قوله - رحمه الله-: «ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله وأزواجه وذرياته فقد برئ من النفاق» أي: إن من طاب كلامه في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه وذرياته، فلم يقل فيهم إلا خيرا، ولم يذكرهم إلا بالبر والفضل؛ فقد سلم من النفاق. وذلك أن من علامات النفاق ودلائله بغض من أحبه الله ورسوله، وهؤلاء الصحابة - رضي الله عنهم - هم أعظم هذه الأمة إيمانا، وأجلها قدرا وأرفعها مكانة، فمن أبغضهم فقلبه مشوب بالنفاق. يدل لذلك ما في «الصحيحين» من حديث أنس - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار» ("صحيح البخاري" (17)، ومسلم (74) ، وأيضا ما في «الصحيحين» من حديث البراء - رضي الله عنه -، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : «الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق، فمن أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله» (" صحيح البخاري" (3783)، ومسلم (75) . فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم بغض الأنصار نفاقا، والمهاجرون أعظم منهم قدرا ومنزلة، كما سبق؛ فبغضهم أشد نفاقا وبعدا عن الإيمان من باب أولى. وكذلك أزواجه وأهل بيته وذريته لا يبغضهم إلا منقوص الإيمان منافق، فأزواجه أخص أصحابه، وأما أهل بيته وذريته فمن أدركه منهم مؤمنا فهو أخص الناس به، وأما من لم يدركه فهو مشمول بوصيته صلى الله عليه وسلم في مثل قوله: «أذكركم الله في أهل بيتي» ("صحيح مسلم" (2408)
وقد ورد في حديث رواه أحمد وغيره من حديث عبد المطلب بن ربيعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والله لا يدخل قلب امرئ إيمان حتى يحبكم لله، ولقرابتي» (أخرجه أحمد في " المسند" (1/ 207)