ مَنْ يرقبُهُ ولَا أحدَ ينظرُ إليهِ، إنما نظرهُ إلَى اللهِ الَّذي وقفَ بينَ يديهِ، لاشكَ أنَّ هَذا دليل علَى رسُوخِ الإيمانِ وقوتهِ؛ ولذلكَ قالَ جبريلُ ـ عليهِ السلامُ ـ للنبيِّ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ـ: «واعلمْ أن شرفَ المؤمنِ قيامهُ بالليلِ» أخرجهُ الطبرانيُّ في الأَوْسَطِ (4278)، وصححه الحاكم (7921)، ووافقه الذهبيُّ ؛ كلُّ مَنْ رغِبَ في شريفِ المقاماتِ وعالي المنازلِ ورفيعِ الأحوالِ فعليهِ بقيامِ الليلِ، فإنَّ قيامَ الليلِ شرفُ المؤمنِ؛ إذ إِنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - صرحَ أنَّ قِيامَ الليلِ شرفُ المؤمنِ، لأنَّ فيهِ دليلًا علَى قوةِ إِخلاصهِ، ودليلًا علَى قوةِ ثقتهِ بربهِ وإيمانهِ بهِ، وإقبالهِ عليهِ؛ ولهذا سئلَ الحسنُ البصريُّ: ما بالُ المتهجدينَ وجوههُمْ فيها نورٌ؟ فِيها الضياءُ فقالَ - رحمهُ اللهُ -: «لأنهمْ خلوْا بالرحمنِ» اللهُ أكبرُ! «فأفاضَ عليهمْ منْ نورهِ» نسألُ اللهَ العظيمَ ألا يحرِمَنا هَذا النورَ.
هَذا شيءٌ منَ الحديثِ عنْ فضلِ القِيامِ في كلِّ الزَّمانِ، وَعِندَما نتحدَّثُ عنِ القِيامِ في رمضانَ تجدُ أنهُ قدْ فازَ بعظيمِ الأجرِ وكبيرِ الفضْلِ؛ قالَ النبيُّ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وعلَى آلهِ وسلمَ ـ: «منْ قامَ رمضانَ إيمانًا واحْتسابًا غفِرَ لهُ ما تقدَّمَ منْ ذنبهِ» أخرجهُ البخاريُّ (37)، ومسلمٌ (759)  هَذا العطاءُ الجزيلُ علَى قيامِ الليلِ في رمضانَ يبينُ عظيمَ محبَّةِ اللهِ لهذهِ العبادةِ؛ لأنهُ كلَّما عظمَ أجرُ العبادَةِ وثَوابُها كانتْ أَحَبَّ إلَى اللهِ، فاللهُ يُعْطِي الأُجُورَ علَى قدرِ حُبِّهِ لِلعملِ - سُبحانهُ وبحمدهِ - وعَلى قدرِ ما يكونُ فِيها منْ تحقيقِ الإيمانِ والإخلاصِ للهِ - عزَّ وجلَّ -: «منْ قامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا» أي: كانَ الباعثُ لهُ علَى القيامِ: تصديقَ خبرِ الرسُولِ وإقرارَهُ بِما جاءَ بهِ والرغبةُ فِيما عندَ اللهِ، كانَ الباعِثُ الرغبةَ فِيما عندَ اللهِ - عزَّ وجلَّ - منَ الأجرِ والثوابِ، محتَسِبًا الأجرَ عندَ ربهِ؛ فإنهُ سيدركُ هَذا الفضلَ؛ مغفرةُ الذُّنوبِ ليسَ أمْرًا يسيرًا، مغفرةُ الذُّنُوبِ هيَ نجاةٌ، فوزٌ؛ فإنهُ لا يدخلُ الجنةَ إِلا منْ رجحتْ حسناتُهُ ومُحيتْ سيِّئاتهُ، وغفرَ اللهُ لهُ زَلَلَـهُ وخطأَهُ.
فمغفرةُ الذُّنوبِ مَعْناها الفوزُ بسعادةِ الدُّنْيا والآخرةِ «غُفِرَ لهُ ما تقدَّمَ منْ ذنبهِ» يعْني جميعَ الذنوبِ الَّتي اكتسبْتَها والَّتي تورطَّتَ فِيها مدَى عمركَ منْ جريان قَلَمِ التكليفِ عليكَ إِلَى لحظتكَ هَذهِ؛ يغفرُها اللهُ - عزَّ وجلَّ - بقيامِ هذهِ الليالي إيمانًا واحْتِسابًا، «غُفِرَ لهُ ما تقدَّمَ منْ ذنبهِ».
ويعظمُ الفضلُ ويتضاعفُ العطاءُ والأجرُ وجزيلُ الإحسانِ منْ ربٍّ يعطِي علَى القليلِ الكثيرَ؛ قالَ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ -: «ومنْ قامَ ليلةَ القدرِ إِيمانًا واحتسابًا غُفر لهُ ما تقدمَ مِنْ ذنبِهِ» أخرجهُ البخاريُّ (1901)، ومسلمٌ (760) . اللهمَّ إنَّا نسألكَ أنْ تجعَلَنا ممنْ يوفقُّ لقيامِ رمضانَ إِيمانًا واحتسابًا، ويوفقُ لِقيامِ ليلةِ القدرِ إِيمانًا واحْتِسابًا.
هَذا الفضلُ العظيمُ لِقيامِ رَمضانَ واضحٌ في النصُوصِ منْ قولهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - وَمنْ فعلهُ؛ فإنَّ النبيَّ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وعلَى آلهِ وسلَّمَ ـ كانَ يُصلِّي الَّليْلَ في رَمضانَ، وقَدْ صَلَّى بأصحابهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - عدَّةَ ليالٍ، «وكانَ إذا دخلَ العشرُ أَحْيا ليلهُ فأيقظَ أهلهُ فجدَّ وشدَّ المئزرَ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ» أخرجهُ مسلمٌ (1174)  شدُّ المئزرِ يعني ربطَ علَى وسطهِ ثيابًا ونحْو ذلكَ مما يُستعانُ بهِ علَى التصبرِ علَى القيامِ والاستعانةِ عَلَى الوُقُوفِ بينَ يديِ اللهِ - عزَّ وجّلَّ - والركُوعُ والسُّجُودُ والصلاةُ بينَ يديهِ. هَذا ما كانَ يفعلهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلهِ وسلَّمَ.
