قوله:"وفي عرصة القيامة الحوض المورود للنبي صلى الله عليه وسلم (جاء في جامع الترمذي عن سمرة: "إن لكل نبي حوضا") ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء، طوله شهر، وعرضه شهر، من يشرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدا".
ويدل على ثبوت الحوض لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى: {إنا أعطيناك الكوثر} الكوثر: 1 «وهو الخير الكثير الذي آتاه الله في الدنيا والآخرة، فمما أعطاه في الدنيا الهدى، والنصر، والتاييد، وقرة العين والنفس، وشرح الصدر، ونعم قلبه بذكره وحبه؛ بحيث لا يشبه نعيمه نعيم في الدنيا ألبتة، وأعطاه في الآخرة الوسيلة، والمقام المحمود، وجعله أول من يفتح له ولأمته باب الجنة، وأعطاه في الآخرة لواء الحمد، والحوض العظيم في موقف القيامة، إلى غير ذلك» (مجموع الفتاوى (16/ 527 – 528). وقد جاء فيه من الأحاديث ما بلغ حد التواتر.
وكل هذه الأوصاف للحوض قد صحت عن النبي المختار صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (حوضي مسيرة شهر، ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه عدد نجوم السماء، من شرب منه فلا يظمأ أبدا) (البخاري (6597)، ومسلم (2292)، وفي رواية مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وزواياه سواء" من طريق نافع بن عمر عن أبي مليكة به)، وفي صحيح مسلم من حديث ثوبان وأبي ذر في وصف الحوض؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وأحلى من العسل) ((2301)، وفي رواية أبي ذر: (عرضه مثل طوله) ((2300).
مسألة:
«هل الحوض مختص بنبينا صلى الله عليه وسلم، أم لكل نبي حوض؟ فالحوض الأعظم مختص به، لا يشركه فيه نبي غيره. وأما سائر الأنبياء فقد قال الترمذي في الجامع ((2443): حدثنا أحمد بن محمد بن نيزك البغدادي، حدثنا محمد بن بكار الدمشقي، حدثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لكل نبي حوضا، وإنهم يتباهون أيهم أكثر واردة, وإني لأرجو أن أكون أكثرهم واردة. وقال الترمذي: هذا حديث غريب. وقد روى الأشعث بن عبد الملك هذا الحديث عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، ولم يذكر فيه: عن سمرة، وهو أصح. وفي مسند البزار من حديث عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لي حوضا ما بين بيت المقدس إلى الكعبة أبيض من اللبن، فيه عدد الكواكب آنية، وأنا فرطكم على الحوض، ولكل نبي حوض، وكل نبي يدعو أمته؛ فمنهم من يرد عليه فئام من الناس، ومنهم من يرد عليه ما هو دون ذلك، ومنهم من يرد عليه العصابة، ومنهم من يرد عليه الرجلان والرجل، ومنهم من لا يرد عليه أحد.
فيقول: اللهم قد بلغت، اللهم قد بلغت ثلاثا، وذكر الحديث» (حاشية ابن القيم على أبي داود (13/ 57).