السؤال:
في قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} هل الخطاب في قوله: (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) للذين يطيقونه؟ وما الحكمة من ذلك؟
الجواب:
في هذا عدة أقوال لأهل التفسير، وقوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} هذه الآية قبل فرض صيام رمضان؛ لأنه قال: { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿١٨٣﴾ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚفَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}من سورة البقرة: الآية 183، ثم قال: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، فكان الصيام اختياريًّا، من شاء صام، ومن شاء افتدى بدفع كفارة، ولذلك قال جل وعلا: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} أي: يقدرون على صيامه ثم الذين لا يصومون {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أي: أن الصيام خير لكم من الفطر والفدية، وهذا واضح لا إشكال فيه، وعلى هذا القول فالآية منسوخة بقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}.
ومن أهل العلم من قال: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} أي: الذين يستطيعونه بمشقة وعناء خارج عن المعتاد، فلهم الفطر وعليهم الفدية، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكينًا»رواه البخاري (4505)، والله أعلم.