وقدْ بيَّنَ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ - أنَّ قِيامَ رمَضانَ يدركهُ المؤمنُ بأنْ يصلِّي معَ الإمامِ حتىَّ ينصرفَ، فبابُ قيامِ رمضانَ - وللهِ الحمدُ - ميسرٌ لمنْ صدَقَ في الرغبةِ ونشطتْ نفسهُ، فلا يلزمُ أنْ يُحْيي الليلَ كامِلًا، بلْ قالَ - صلَّى اللهُ علَيْهِ وسلَّم - لأصحابهِ وقدْ صَلَّى بهم ليلةً إلى ثلثِ الليلِ، وليلةً إلى شطرِ الليلِ، وليلةً صلى بهمْ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - حتَّى خَشوْا فواتِ السحُورِ منْ طُولِ قيامِهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ -، وفي الليلةِ الَّتي صلَّى فِيها - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - إِلَى ثلث ِالليلِ قالِ لهُ بعضُ أصحابِهِ: لوْ نفلْتَنا بقيةَ ليلتنا. يعْني لوْ أكملْت بِنا القيامَ بقيةَ الليلِ؛ فَقالَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ -: «منْ قامَ معَ الإمامِ حَتَّى ينصرفَ كُتبَ لهَ قيامُ ليلةٍ» أخرجهُ الإمامُ أحمدُ في المسندِ (21419)، وأبُو داودَ في السُّننِ (1375)، والترمذيُّ (806)، وحَسَّنَهُ، وَالنسائيُّ في الصغرى (1364)، وابنُ ماجه في السننِ (1327)، وصححهُ ابنُ خزيمةَ (2206)، وابنُ حِبانَ (2547)  اللهمُّ لكَ الحمدُ، هَذا الفضْلُ يبينُ أنِّ إدْراكِ قيامِ رمضانَ الَّذي رتبَ عليهِ النبيُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - هَذا الأجرَ العظيمَ تحققَّ بأنْ يقومَ الإنسانُ معَ الإمامِ «منْ قامَ معَ الإمامِ حتَّى ينصرِفَ» حتىَّ تنقضِي صلاتهُ الانصرافُ المقصودُ بهِ أنْ يفرغَ منَ الصلاةِ «كُتبَ لهُ قيامُ ليلةٍ» أيْ: ثبتَ لهُ أجرُ قِيامِ ليلةٍ، فإِذا قمتَ الليلةَ وَغَدًا وبعدَ غَدٍ حتَّى استكملتَ الشهرَ معَ الأئمةِ في صلاةِ التراويحِ فُزتَ بِهذا الفضلِ العظيمِ وَهَذا الأجرِ الكبيرِ الَّذِي قالَ فيهِ النبيُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ -: «منْ قامَ رمضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غفرَ لهُ ما تقدَّمَ منْ ذنبهِ».
المقدمُ: إيمانًا واحْتسابًا فضيلةَ الشيخِ.
الشيخُ: نعمْ الإيمانُ هوَ التصديقُ والإقرارُ، والاحتسابُ هُوَ الرغبةُ والطمعُ في الثوابُ والأَجْر منَ اللهِ - عزَّ وجلَّ - لهذا أَقولُ لإخواني: لنصبرْ ونصابرْ في تحقيقِ هَذا الفضلِ معَ يُسرهِ وللهِ الحمدُ، فمنْ صَلَّى معَ الإمامِ في المسجدِ الَّذي يتيسرُ لهُ حتَّى ينصرفَ نالَ هَذا الفَضْلَ وفازَ بِهذا الأجرِ عَلَى يُسرٍ وَوعْدٍ لا يخلفُ.
المقدمُ: ووقتُ الصَّلاةِ قصيرٌ فضيلةَ الشيخِ.
الشيخ: الآنَ الخيارُ فيهِ لِلناسِ مِنْ جِهةِ طولِ الصَّلاةِ وقِصرِها، السنةُ التَّطْويلُ بالتأكيدِ، لكنْ يتحقَّقُ هَذا الفضلُ لمنْ قامَ مَعَ الإِمامِ حتَّى ينصرفَ وَلَوْ كانَ الإمامُ قدْ اختصَرَ في الصَّلاةِ ولمْ يُطلْ؛ لِعُمومِ قولِ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ -: «مِنْ قامَ معَ الإمامِ حتَّى ينصرِفَ كُتبَ لهُ قِيامُ ليلةٍ» تقدمَ تخريجهُ  وفي رواية أخرى في سنن أبي داودَ (1375)  «إنَّ الرجلَ إِذا صلَّى معَ الإمام حتَّى ينصَرِفَ حُسِبَ لهُ قِيامُ ليلةٍ» فأُوصِي نفْسي وإِخْواني بالحرْصِ على هَذا الخيرِ.
والإنسانُ ينظرُ منَ المساجدِ ما يَتناسبُ مَعَ حالهِ وشُغلهِ، لكنْ كُلُّ منْ قامَ رمضانَ علَى هَذا النحوِ بمعْنى صلَّى معَ الأئمةِ صَلاةَ التراويحِ حتَّى ينصرفَ الإِمامُ كتبَ لهُ قِيامُ ليلةٍ طالَ القِيامُ أوْ قَصُر، لكنْ بِالتأكيدِ أَنَّ ثمةَ فَرْقًا بينَ قِيامِ مَنْ طالَ قيامهُ وَقيامِ منِ اختصرَ في القِيامِ، والجميعُ يدركُ الفضلَ بمنِّ اللهِ - عزَّ وجَلَّ - وكرمهِ، وإِنْ كانتِ الأُجُورُ متفاوِتةً باعتباراتٍ مختلفةٍ، ومنَ الاعْتبارِ الَّذي تختلفُ بهِ الأُجورُ والثوابُ الطولُ والقِصَرُ، فَصلاةُ الليلِ بِناؤُها علَى الطُّولِ في الأصلِ وعلَى الأَناةِ؛ فإنَّ عائشةَ لما سئلَتْ عنْ صَلاةِ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ - بقيامِ الليلِ قالتْ: «كانَ يصلِّي أربعًا فَلا تسألْ عنْ حسنهِنَّ وطُولهنَّ، ثم يُصلِّي أربعًا فَلا تَسأَلْ عنْ حُسنهنِّ وطولهنِّ، ثمَّ يُصلي ثلاثًا» أَخرجهُ البخاريُّ (1147)، ومسلمٌ (738) ، وهَذا يبينُ صفَةَ صلاتِهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَّلمَ - في رَمضانَ وغيرهِ؛ لذلكَ قالتْ: «ما كانَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ - يزيدُ في رَمضان وَلا في غيرهِ علَى إِحْدَى عشرَةَ ركْعَةٍ؛ يُصلِّي أرْبعًا فلا تسألْ عنْ حسنِهنَّ وطُولهنَّ، ثمَّ يُصلي أَرْبعًا فَلا تسألْ عنْ حسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يُصلي ثلاثًا» هَذا ما يتعلقُ بعددِ الركَعاتِ وكونِ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسلمَّ - كانَ يصلِّي صلاةً طويلَةً لقولِها: «فَلا تسألْ عنْ حسنهنَّ وطولهنَّ».
وفي قيامهِ صلَّى اللهُ عليهِ وعلَى آلهِ وسلَّمَ في حديثِ أبي ذرٍّ واضحٌ أنهُ لمْ يَكُنْ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - يقيمُ الليلَ علَى حالٍ واحدَةٍ، بمعْنى أنهُ يُقيمُ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - قِيامًا طَوِيلًا في كلِّ الليالي، بلْ يُفاوِتُ مرةً إلَى ثلثِ الليلِ، مرةً إلَى شطرِ الليلِ، ومرةً إلى آخرِ الليلِ، هَكذا كانتْ صلاتُهُ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ -، وهذا تفاوتٌ بطولِ القيامِ منهُ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - محفوظٌ كَما جاءَ في حديثِ أبي ذَرٍّ في السُّنَنِ أنهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ - قامَ بأصحابهِ حتَّى ذهبَ ثلثُ الليلِ في ليلةٍ، فلَّما كانتْ ليلةٌ أخرَى ليلةُ الخامسِ والعشرينَ صلَّى بهمْ شَطْرَ الليلِ، ولما كانتْ ليلةُ سبعٍ وعشرينَ صلَّى بهمْ حتَّى خشوْا فواتَ الفلاحِ أيْ؛ فواتَ السحورِ تقدمَ تخريجُهُ .
