نَحْنُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ مِنْطَقَةِ شِنْجِيَانْغْ الْوَاقِعَةِ فِي شَمَالِ غَرْبِ الصِّينِ، نَعِيشُ فِي مَدِينَةٍ صَغِيرَةٍ تُعَدُّ مِنْ أَفْقَرِ الْمُدُنِ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَهَبَهَا ثَرْوَةً طَبِيعِيَّةً مَعْدِنِيَّةً وَهِيَ الْأَحْجَارُ الْكَرِيمَةُ؛ فَلِذَا مِنَ الْبَدِيهِيِّ أَنْ يُوجَدَ مَنْ يُتَاجِرُ بِهَا، وَبِالتَّالِي يَصِلُ عَدَدُ الْمُزَاوِلِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى عِشْرِينَ أَلْفَ شَخْصٍ أَوْ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ، هَذَا مَا عَدَا الْمُنْتَفِعِينَ مِنْهَا، وَعَلَى هَذَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نُقَسِّمَهُمْ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
1- الْأَيْدِي الْعَامِلَةُ: وَيَقُومُ هَؤُلَاءِ بِحَفْرِ وَتَنْقِيبِ الْمَعَادِنِ مُقَابِلَ أُجُورٍ لِمَالِكِي الْمَعَادِنِ.
2- الْوُسَطَاءُ: وَيَقُومُ هَؤُلَاءِ بِشِرَاءِ الْأَحْجَارِ الْمُسْتَخْرَجَةِ مِنَ الْمَعَادِنِ وَيَبِيعُونَهَا لِلنَّاقِلِينَ.
3- النَّاقِلُونَ: يَقُومُ هَؤُلَاءِ بِشِرَاءِ الْأَحْجَارِ مِنَ الْوُسَطَاءِ- وَأَحْيَانًا مِنَ الْمَعَادِنِ مُبَاشَرَةً- وَبَعْدَمَا تُصْبِحُ لَدَيْهِمْ كَمِّيَّةٌ كَبِيرَةٌ مِنَ الْأَحْجَارِ يَذْهَبُونَ بِهَا إِلَى الْمُدُنِ الصِّينِيَّةِ الْأُخْرَى الْبَعِيدَةِ وَيَبِيعُونَهَا إِلَى غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ النَّحَّاتِينَ وَالنَّقَّاشِينَ الَّذِينَ يَنْحِتُونَ مِنْهَا بِنِسْبَةِ 70% أَشْكَالًا مُجَسَّمَةً مِثْلَ: الْأَصْنَامِ، وَالتَّمَاثِيلِ، وَالْحَيَوَانَاتِ، وَبِنِسْبَةِ 30% أَشْكَالًا غَيْرَ مُجَسَّمَةٍ، مِثْلَ: الْأَسْوِرَةِ، وَالْخَوَاتِمِ، عِلْمًا بِأَنَّ الْأَحْجَارَ- بِحَسَبِ أَسْعَارِهَا- تَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
- الْأَحْجَارُ ذَاتُ الْأَسْعَارِ الْغَالِيَةِ- وَهِيَ تَحْتَلُّ نِسْبَةً ضَئِيلَةً جِدًّا – لَا يَصْنَعُ مِنْهَا النَّحَّاتُ شَيْئًا، بَلْ يَحْتَفِظُ بِهَا لِلتَّبَاهِي وَالتَّفَاخُرِ.
- الْأَحْجَارُ ذَاتُ الْأَسْعَارِ الرَّخِيصَةِ- وَهِيَ تَحْتَلُّ النِّسْبَةَ الْكَبِيرَةَ مِنْهَا- الَّتِي يَنْحِتُ مِنْهَا النَّحَّاتُ الْأَشْكَالَ الْمُجَسَّمَةَ وَغَيْرَ الْمُجَسَّمَةِ كَمَا ذَكَرْتُ بِعَالِيهِ.
وَنُفِيدُكُمْ بِأَنَّ أَغْلَبِيَّةَ الْمُزَاوِلِينَ مِنْ خِيرَةِ الرِّجَالِ الَّذِينَ يَتَفَانَوْنَ فِي بَذْلِ مَا عِنْدَهُمْ لِلْأُمُورِ الْخَيْرِيَّةِ وَمُسَاعَدَةِ الْفُقَرَاءِ، وَهُمْ كَذَلِكَ مِنْ الْمُتَمَسِّكِينَ بِالْعَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ، وَمِمَّا يَجْدُرُ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ بِأَنَّ عُمْدَةَ اقْتِصَادِ الْمُسْلِمِينَ فِي أَيْدِي مُزَاوِلِي هَذِهِ التِّجَارَةِ، وَإِذَا لَمْ يُزَاوِلْهَا الْمُسْلِمُونَ فَمِنَ الْمُؤَكَّدِ جِدًّا أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَيْهَا غَيْرُ الْمُسْلِمِينَ، وَبِالتَّالِي يَضْعُفُ اقْتِصَادُ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَمَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِلَّا أَنْ يَقِفُوا مَكْتُوفِي الْأَيْدِي تُجَاهَ الْأُمُورِ الْخَيْرِيَّةِ. وَالسُّؤَالُ الْآنَ: هُوَ مَا حُكْمُ هَذِهِ التِّجَارَةِ؟ وَكَيْفَ تُؤَدَّى زَكَاتُهَا؟ وَإِذَا كَانَتْ حَرَامًا فَكَيْفَ تُصْرَفُ الْأَمْوَالُ الْمُكْتَسَبَةُ مِنْهَا؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ بِالتَّفْصِيلِ مَعَ ذِكْرِ الْأَدِلَّةِ.