والمقصودُ يا أَخِي الكريمُ أنَّ فَضيلةَ إِدْراكِ قِيامِ هَذا الشهرِ الكريمِ تدركُ بالصلاةِ مع الأئمةِ في التراويحِ.
قد يقولُ بعضُ الناسِ: واللهِ أَنا عندِي أشغالٌ وأعمالٌ، ولا أتمكنُ مِنْ صلاةِ التراويحِ؛ فهلْ أُدْركُ الفضيلةَ بالصَّلاةِ في بيتي؟ نعمْ كلُّ منْ صلَّى مِنَ الليلِ شَيئًا فقدْ قامَ الليلَ قَلَّ أَوْ كثُرَ، لَكنَّ التفاضُلَ في تفاوُتِ الأجْرِ والثوابِ بينَ القائمينَ، نسألُ اللهَ أنْ يجعلَنا وإياكُمْ ممنْ يَصُدقُ عليهِ: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجوا رَحْمَةَ رَبِّهِالزمر: 9  اللهمَّ اجعلْنا منهمْ يا ربَّ العالمينَ.
ثمةَ مسائلُ لو اتَّسَعَ الوقْتُ تتحدثُ عنْ بعضِ الأَحْكامِ المتعلقةِ بِصَلاةِ الليلِ.
المقدمُ: شيخَنا باركَ اللهُ فيك إذا أذنتَ بِفاصلٍ قصيرٍ، ثمَّ نأتِي إِلى هذهِ المسائلِ حولَ عددِ هذهِ الركعاتِ ووقتها وكيفيَّتِها والأسبابِ المعينةِ عليْها، إِذا أذنتَ يا شيخُ بَعدَ هَذا الفاصلِ القصيرِ إِنْ شاءَ اللهُ.
الشيخُ: بإذنِ اللهِ.
المقدمُ: باركَ اللهُ فيكَ.
حياكم الله مستمعينا الكرام مرة أخرى إلى البرنامج اليومي "ينابيع الفتوى" مع ضيفنا اليوم فضيلة الشيخ الدكتور/ خالد المصلح؛ الأستاذ بكلية الشريعة بجامعة القصيم، السلام عليكم يا شيخ خالد، وحياكم الله.
الشيخ: وعليكم السلام، حياكم الله، ومرحبًا بكم.
المقدم: أهلًا وسهلًا، حياكمُ اللهُ يا شيخَنا، كنتمْ يا شيخَنا قَدْ بدأتُمْ هَذا اللِّقاءَ بجملةٍ منَ النُّصُوصِ الواردةَ الَّتي تحضُّ وترغِّبُ في فضْلِ قيامِ الليلِ وما في هذهِ الصلواتِ المباركاتِ منَ الأجْرِ والثوابِ والطمأنينةِ والسكينةِ علَى قلبِ المسلمِ، لعلكمْ في هَذا الجزءِ أيْضًا تأتُونَ إِلَى مسائلِ تهمُّ المسلمَ في هذهِ السنةِ المؤكدةِ.
الشيخُ: فيما يتعلقُ بصلاةِ الليلِ قيامِ رمضانَ السنةُ فيهِ ما بيَّنهُ النبيُّ - صلَّى اللهُ عليه وسلمَ - من كونهِ إحدى عشرةَ ركعة؛ كَما جاءَ ذلكَ في حديثِ عائشةَ رضيَ اللهُ تعالَى عنْها: «ما كانَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - يزيدُ في رمضانَ ولا في غيرهِ علَى إحْدى عشرةَ ركعةً» تقدمَ تخريجهُ ، وهَذا هو السنةُ.
وإذا صلَّى الإنسانُ معَ إمامٍ فإنهُ يتبعُ إمامهُ في عددِ الركعاتِ، صلَّى إحْدى عشرةَ ركعةً أوْ زادَ أوْ نقصَ يصلِّي معَ الإمامِ، وينبغِي ألا يُنقصَ عنْ إِحْدى عشرةَ ركعة للأئمةِ، وَهَذا المعمولُ بهِ. جماعاتٌ من المصلينَ في المساجدِ يصلُّون عشرينَ ركعة، وهَذا قدْ جاءَ عنْ جماعَةٍ منَ الصحابةِ ـ رضِيَ اللهُ تعالَى عنهمْ ـ ونُقلَ عنْ عمرَ ـ رضيَ اللهُ تعالَى عنهُ ـ أنهُ أمرَ أُبيًّا أنْ يقومَ بالناسِ عشرينَ ركعةً، وتميمَ الداريَّ أيضًا، ووردَ خلافَ هَذا.
والاتفاقُ مُنعقدٌ والإجماعُ ثابتٌ أنهُ لا حدَّ لصلاةِ الليلِ منْ جهةِ الفترةِ، بمعْنَى أنهُ صلَّى إحدَى عشرةَ ركعةً، خمسَ عشرةَ ركعةً، ثلاثًا وعشرينَ ركعة، إِحدَى وعشرينَ ركعةً، سبعًا وثلاثين ركعةً، ما صلاهُ منَ الليلِ فإنهُ لا حدَّ لأكثرِهِ، هَكَذا ذكرَ جماعةٌ منْ أهلِ العلمِ الإجماعَ علَى ذلكَ، والدليلُ ظاهرٌ؛ فإنَّ النبيَّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - لما سُئلَ عنْ صلاةِ الليلِ قالَ: «صلاةُ الليلِ مثْنَى مثْنَى، فإذا خشيتَ الصبحَ فأوتِرْ بِواحدَةٍ» أَخرجهُ البُخاريُّ (473)، (1137)، ومسلمٌ (749) ، وهَذا يبينُ أنَّ صَلاةَ الليلِ لا حدَّ لَها؛ لأَنَّ النَّبيَّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ - لمْ يقلْ: صَلِّ إحدَى عشرةَ ركْعَة أو صلِّ عشرَ ركعاتٍ، بلْ أطلقَ الأمرَ علَى هَذا النَّحوِ قالَ: «صلاةُ الليلِ مثْنَى مَثْنَى فإذا خشيتَ الصبحَ فأوترْ بِواحدَةٍ» تقدمَ تخريجهُ .
وَما يجرِي منْ صلاةِ ثلاثِ وَعِشْرينَ جاءَ عنْ عمرَ رَضِيَ اللهُ تعالِى عنهُ كَما ذكرتُ في إقامتهِ لأبيٍّ وتميمِ الداري؛ أَخَذَ بهِ جماعاتٌ منْ أَهلِ العلمِ؛ ولذلكَ إِذا صلَّى الإنسانُ معَ إِمامٍ فإنَّهُ يُصلِّي معهُ علَى نحوِ ما صَلَّى، ففِي الموطَّأِ عنْ يزيدَ بنِ رُومان قالَ: «كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فِي رَمَضَانَ، بِثَلاَثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً» الموطأ (380) ، وغالبُ المساجدِ تقومُ بإحدَى عشرةَ ركعة، والأمرُ في هَذا واسعٌ.
إذًا خلاصةُ ما يتعلَّقُ بِالعددِ أنَّ السُّنَّةَ إِحْدَى عشْرَةَ رَكْعَةً، هَذا الَّذي كانَ يَفْعَلُهُ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم - أَمَّا في زَمَنِ عُمَرَ فقدْ وردَ أنهُ زادَ عَددُ القِيامِ ليخففَ علَى الناسِ فِيما يتعلقُ بِطُولِ القيامِ في كثرةِ الركعاتِ، وهَذا أيسرُ لهمْ وأسهلُ مِنْ طُولِ القِيامِ بِقلةِ الركعاتِ، وَمَنقولٌ عنهُ منْ طرقٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عنهُ ـ أَنَّهُ أَمَر أُبيًّا وَتميمًا أنْ يَقُومُوا بإحْدَى عشرةَ ركعة. أخرجهُ مالكٌ في الموطَّأِ (379)، وَالنَّسائيُّ في الكبرَى (4670)، والطحاويُّ في شرحِ مَعاني الآثارِ (1741)، والبيهقيُّ في الكبرَى (4287) .
أما ما يتعلَّقُ بِما يقرأهُ في هذهِ الصلاةِ فالمستحبُّ أَنْ يَعْرِضَ المصحفَ عَلَى الناسِ، بمعنَى أنْ يقرأَ الإمامُ القرآنَ كامِلًا إنْ تيسرَ لهُ ذلكَ، فيقرأُ ما تيسرَ منَ القرآنِ، وهوَ بذلكَ خيرٌ وبركةٌ ويراعِي الإنسانُ حالَ مَنْ وراءهُ، لكنَّ الَّذي عليهِ عملُ الصحابةِ ـ رَضِيَ اللهُ تعالَى عنهمْ ـ هُوَ قِراءةُ القُرْآنِ كامِلًا في صَلاةِ قِيامِ رمضانَ.
فيما يتَّصِلُ بصفةِ هَذِهِ الصلاةِ الأصلُ فِيها ما ذكرهُ النبيُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وَسلمَ - «مثْنى مثنَى فإذا خشيتَ الصبحَ فأوترْ بواحدةٍ» بمعنَى أنهُ يوترُ بركعةٍ فيما يتعلقُ بالوترِ، جاء فيهِ صُور؛ جاءَ فيهِ أنهُ يفردهُ بركعةٍ واحدةٍ كما دلَّ عليهِ حديثُ ابنِ عمرَ، وجاءَ أنهُ يصلِّي ثلاثًا فردًا بتشهدٍ واحدٍ، وخَمسًا كذلكَ؛ كَما جاءَ في حديثِ عائشةَ ـ رضيَ اللهُ تعالَى عنْها ـ كانَ النبيُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ - «يوترُ بخمسٍ لا يقعدُ إِلَّا في آخرِهِنَّ» وقدْ رواه النسائيُّ السننُ الصُّغرىَ (1717)، وأصلُهُ في صحيحِ مُسْلِمٍ (737) ، فإذا صلَّى الإمامُ بهذا أوْ بهذا تَبعهُ المأْمومُ وأجزأهُ؛ لأنَّ المأمومَ تابِعٌ لإمامهِ فِيما يتعلقُ بعدَدِ ركعاتِ قِيامِ الليلِ.
أنا أُوصِي إخواني وأَخواتي إذا صلُّوا منفردينَ أنْ يتبعُوا السنةَ في طولِ القيامِ، وكذلكَ الأئِمَّةُ ينبغِي أنْ يحرصُوا علَى أنْ تكونَ صلاتهمْ فيها نوعٌ منَ التمييزِ في ركوعهِمْ وسجودِهِمْ؛ لأنَّ بعضَ المساجدِ فِيها سرعةٌ شديدةٌ بحيثُ لا يتمكَّنُ المصلُّونَ مِنْ دُعاءِ اللهِ - عزَّ وجلَّ - في سُجودهمْ وَلا منْ تقديسِهِ وتمجيدهِ في ركوعهمْ، يخففونَ الركوعَ والسجودَ علَى نحوٍ شديدٍ بحيثُ لا يتسعُ أَحْيانًا إِلَّا لتسبيحةٍ واحدةٍ في الركوعِ والسجودِ، وَهَذا نوعٌ منَ العجلةِ الَّتي تخرجُ عَمَّا ينبغِي أن يكونَ عليهِ صلاةُ الليلِ مِنَ الطولِ والأناةِ.
فيما يتعلقُ بالقُنوتِ، يستحبُّ القنوتُ في رمضانَ في النصفِ الأخيرِ منهُ في عملِ الصحابةِ رَضِيَ اللهُ تعالَى عنهمْ، لم يُنْقلْ عنِ النبيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّم - في ذلكَ شيءٌ، إنَّما المنقولُ هُو ما جاء عنِ الصحابَةِ ـ رَضيَ اللهُ تعالَى عنهمْ ـ فكانُوا يَقْنُتونَ في الشطرِ الأخيرِ مِنْ رمضانَ، وقدْ جاءَ عنِ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - في حديثِ الحسنِ أنهُ علَّمهُ الدُّعاءَ في القُنوتِ المسندُ (1718)، سننُ أبي داودَ (1425)، سننُ الترمذيِّ (464)، وحسنهُ، المجتَبى (1745)، سننُ ابنِ ماجه (1178)، وصححهُ ابنُ خزيمةَ (1095)، وابنُ حِبانَ (945)، والحاكمُ (4801) ، وجاءَ في بعضِ الرواياتِ كَما في صحيحِ ابنِ خزيمةَ (1095) أنهُ قالَ في قنوتِ الوترِ: «اللهمَّ اهْدِنا فيمنْ هديتَ».
والمأمومُ يتبعُ إمامهُ في الدُّعاء بأنْ يُؤمِّن علَى دُعائهِ، ولهُ في التأمِينِ حالانِ؛ إِما أنْ يؤمِّن إذا فرغ الإمام مِنَ الدُّعاءِ كامِلًا، وإِمَّا أنْ يؤمِّن في تمامِ كلِّ دعوةٍ علَى وجهِ الانْفرادِ، وَالأمْرُ في هَذا واسعٌ.
والسنةُ أن يرفعَ يديهِ في القُنوتِ؛ أيْ: عندَ الدعاءِ إلَى صدرهِ؛ لِثُبوتِ ذلكَ عنِ النبيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ - وأَصْحابهِ في قُنوتِ النوازلِ؛ كَما جاءَ في حدِيثِ ابنِ عباسٍ ـ رضيَ اللهُ تعالىَ عنهُ ـ في البيهقيِّ أَنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ - قنتَ وأصحابهُ ورفَعُوا أَيْدِيهمْ في القُنوتِ أخرجهُ البيهقيُّ في الكُبْرى (3098)، (3153)، والصغيرِ (425)، وَمعرفةِ السننِ (3917)، دونَ ذِكرِ رفع ِاليدينِ .
هذهِ بعضُ المسائلِ.
منَ الآدابِ الَّتي ينبغِي أنْ يُراعِيَها القائمُ أنْ يَحْضُرَ قلبهُ ويخشعَ في صلاتهِ، وأَنْ ينصِتَ لإمامِهِ في القِراءةِ، وَيُتابعُ معهُ، كُلَّ هَذا مما يَنبغِي أنْ يُلاحظهُ المصلِّي، ويدركُ بذلكَ إِنْ شاءَ اللهُ خَيرًا كثيرًا وأجرًا كبيرًا.
ولعلَّ ما بَقِي منْ أَحْكامِ تتعلقُ بِالقِيامِ يأْتِيَ مِنْ خِلالِ أسئلةِ المتصلينَ.
المقدمُ: خيرًا إِنْ شاءَ اللهُ باركَ اللهُ فيكمْ يا شيخُ خالد ونفعَ بعلمكمْ عَلَى ما ذكرتمْ منْ هذهِ المسائِلِ الهامَّةِ الَّتي تهمُّ المسلِمَ في صَلاةِ القِيامِ، سواءٌ في شهرِ رمضانَ أوْ في بقِيَّةِ الشهورِ الأُخْرَى، ولعلكمْ يا شيخَنا تأتُونَ إلَى ما يتعلقُ بهذهِ المسائلِ حوْلَ الوقْتِ الأَفْضلِ لِصلاةِ القيامِ، تَعلَمُونَ أَنَّ صَلاةَ القِيامِ تَكُونُ بَعدَ صلاةِ العِشاءِ بوقْتٍ يَسيرٍ، وَهُنالكَ مِنَ النُّصوصِ الدالَّةِ وَالحاضَّةِ علَى أنْ تَكُونَ صلاةِ القِيامِ في الثلثِ الأخيرِ منَ الليلِ.
الشيخُ: بالنسبةِ لصلاةِ التراويحِ العملِ الجارِي في أَكْثَرِ مساجدِ المسلمينَ أَنَّها تكونُ بَعْدَ صلاةِ العِشاءِ مباشرةً؛ وَلهذا يقومُ المصلُّونَ في المساجدِ، وهُوَ أفْضلُ منْ صَلاتهمْ في قِيامِ الليلِ منْ جِهةٍ موافقةُ الجماعةِ؛ وَلذلكَ استحبَّ جُمهورُ العلماءِ صلاةَ التراويحِ معَ الأئمةِ بالمساجدِ، وإنْ كانَ هَذا يفوِّتُ فضيلةَ الصلاةِ آخرَ الليلِ، لكنَّ إِظهارَ هذهِ الشعيرةِ والاجتماعَ عليْها أفضلُ؛ وَلهذا عُمرُ رضِيَ اللهُ تعالَى عنهُ لما جمعَ الناسَ علَى أُبيٍّ وتميمِ الداريِّ رَضِيَ اللهُ تعالَى عنِ الجميعِ أعجبهُ ذلكَ مِنْ جهةِ اجتماعِ الناسِ، وإنْ كانَ نومُهُمْ عنِ الصلاةِ آخرَ الليلِ يفُوتُ بِها فضيلةُ آخرِ الليلِ؛ لِقولِ النبيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ -: «مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ» أَخْرَجَهُ مسلِمٌ (755)  فذكرَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ - فضيلَتَها، لكنْ منْ جِهةٍ الاجتماعِ والشعيرةِ؛ صَلاةُ الليلِ في التراويحِ أفضلُ في قولِ جمهورِ العُلماءِ.
ولهذا عمرُ - رضيَ اللهُ تعالَى عنهُ - لما رآهمْ اجتمَعُوا قالَ: «نِعْمَ البِدْعَةُ هذهِ» ثمَّ قالَ في التنبيهِ علَى فضيلةِ الصلاةِ آخرَ اللَّيْلِ: «وَالَّتي ينامُونَ عَنْها أفضلُ منَ الَّتي يقومُونَ» أخرجهُ البُخاريُّ (2010)  يريدُ آخرَ الليلِ، وكانَ الناسُ يقومُونَ أولهُ، فَهذا عملٌ منذُ سالفِ الوقتِ أنَّ صلاةَ الليلِ في المساجدِ تكونُ في أولِ الليلِ.
لكنْ هذا لا يمنعُ أنهُ إِذا أرادَ إنسانٌ أنْ يُصلِّي آخرَ الليلِ صَلَّى ما كتبَ اللهُ تعالَى لهُ، لكنْ مِنْ غيرِ أنْ يوترَ، سيكتفي بِوترهِ في أولِ الليلِ؛ لكونِ النبيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ - قالَ كَما في حديثِ طلْقِ بْنِ علي: «لا وترانِ في ليلةٍ» المسندُ (16289)، سننُ أبي داودَ (1439)، سننُ الترمذيِّ (470)، المجتبَى (1679)، وصححهُ ابنُ خزيمةَ (1101)، وابنُ حبانَ (2449) ، فَلا يصحُّ أنْ يُكررَ الوِترَ مرةً أخرَى، بلْ يُوترَ مَعَ الإمامِ، ثمَّ إذا نشطَ ورَغِبَ في إدراكِ فضيلةِ الصَّلاةِ آخرَ الليلِ فيصلِي دُونَ أنْ يُوتِرَ.
المقدمُ: وصلاةُ الليلِ يا شيخنا باركَ اللهُ فيكمْ ركعتانِ ركعتانِ إلا الوترَ الأخيرةَ، لكنْ ماذا لوْ أرادَ امرؤٌ أن يصلِّيَ أرْبعًا ويجعلُ الوتْرَ خامسَةً هذهِ الأَرْبَعَةُ؟ هلْ يصحُّ ذلِكَ؟
الشيخُ: الوترُ جاءَ علَى صُورٍ متعددةٍ، فجاءَ الوترُ خمْسًا وسَبْعًا وتسْعًا عنِ النبيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ -، هَذا مِنْ فعلهِ، وكذلكَ جاءَ عنهُ أنَّهُ قالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ» أَخرجَهُ أبُو داودَ في السُّننِ (1422)، والنسائِيُّ في الصُّغْرى (1712)، وصححهُ ابنُ حبانَ (2407)، وَالحاكمُ (1130)  فالوِترُ جاءَ عَلَى صُور، ولكنْ فِيما يتعلقُ بِالمعمولِ بهِ الآنَ في المساجدِ هُوَ صلاةُ مثْنَى مَثْنَى ثُمَّ يوترُ بركعةٍ، وأَحْيانًا قد يوترُ بِثلاثٍ، وَهَذا أرْفَقُ بِالناسِ؛ لأنَّهُ لوْ أوتَرَ الإمامُ بخمسٍ وكانَ خلفهُ مَنْ يَرغبُ أنْ يَكتفِيَ بركعتينِ وينصرفَ أوْ قدْ يطرأُ عليهِ ما يحتاجُ معهُ إِلَى خُروجٍ أوْ إِلَى تجديدِ وُضُوءٍ ونحوِ ذلكَ؛ فيكونُ في ذلكَ مشقةٌ عليهِ؛ ولهذا المعمولُ بهِ في المساجد والجاري في عملِ الأئمةِ أنْ يُصَلُّوا ركعتينِ ركعتينِ ويوتِرُوا بواحدةٍ أو يُوتِرُوا بثلاثٍ كَما جاءَ في حديثِ عائشةَ، والأمْرُ في هذا يسيرٌ.
لكنْ لوْ أن أَحَدًا صَلَّى عَلَى خِلافِ هَذا فأوترَ بخمسٍ وكانَ يُصَلِّي لنفسهِ، الأمرُ في هَذا واسعٌ؛ لأَنَّ الوترَ وردَ عَلَى صُوَرٍ متعدَّدِةٍ، لكنَّ الأئمةَ ينبغِي أنْ يُصلُّوا علَى نَحْوِ ما ذكِرَ فَيصلُّوا رَكْعَتَيْنِ ركعتينِ كَما كانَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - يفعلُ.
المقدمُ: باركَ اللهُ فيكمْ يا شيخَنا، أيْضًا حبَّذا أنْ تَأْتُوا إِلَى شيءٍ مِنَ الأَسْبابِ المعينةِ عَلَى القيامِ وَإدراكِ ما فاتَ، هُناكَ مَنْ بَدَأَ شهْرَ رَمَضانَ بِحماسٍ وبمثابرةٍ وَحِرْصٍ عَلَى اغْتِنامِ الأُجُورِ، لكنْ ما إِنْ انْتَصفَ الشهرُ بدأَ شيءٌ مِنَ الفُتورِ يدبُّ إِليهِ والانشغالُ بالأَسْواقِ وَما إِلَى ذلكَ لِيُحاوِلَ أنْ يَستعِدَّ إِلَى ما بعدَ رمضانَ؛ فكيفَ لهُ أَنْ يبقِيَ عَلَى هذهِ الأَسْبابِ المعينةِ علَى قِيامِ اللَّيْلِ واغْتِنامِ الفجْرِ؟
الشيخُ: لاشكَّ أنَّ النَّفْسَ قَدْ يَعْتِريها شَيْءٌ مِنَ الكسلِ أَوِ الضَّعْفِ أَوِ المللِ، ولكنَّ العاقلَ الرَّشِيدَ يعلمُ أنَّ هَذا الموسمَ قصيرٌ وأَنَّهُ سريعُ الزوالِ والانقضاءِ وأنَّ الفضائلَ وَالخيراتِ الَّتي فِيهِ غالبُها في آخرهِ، وإِنْ كانَ كُلُّهُ فاضِلًا، لكنَّ الفضائِلَ العُظْمَى في هَذا الشهرِ هِيَ في آخرهِ: «مَنْ قامَ ليلةَ القدرِ إِيمانًا وَاحْتِسابًا غُفِرَ لهُ ما تقدمَ منْ ذنبهِ»، والنبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عليهِ وعلَى آلهِ وسلَّم ـ كانَ يعتكفُ - صلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّم - العشرُ الأَواخِرُ وَهِيَ آخِرُ العَملِ في هَذا الشَّهر إيذانًا بأَنَّ الأعمالِ بخواتِيمِها، فينبغِي للإنْسانِ أَنْ يجدَّ، وَهَذا هُوَ الجارِي، كُلَّما قَرُبَ الانتهاءُ منَ الشيءِ الفاضلِ والخيِّر والَّذي فيهِ غنيمةٌ جَدَّ الإنْسانُ لِلاسْتِكْثارِ مِمَّا فيهِ مِنَ الخيراتِ.
ولذلكَ أنا أُوصِي نفسي وإِخْواني بأَنْ نَدَفع عَنَّا المللَ وَالسآمَةَ، وأَنْ نُدركَ فضيلةَ الزمانِ وَسرعةَ انقْضائهِ وَذَهابِ ما فيهِ مِنْ خيراتٍ، وأنَّ الخيرَ الَّذي فيهِ سُرعانَ ما ينقضي، نحنُ بِالأَمْسِ القريبِ نستقبلُ الشهرَ، اليومَ ليلةُ خمسةَ عشرَ؛ أيْ: ليلةُ النصفِ منهُ، وهَذا يُشعرنا بأنَّ الأربعةَ عشرَ أوِ النصفَ الذي مَضَى هَذا ما أَسْرَعَ ما مَضَى، والرابحُ فيهِ هُوَ مَنْ جَدَّ فيهِ بِالصالحاتِ وعمَّرهُ بِالطاعاتِ، والبقيةُ ما أسرعُ ما تَكُونَ ذهابًا كالَّذِي مضَى، ما بقِيَ مِنْ أَعْمالِنا وَزمانِنا في سُرعةِ انْقِضائهِ كسرعةِ انقضاءِ ما مَضَى مِنْ أيامِنا وليالِينا وأَعمارِنا.
وَلهذا الراشدُ يُجدُّ في الساعةِ الحاضرَةِ ويعزمُ علَى الرُّشْدِ فِيما يُسْتَقْبلُ مِنْ زَمانِهِ، وَيستعينُ اللهَ تعالَى بِكثرةِ دُعائهِ وَاللَّجـأِ إِلَيهِ أَنْ يَفتحَ عليهِ أَبوابَ الخيرِ، أنْ يُعينَهُ علَى الطاعةِ وَالإحْسانِ، يكثر مِنْ قولِ: لا حولَ وَلا قوةِ إِلَّا بِاللهِ، يلزمُ الصُّحبةَ الطيبةَ، يبعدُ عنِ المشغِّلاتِ الَّتي تصرفُهُ عنِ الخيرِ، وَما يتعلَّقُ بِما يحتاجُ مِنْ قَضاءٍ الأَعْمالِ الَّتي لابدَّ لَهُ مِنْها يُمكنُ أنْ يَنتقِي فِيها الأوْقاتُ الَّتي تكونُ أقلُّ زحامًا وأخفُّ كَثافةً وَلا تفوتُهُ هَذهِ الفضائلُ المباركةُ والخيراتُ النازلةُ في هذهِ اللَّيالِي العظيمةِ وَفِي هذهِ الأيامِ الكريمةِ مِنْ شَهْرِ رَمضانِ المباركِ.
ولذلكَ نَقُولِ: يا إِخواني هَذِهِ الأَيامِ غَنائِم فِيها هِباتٌ وَعَطايا وَتجلِيَّاتِ لِفَضْلِ اللهِ وَإِحْسانهِ عَلَى عبادِهِ، الرابِحُ هُوَ مَنِ استكثرَ، الرابحُ هُوَ منِ اغتنمَ لحظاتِ زمانهِ، الرابحُ هُوَ منْ جَدَّ في لحظاتهِ فلمْ يضيعِ منْها شيئًا، المشغولُ ينبغِي أَنْ يخففَ شغلهِ، والفارغُ ينبغِي أنْ يعمرُ وقتَهُ، «نعمتانِ مغبونٌ فِيهما كثيرٌ منَ الناسِ: الصِّحة ُوالفراغُ» أخرجهُ البُخاريُّ (6412) .
ونحنُ وللهِ الحمدُ نعملُ في غالبِ أَحْوالِنا في هَذا الزَّمانِ وفي بِلادِنا المباركةِ في المملكةِ العربيَّةِ السُّعُودِيَّةِ وللهِ الحمدُ، والصحَّةُ وافرةٌ والخيراتُ متتابعةٌ والأمْن وارفٌ، والناسُ يعيشُونَ رَغدًا منَ العَيشِ وطُمأنينةً، وَحَتَّى الفقير يجدُ ما قدْ لا يجدهُ الأغنياءِ في جهةٍ أخْرَى، فنحمدُ اللهَ عَلَى فضْلِهِ، ونسأَلُهُ أَنْ يُعِينَنا علَى مقابلةِ هذهِ النِّعمِ بِشكرهِ وَالثناءِ عليهِ والدُّعاءِ لأنْفُسِنا بكلِّ خيرٍ ولِوُلاةِ أَمْرِنا بِما يعينهمْ ويسددُهُمْ وينصرهُمْ عَلَى ما يبذلُونَهُ مِنْ تَوفيرِ الأمْنِ وَرعايةِ العِبادِ وَالبِلادِ وإصْلاحِ شُئُونهِ، فَنحْمدُ اللهَ عَلَى ذلكَ، نسألُ اللهَ أنْ يجزيهُمْ خَيرَ الجزاءِ.
المقدمُ: شيخنا فِيما يَتعلقُ أَيْضًا بالاهْتِمامِ بِالمسلمينَ وَبأُمُورهِمْ وَما يُعينهمْ عَلَى الطاعَةِ وَالعِبادَةِ في شهرِ رَمضانَ، اهتمامُ هذهِ البلادِ المباركةِ - وللهِ الحمدُ - بالمساجِدِ، بِالحرميْنِ الشريفينِ، بِالمساجدِ حتَّى في العالمِ الإسلامِيِّ وَما يعينُ المسلمينَ في كلِّ مكانٍ منْ بعثِ نُسخٍ وفيرةٍ وكثيرةٍ مِنَ المصاحِفِ المطبوعةِ في بلادِنا المباركةِ إِلَى هذهِ البلدانِ، بلغُتهِمْ، بِمعانِيها، بِكلِّ ما يُعينهم عَلَى القُربِ والوصولِ إِلَى اللهِ تعالَى وَإِلَى أَعْلَى الدرجاتِ.
الشيخُ: الحمدُ للهِ، هَذا منْ فضلِ اللهِ علَى هذهِ البلادِ، هذهِ البلادُ - وللهِ الحمدُ - مِنْ خيرِ البلادِ للناسِ، القريبُ والبعيدُ، مَنْ عاشَ فيها وَمن بعد عَنْها، فنحنُ - وللهِ الحمدُ - نشهدُ الخيراتِ الوفيرةَ في بَلادِنا وَنبصرها ونلْمَسُها في جَوانِبَ حياتِنا كُلِّها الدينية والدنيويةِ، فللهِ الحمدُ والشكرُ، وخير هذِهِ البلادُ وافِر للعالمِ بكلِّ صورهِ، فِيما يتعلقُ بِالمصاحف، فِيما يتعلَّقُ بِالمساجدِ، فِيما يتعلقُ بِالإغاثةِ والنجدةِ، فِيما يتعلقُ بِتبني قَضايا المسلمينَ والسعْيِ في إِصْلاحِ أحوالهمْ، بَلْ خيرِها تجاوزَ المسلمينَ إِلَى البشريةِ كافَّة بما تبذلُ هذهِ البلادُ مِنْ خيرٍ عامٍ واسعٍ يعمُّ البشرَ والإنسانيةَ كافةً، وهَذا مِنْ نعمةِ اللهِ تعالَى عليْنا، فنسألُ اللهَ تعالَى أنْ يديمُ عليْنا فضلهُ، وأَنْ يرزُقَنا شكرَ نعمَهُ، وأنْ يوفِّقَ وُلاةَ أمرِنا الملكَ سلْمانَ ووِلِيَّ عهدهِ وسائرَ القائِمينَ علَى هذهِ البلاد بِما يبذلُونهُ وما يقدمونهُ مِنْ خيرٍ، أسألَ اللهُ تعالَى أَلَّا يحرمهمُ الأجرَ وأنْ يُضاعفَ لهمُ المثوبةَ، وأنْ ينصرُ هذهِ البلادَ عَلَى كلَّ منْ كادَها أَوْ عاداها أَوْ سَعَى في الإِضرارِ بِها منْ قريبٍ أو بعيدٍ، ظاهرٍ أوْ مستترٍ.
المقدمُ: اللهمَّ آمين إنهُ قويٌ عزيزٌ. شيخُنا باركَ اللهُ فيكمْ. فِيما يتعلقُ بِصَلاةِ الليلِ هناكَ مَنْ يسأَلُ عنِ الفرقِ بينَ صَلاةِ التراويحِ وصَلاةِ التهجدِ؛ هلْ بينهُما فرقٌ؟
الشيخُ: كِلاهُما قيامُ ليلٍ، ولكنهُ اخْتِلافُ تسمياتٍ منْ جهةٍ، ومنْ جهةٍ أخْرى أنَّ التراويحَ تُطلقُ علَى قِيامِ الليلِ في أَولهِ، والتهجدُ يُطلقُ علَى قِيامِ الليلِ الَّذِي يعقُبُ نَوْمًا في الغالبِ؛ لأَنَّ مِنَ العلماءِ منْ يَقولُ: لا يكونُ التهجدُ إِلا بَعد نوْمٍ، ولكنْ في كُلَّ الأَحوالِ صلاةُ القِيامِ هيَ شاملةٌ لهذا وهَذا، فَقِيامُ رَمضانَ يحصلُ بِهذا وذاكَ، بِصلاةِ التراويحِ وبصلاةِ التهجدِ، الفاصلِ بينَهُما فِيما يتعلقُ بالعشرِ الأواخرِ قديمٌ ومعروفٌ عندَ العُلماءِ منْ زمنٍ، وقدْ تكلمَ عنهُ فُقهاءُ الحنابلةِ وَسُمِّي بِالتعقيبِ، وهوَ أنْ يُصلُّوا ما كتبَ اللهُ لهمْ ثمَّ يَنصرِفُوا ثمَّ يَعُودُوا ليصلوُّا ما يكتبُ اللهُ لهمْ منْ صلاةِ الليلِ، وَهَذا كلهُ مِنْ قيامِ الليلِ، أسأَلُ اللهَ أنْ يُعِينَنا علَى الطَّاعَةِ وَالالْتِزامِ.
المقدمُ: شَيْخُنا باركَ اللهُ فِيكُمْ؛ هَلْ يُمْكِنُ قَضاءُ صَلاةِ القِيامِ إِذا ما أَدْركَ المرءَ نعاسٌ أوْ نومٌ فنامَ الليلَ ثمَّ أدركَ السُّحُورَ وصلَّى الفجرَ وأشرقتِ الشمسُ بعدَ ذلكَ؛ هَل لهُ أنْ يحاولَ أنْ يقضِي شيئًا مِنْ قِيامِ الليلِ؟
الشيخُ: منْ نامَ عنْ حِزبهِ بمعْنَى منْ نامَ عما جرتْ عادتهُ أنْ يُصليهِ منَ الليلِ فإنهُ يقضيهُ نَهارًا، وقدْ فعلَ ذلكَ النبيُّ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وعلَى آلهِ وسَلَّمَ ـ وأمَرَ بهِ، ففيما جاء من حديث عمر بن الخطاب ـ رضي الله تعالى عنه ـ أنه قال: «مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ، أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَصَلَاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ» أخرجه مسلم (747)  والحزب هنا يشمل ما يقرأه من القرآن أو ما يصليه؛ فالنبي - صلى الله عليه وسلم - كما جاء عن عائشة ـ رضي الله تعالى عنها ـ كان إذا نام عن حزبه لمرض أو لعارض صلَّاه من الضحى ثنتي عشرة ركعة. أخرجه مسلم (746) . هذا ما كان يفعله صلى الله عليه وسلم .
وبالتالي من نام عن حزبه أي غُلب فلم يتمكن من صلاة الليل لنوم غشاه أو نحو ذلك فإنه يصليه من الضحى؛ أي: بعد شروق الشمس على ما كتب الله تعالى له؛ أي: يصليه ثنتي عشرة ركعة أو عشر ركعات أو ثماني ركعات حسب ما يفتح الله تعالى عليه من ذلك؛ لما جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - من أنه كان إذا نام عن حزبه أو فاته صلَّاه من الضحى ثنتي عشرة ركعة.
المقدم: بارك الله فيكم يا شيخ خالد ونفع بكم، فيما يتعلق أيضًا بالأسر ومن كان لديه صبي أو بنت وأوشك على البلوغ أو بلغ كيف له أن يراقب الصبي والبنت أيضًا وأن يتحرى علامات البلوغ الحقيقية حتى يكون أيضًا في الاتجاه الصحيح فيما يتعلق بالصلاة والصيام؟
الشيخ: الأبناء والبنات مسئولية عظيمة؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: «مرو أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر» المسند (6756)، سنن أبي داود (495)، وصححه الحاكم (708) ، والله ـ تعالى ـ يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُالتحريم: 6  ويقول ـ تعالى ـ: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَاطه: 132 .
حق الولد على والده أن يرعاه ذكرًا أو أنثى، ابنًا أو بنتًا، أن يرعاه، وأن يعينه على القيام بحق الله تعالى وطاعته قدر طاقته ويبذل الأسباب في ذلك.
علامات البلوغ معروفة، إذا قارب الأمر الحد الذي يكون فيه البلوغ يمكن للأب أن يبين للولد ذكرًا أو أنثى، الأنثى لأمها أقرب، والابن للأب أقرب، ويبصره بما يكون من علامات البلوغ إذا احتاج إلى أن يبين له ذلك حتى يكون على بصيرة.
وفي الجملة العناية بالأهل والزوجات، والتعاون على البر والتقوى بين الأزواج؛ الزوجة تعين زوجها والزوج يعين زوجته، والأبوان يراعيان أولادهما في هذه الأيام المباركة حثًّا وترغيبًا في الخير - هو مما جرى عليه عمل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعلى عظيم اشتغاله - صلى الله عليه وسلم - في تحري ليلة القدر لم يكن يغفل عن أهله، بل جاء في حديث عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل العشر أحيا ليله» يعني بالطاعة والذكر وقراءة القرآن والصلاة وسائر أعمال الخير، «وأيقظ أهله» أخرجه البخاري (2024)، ومسلم (1174)  أي: أمرهم بالاستيقاظ، فلا يمضون الليلة كاملًا بالنوم. واليوم هم لا ينامون؛ أكثر الأبناء والبنات والناس رجالًا ونساءً لا ينامون، لكن قد يمضون أوقاتهم فيما لا فائدة فيه، فينبهون أن يستغلوا شيئًا من الليل في تلاوة القرآن، يستغلوا شيئًا من الليل في الصلاة، يستغلوا شيئًا من الليل في الذكر والاستغفار والتوبة إلى الله - عز وجل - فإنه من حق أولادنا وأهلينا علينا.
ونقول هنا: الرجل والمرأة كلٌّ يتحمل مسئولية، «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته» أخرجه البخاري (893)، ومسلم (1829) ، فإذا كان الرجل منتبهًا لزوجته وأولاده، إذا كانت المرأة أكثر تنبهًا لزوجها وأولادها، وأحيانًا قد يكون الأولاد من الذكور والإناث أكثر استقامةً من آبائهم، فينبهون آباءهم، ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىالمائدة: 2  فكلنا يبذل جهده في الحث على الخير واغتنام هذا الموسم المبارك و«مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ» أخرجهُ مسلمٌ (1893) ، نسألُ اللهَ أنْ يستعملَنا وإياكمْ في طاعتهِ، وأنْ يُعينَنا وإياكمْ علَى ذكرهِ وشكرهِ وحسنِ عبادتِهِ.
المقدمُ: شكرَ اللهُ لكمْ يا شيخَنا وباركَ اللهُ فيكمْ ونفعَ بعلمكمْ علَى ما ذكرتُموهُ في هذا اللقاءِ حوْلَ مَسائلَ في قيامِ الليلِ، كذلكَ ما ذكرتُموهُ في خِتامِ هَذا اللقاءِ في حديثكمْ عنِ الاهْتمامِ الأُسري وضرورةِ الاهتمامِ منْ جانبِ الوالديْنِ وأوْلِياءِ الأمورِ بالناشئة، والحرصِ عَلَى اغتنامِ هذا الشهرِ المباركِ. الكلمةِ الأخيرة لكمْ قبْلَ الخِتامِ باركَ اللهُ فيكمْ.
الشيخُ: أَنا أقُولَ لإِخْواني وأَخَواتي: لَيالي هَذا الشهرِ مَعْدُودةٌ، واللهُ تعالَى عندَما فرضهُ بَيْنَ قِلِّتهِ فَقالَ: ﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍالبقرةُ: 184 ، ونَحنُ نَعدُّها يومًا يومًا وليلةً ليلة، فلنُجِدَّ ولنجْتهِدْ وَلْنشتغِلْ بِالصالحِ مِنَ العملِ، «لا تحقرنَّ منَ المعرُوفِ شيْئًا» أَخرجهُ مسلمٌ (2626) ، وكلُّ بابٍ منْ أَبوابٍ الخيرُ يفتحُ لكَ فَلا تُفَوِّتهُ، بادرْ إِليهِ وَاجْتهدَ في اغتنامهِ، واسألِ اللهَ أَنْ يقْبَلَكَ؛ فلعلَّ السجْدةَ الَّتي تكونُ فِيها نجاتكَ في إِحْدى سَجداتكَ في هَذا الموسمِ المباركِ.
أسألُ اللهَ العظيمَ ربَّ العرشِ الكريمِ أنْ يرزُقَني وَإِياكمُ البِرَّ وَالتَقْوَى، وأَنْ يَستعمِلَنا فيما يحبُّ وَيرْضَى، وأنْ يَجعلَنا ممنْ يصُومُ هَذا الشهرَ وَيقومُهُ إِيمانًا واحْتِسابًا ويوفقنا لِقيامِ ليلةِ القدرِ إِيمانًا واحْتِسابًا، كَما نسألهُ - جلَّ في عُلاهُ - أَنْ يَحفظَ بلادَنا منْ كُلِّ سُوءٍ وشرٍّ، وأنْ يَنصُرنا عَلَى مَنْ عادانا، وأَنْ يحفَظَ جُنودَنا المرابطينَ والمقاتلينَ وَرجالَ الأمْنِ، وأنْ يوفِّقَ وَلِيَّ أمرِنا الملكَ سلْمانَ ووليَّ عهدهِ إلَى ما يُحبُّ ويرضَى، وأنْ يُسدِّدَهُمْ في الأقوالِ والأعمالِ، وأنْ يعمُّ بالخيرِ بِلادَ الإسلامِ وسائرَ البشرِ، وَصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ علىَ نبينا محمَّدٍ.
المقدمُ: شكرَ اللهُ لكمْ فضيلةَ الشيخ الدكتورِ/ خالد المصلح؛ الأُستاذُ بكليةِ الشريعةِ بِجامعةِ القَصيمِ عَلَى ما أفضْتمْ وأفَدْتُمْ في ثَنايا هذهِ الحلقةِ حَوْلَ مَسائلِ في قيامِ الليلِ، أَيْضًا أنتمْ مُسْتمعينا الكرامَ الشكرُ موصولٌ لكمْ علَى طيبِ المتابعةِ والإنصاتِ، غدًا إنْ شاءَ اللهُ لِقاءَ يتجددُ معكمْ في "ينابيعِ الفتوَى"، حتَّى ذلكَ الحينِ لكمْ مني أطيبُ تحيةٍ؛ مني محمدُ الجريني وأخِي مصطفَى الصَّحفيُّ مِنْ الإخراجِ، والسلامُ عليكمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94836 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات90496 )

مواد مقترحة

445. Jealousy
8198. مقدمة.
8257. مقدمة
12089.